في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة التي يواجهها اليمن، يبرز توطين الصناعات كركيزة أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتقليل الاعتماد على الواردات، كما يؤدي الى خلق فرص عمل جديدة ويقلل معدلات البطالة ويسهم في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وعلاوة على ذلك، فإن توطين الصناعة يساهم في بناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار، وهو ما يعتبر أساسًا للتنمية الحقيقية في أي بلد.
وفي هذا السياق، يبرز مصنع “نيو سام” كعلامة تجارية منافسة في مجال الصناعات الكهربائية، إذ تضيف إلى شعار “صنع في اليمن” الكثير من المميزات المؤهلة للمنافسة مع المنتجات المستوردة.
وخلال زيارة نائب رئيس الهيئة العامة للعلوم والبحوث والتكنولوجيا والابتكار الدكتور عبد العزيز الحوري برفقة فريق فني من الخبراء في الهيئة، قاموا خلالها بالاطلاع على منتجات المصنع الذي تصل الى أكثر من 50 منتج وطني ، وفي أثناء الزيارة جرت عملية الاختبار والمقارنة لبعض منتجات المصنع مع منتجات مستوردة من نفس الاصناف، حيث تم ملاحظة الميزات التنافسية للمنتج المحلي والتي كان أبرزها تميز المنتج المحلي بوجود عناصر حماية داخلية (دوائر إلكترونية) تعزز من عمر المنتج وسلامته، بينما يفتقر المنتج المستورد لهذه العناصر بالإضافة الى ذلك يتميز المنتج الوطني بضمان استبدال لمدة سنتين، وهي ميزة لا تتوفر في المنتج المستورد، وعلى الرغم من هذه الميزات فإن المنتج المحلي أقل تكلفة في سعره من نظيره المستورد، وفقًا لتصريحات صاحب المصنع، وهذه المقارنة تؤكد أن الصناعة اليمنية قادرة على إنتاج سلع ذات جودة عالية وتنافسية، تلبي احتياجات السوق المحلي.
يقول الدكتور الحوري: “في ظل هذه الإمكانات الواعدة في اليمن، تقع على عاتق التجار ورجال الأعمال اليمنيين مسؤولية وطنية واقتصادية كبيرة، فبدلاً من الاستمرار في الاعتماد على الاستيراد الذي يستنزف العملة الصعبة ويجعل الاقتصاد عرضة للتقلبات الخارجية، فإن المسؤولية الوطنية والاجتماعية إلى جانب الفرص الاستثمارية الواعد المتوفرة في البيئة اليمنية ينبغي عليهم التوجه نحو الاستثمار في توطين الصناعات”، مؤكدًا أن هذا المجال لا يزال بيئة خصبة ومفتوحة أمام المستثمرين.
كما يرى نائب رئيس الهيئة أن “أبرز عامل مشجع للاستثمار في القطاع الصناعي اليمني يتمثل بوجود سوق محلي كبير يضم أكثر من 40 مليون نسمة، مما يوفر طلبًا مستمرًا على السلع الأساسية، بالإضافة إلى توافر الأيدي العاملة بتكاليف معقولة تقلل من قيمة تكاليف الإنتاج وتوفر مساحة واسعة لتحديد أسعار تنافسية”.
كما أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لليمن، يسهل عمليات التصدير المستقبلية، ومن الملاحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع الطلب على البدائل المحلية نتيجة ارتفاع أعباء الاستيراد وتكاليف الشحن.
ورغم عدم إغفال التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في اليمن، مثل ضعف البنية التحتية (خاصة الكهرباء والمياه)، وصعوبة الحصول على التمويل، وندرة المواد الخام في بعض الصناعات، يشير الحوري إلى أن هذه التحديات ليست مستعصية على الحل، بل يمكن التغلب عليها من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء، والاستيراد الجزئي للمواد الخام، وتشكيل تحالفات صناعية لتقليل التكاليف التشغيلية.
ليس توطين الصناعات في اليمن مجرد شعار فضفاض لحلم بعيد المنال، كما يتصوره البعض، بل هو مسار حتمي نحو بناء اقتصاد وطني قوي ومستقل، قائم على الابتكار، وكما حقق مصنع نيو سام النجاح في توفير منتجات تتفوق على نظيرتها المستوردة، فليس من الصعب على غيره توفير دليل قاطع على قدرة الصناعة اليمنية على المنافسة والتميز.
إن اكتمال المشهد في تحقيق الريادة النوعية لشعار “صنع في اليمن” لا يتأتى إلا من خلال تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمستهلكين هو السبيل الوحيد لتحقيق هذا الهدف السامي، والانتقال باليمن من بلد مستورد إلى بلد منتج وفي المستقبل بلد مصدر.