المصدر الأول لاخبار اليمن

النظام السعودي بين الشعارات والواقع.. دعم مُعلن لفلسطين وتعاون خفي مع “إسرائيل”

تقرير  / وكالة الصحافة اليمنية //

لطالما أظهر النظام السعودي خطاباً دبلوماسياً يعلن دعمه للقضية الفلسطينية، ويردد مواقف تدعو إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وفق ما يسمى “حل الدولتين”، غير أن فضيحة ” سفينة ” بحري ينبع ” أكدت ان النظام السعودي على عكس مواقفه المعلنة ينخرط  في تعاون غير مع معلن مع “إسرائيل” في مجالات أمنية ولوجستية، ضمن سياق أوسع تُحركه الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

 

فضيحة ” ينبع بحري “

في مطلع أغسطس الجاري اندلعت موجة غضب في الأوساط الشعبية والإعلامية إثر تقارير نشرتها نقابات عمالية ومصادر صحفية أوروبية عن اعتراض سفينة الشحن السعودية “بحري ينبع” في ميناء “جنوة” الإيطالي، بسبب نقلها شحنات أسلحة موجهة إلى “إسرائيل” عبر ميناء الاسكندرية في مصر الذي إستخدم لهذا الغرض مرات عديدة .

 هذه الأنباء التي فجرت احتجاجات وإضرابات من عمال الميناء، الذين أعلنوا رفضهم تفريغ الحمولة ، ساهمت في تأكيد الانباء التي تحدثت في نهاية العام 2023م ، عن دعم سعودي مباشر لـ “إسرائيل”  لتجاوز الحظر  البحري اليمني عن طريق جسر بري لنقل البضائع بمشاركة الامارات والاردن .

فضيحة في زمن الإبادة

دعم السعودية لـ “إسرائيل ” لوجستيا  ليس خبراً عاديا بل فضيحة وكارثة خصوصاً في ظل ما ترتكبه “اسرائيل” من إبادة جماعية بحق  الشعب الفلسطيني في غزة حيث كان من الواجب على السعودية العمل على الضغط بما تمتلكه من أوراق لوقف تصدير الاسلحة لـ “إسرائيل” لا أن تُتهم بالمشاركة في تأمين مسارات لوجستية  تسهم في استمرار آلة القتل ضد الشعب الفلسطيني .

إن أي دعم لوجستي تقدمه السعودية لـ “إسرائيل”  – سواء عبر حادثة “بحري ينبع” أو بطرق أخرى – لا يمكن اعتباره مجرد خبر عابر بل هو فضيحة سياسية وأخلاقية بكل المقاييس، خاصة في ظل ما ترتكبه “إسرائيل” من إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة .

إضافة إلى ذلك أي تسهيل لعبور شحنات، أو غضّ طرف عن مسارات إمداد غير مباشرة، يعني عملياً توفير غطاء لاستمرار المجازر، ويضع المملكة في موضع المساءلة أمام الرأي العام العربي والإسلامي، وأمام التاريخ ، فالصمت أو التواطؤ – سواء كان مقصوداً أو نتاج حسابات سياسية – في زمن الإبادة، ليس موقفاً محايداً، بل هو اصطفاف ضمني مع “إسرائيل” ومشاركة في سفك دماء الشعب الفلسطيني .

حلقة في سلسلة مسارات دعم “إسرائيل “

الدعم اللوجستي لـ “إسرائيل” على خطورته، ليس سوى حلقة في سلسلة مسارات يتحرك فيها النظام السعودي ضد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ، ومن بين هذه المسارات البارزة، المسار الدبلوماسي، الذي تتبناه المملكة بإيعاز مباشر من واشنطن، بهدف نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، تحت لافتة ما يسمى بـ”حل الدولتين” حيث نظمت السعودية مؤخراً  مؤتمراً دولياً في نيويورك بالتعاون مع فرنسا، للترويج لهذا الطرح.

 المؤتمر جاء في توقيت بالغ الحساسية، حيث يعيش قطاع غزة واحدة من أعنف مراحل الإبادة الجماعية في تاريخه، بينما تُستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية بمحاولات إضعاف وتهميش تحت غطاء “التسوية السياسية ، وتمثل الدعوة لنزع سلاح المقاومة في هذا التوقيت، وبالتوازي مع استمرار آلة القتل “الإسرائيلية”  عملياً تبنياً للرؤية الأمريكية – “الإسرائيلية” التي تعتبر أن القوة المسلحة للفلسطينيين عقبة أمام المشروع “الاسرائيلي ” وبالتالي  يصبح المسار الدبلوماسي السعودي ليس فقط أداة ضغط على المقاومة، بل جزءاً من استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل المنطقة ورسم التوازنات بما يمكن “إسرائيل” من تنفيذ مشروعها التوسعي دون أي رد فعل مقاوم .

 

مسار التطبيع : من العلن المؤجل الى الواقع القائم

قبل عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية  في أكتوبر 2023، كان النظام السعودي على وشك الإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”  والانضمام إلى “اتفاقات إبراهام” التي وقعتها دول عربية أخرى برعاية أمريكية ، وقد أشارت تقارير دبلوماسية غربية حينها إلى أن المفاوضات بين الرياض و”تل أبيب” وصلت إلى مراحل متقدمة، وأن ما كان يفصل الإعلان الرسمي عن التنفيذ هو الاتفاق على حزمة ضمانات أمنية أمريكية .

ورغم ان عملية طوفان الاقصى جمدت الإعلان العلني عن التطبيع، إلا أن المسار نفسه لم يُلغَ، بل ظل مطروحاً وفاعلاً خلف الكواليس،فالتواصل السياسي والاستخباري، والتنسيق في ملفات إقليمية حساسة، كلها مؤشرات على أن التطبيع الفعلي قائم بالفعل، حتى وإن لم يُوقع رسمياً على الورق .

الكثير من التقارير الدولية والمصادر البحثية المستقلة تؤكد أن العلاقات السعودية – “الإسرائيلية” من حيث المضمون، تجاوزت مرحلة جس النبض إلى مرحلة التنسيق العملي في مجالات متعددة، بدءاً من التعاون الأمني، مروراً باللقاءات الدبلوماسية السرية، وصولاً إلى المصالح الاقتصادية المشتركة .

وهذا يعني أن التطبيع لم يعد مجرد احتمال سياسي مشروط، بل تحول إلى واقع قائم تتوارى تفاصيله عن الإعلام، لكنه حاضر في السياسات والتحالفات على الأرض .

الخلاصة : رغم تمسك النظام السعودي بخطاب سياسي معلن يدعم القضية الفلسطينية، تكشف الوقائع أن الرياض تتحرك في مسارات متعددة تصب في خدمة المشروع الأمريكي – “الإسرائيلي” في المنطقة .

حادثة سفينة “بحري ينبع” تمثل أبرز المؤشرات على ذلك، باعتبار ما قدمته من دعم لوجستي لـ “إسرائيل” لتجاوز الحصار البحري اليمني، في وقت ترتكب فيه “إسرائيل”  إبادة جماعية بحق سكان غزة، بينما كان المنتظر من السعودية أن تضغط لوقف تدفق السلاح إليها .

هذا الدعم اللوجستي ليس سوى حلقة في سلسلة مسارات، منها المسار الدبلوماسي الذي تسعى فيه الرياض، بإيعاز من واشنطن، إلى نزع سلاح حركة “حماس” تحت عنوان “حل الدولتين”، وهو ما تجلى في المؤتمر الدولي نظمته في نيويورك بمشاركة فرنسا .

كما أن مسار التطبيع، الذي كان على وشك الإعلان قبل عملية “طوفان الأقصى”، ما يزال قائماً وفاعلاً خلف الكواليس، حيث تؤكد تقارير موثوقة أن النظام السعودي  مطبّع فعلياً مع ” إسرائيل”  عبر تعاون أمني ودبلوماسي واقتصادي غير معلن” ، وما حادثة سفينة “بحري ينبع” إلا دليل على ذلك .

في المحصلة، النظام السعودي يتحرك في مساحة رمادية، يحافظ فيها على خطاب داعم لفلسطين أمام الرأي العام، بينما ينخرط عملياً في سياسات تصب في مصلحة “إسرائيل” .

قد يعجبك ايضا