في رسالة استراتيجية بالغة الدلالة، كشفت الصين للمرة الأولى عن مكونات “الثالوث النووي” لقواتها المسلحة، وذلك خلال عرض عسكري مهيب أقيم، يوم الأربعاء، في ميدان تيانانمن بالعاصمة بكين، بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصارها في الحرب ضد اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية.
وشكّل العرض العسكري نقطة تحول في العقيدة النووية الصينية، حيث ظهر لأول مرة بشكل علني تكامل القدرات النووية الاستراتيجية من البر والبحر والجو، وهو ما يُعرف بالثالوث النووي – الذي يشمل صواريخ دونغفنغ-31 ودونغفنغ-61 البرية العابرة للقارات، وصواريخ جولانغ-3 الباليستية التي تُطلق من الغواصات، وصواريخ جينغلي-1 المطلقة من الجو.
واستعرضت القوات الصينية أيضًا أنظمة صاروخية حديثة ذات مدى بعيد، بالإضافة إلى منصات إطلاق متنقلة تمنح القدرة على المناورة والانتشار السريع، ما يعزز مرونة الردع النووي ويعقد من مهمة الاستهداف المسبق لأي ضربة معادية.
وأكدت وكالة أنباء “شينخوا” الرسمية أن العرض يُعد أول ظهور علني مشترك لقوات الردع النووي الصينية في فروعها الثلاثة، مشيرة إلى أنه يعكس تطورًا نوعيًا في بنية القوة الاستراتيجية لبكين، ورسالة واضحة بأن الصين باتت تمتلك قدرة ردع نووي متكاملة تؤهلها للعب دور رئيسي في معادلات الأمن العالمي.
تحول في موازين الردع
يرى مراقبون أن هذا الاستعراض يمثل إعلانًا فعليًا عن دخول الصين مرحلة جديدة من التوازن النووي مع القوى الكبرى، خصوصًا في ظل تزايد التوترات في بحر الصين الجنوبي، واحتدام الصراع التكنولوجي والعسكري مع الولايات المتحدة.
ويؤشر هذا الظهور العلني للثالوث النووي على نية بكين الخروج من سياسة “الغموض النووي” التقليدية، نحو استراتيجية ردع أكثر وضوحًا وفاعلية، قائمة على قدرة توجيه الضربة الثانية، وتعزيز ميزان الردع المتبادل على الساحة الدولية.