المصدر الأول لاخبار اليمن

العدالة بالترند: كيف تحولت انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا إلى مادة تفاعلية بديلاً عن القضاء؟

دمشق/ وكالة الصحافة اليمنية//

 

وسط صمت دولي مقلق، تتزايد شهادات المؤسسات الحقوقية عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تُرتكب بحق المعتقلين وأسر الضحايا داخل سجون تتبع لـ”الحكومة السورية المؤقتة” في مناطق سيطرتها شمال سوريا، حيث تتحدث تقارير حقوقية عن وفاة محتجزين تحت التعذيب وسوء المعاملة الممنهجة.

ففي الوقت الذي يفترض أن تكون هذه المناطق ملاذًا آمنًا للهاربين من جحيم الصراع الطائفي الذي تقوده العناصر المسلحة التابعة لحكومة “أحمد الشرع”، يكشف الواقع عن دوامة قمع جديدة تنتهك أبسط حقوق المعتقلين، في ظل غياب المساءلة، وتواطؤ أمني يكرّس الإفلات من العقاب.

وتحذر منظمات حقوقية من أن هذه الانتهاكات لم تعد مجرد تجاوزات فردية، بل باتت نمطًا ممنهجًا من التعذيب والتصفية الجسدية داخل مراكز الاحتجاز التابعة لفصائل تعمل تحت مظلة “الجيش الوطني”، ما يطرح تساؤلات ملحّة حول مسؤولية “الحكومة المؤقتة” وصمت الجهات الداعمة لها.

في دولة يُفترض أن القوانين ومؤسسات العدالة فيها هي المرجعية الوحيدة للفصل في الانتهاكات، بات السوريون يلجأون إلى الهاتف والكاميرا، لا إلى المحامي والقاضي.

“ومع كل جريمة أو حادثة اعتداء، لا تتحرك السلطات إلا إذا اشتعلت مواقع التواصل بها” هكذا تصف منظمات حقوقية الواقع الجديد في سوريا، حيث بات “الترند” هو السلطة الوحيدة القادرة على تحريك ملفات الانتهاكات، ولو جزئيًا.

 

من القضاء إلى الكاميرا

 

وقال المرصد في بيان، اليوم الثلاثاء، إن “النهج الحكومي القائم على سياسة الصمت حتى الضجة يعكس أزمة ثقة عميقة بين المجتمع والسلطة”، مشيرًا إلى أن كثيرًا من القضايا لم تلقَ اهتمامًا إلا بعد تحولها إلى مواد رائجة على منصات الإنترنت.

وأكد المرصد أن تعامل الحكومة مع هذه القضايا يكشف عن تآكل منظومة العدالة وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، مشيرًا إلى أن الحالات التي حظيت باعتراف رسمي كانت إما موثقة بشكل مباشر بالصوت والصورة، أو تتعلق بأشخاص يحملون جنسيات أجنبية.

ويرى “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن الحكومة السورية، ولا سيما وزارة الداخلية، أصبحت تتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان بمنطق “التجاهل حتى الضجة”، إذ تتجاهل قضايا كثيرة إلا إذا تم توثيقها بالصوت والصورة وانتشرت عبر الإنترنت.

وفي تصريحاته الأخيرة، أشار المرصد إلى أن تحقيق العدالة في سوريا أصبح رهينًا بمدى التفاعل الرقمي، في ظل ضعف مؤسسات الرقابة، وغياب الشفافية في عمل الأجهزة الأمنية، وانعدام المساءلة الجادة.

وفي المقابل، لجأت الجهات الرسمية، بحسب المرصد، إلى فبركة روايات مضادة وتضليل الرأي العام في القضايا التي لم تلقَ ضجة واسعة، ما أدى إلى تمييع الحقائق وتضييع حقوق الضحايا.

 

نمط ممنهج: سرد للوقائع

 

في 24 يوليو الماضي، أُبلغ عن وفاة شاب من قرية “كرتو” بريف طرطوس بعد أيام من اعتقاله على أحد حواجز الأمن العام، برفقة ثلاثة آخرين من أبناء الطائفة العلوية.

وفق شهادات نقلها المرصد، تعرض الضحية لتعذيب مبرح، وتم إجبار أهله على دفنه ليلًا وخارج قريته.

سلطات دمشق الجديدة نفت التعذيب، وقالت إن الوفاة ناتجة عن “وعكة صحية أثناء التحقيق”، لكن الرواية الرسمية لم تكن لتصدر لولا الغضب الشعبي وتصاعد المطالبات على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

قضية المسجد الأموي

 

في 31 يوليو المنصرم، توفي الشاب يوسف لباد داخل المسجد الأموي بدمشق. الرواية الرسمية لحومة دمشق المؤقتة قالت إنه “أذى نفسه أثناء محاولة ضبطه”، لكن مقاطع فيديو وشهادات شهود شككت في ذلك.

تقول مصادر حقوقية إن السلطات حاولت في البداية دفن القضية، لكنها اضطرت للتعليق الرسمي بعد تصاعد الغضب الشعبي على المنصات، خصوصًا بعد نشر صور الضحية داخل المسجد.

 

فن أم جريمة؟

 

في 1 أغسطس، تعرض مطرب شعبي في مدينة الباب شمالي حلب للاعتداء

قد يعجبك ايضا