عراقجي: اللامبالاة بالعقوبات والمبالغة فيها يعتبر خطأ ويؤدي الى ضياع الفرص
طهران | وكالة الصحافة اليمنية
أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الآثار السلبية للعقوبات لا يمكن إنكارها، لكن لا ينبغي ارتكاب خطأين: الأول، اللامبالاة والتغاضي عن العقوبات وآثارها وتداعياتها، مما قد يؤدي إلى إهمال ضرورة التخطيط وضياع الفرص؛ والثاني، المبالغة المفرطة أو الاستسلام أمامها.
وأشار عراقجي خلال مشاركته في المؤتمر الوطني للقدرات وفرص الاستثمار في المناطق الحرة والتجارية الإيرانية، وفقا لما نقلته الأنباء الإيرانية “إرنا”، اليوم الأحد، الى أن إيران تواجه حاليا عقوبات متعددة الابعاد ومعقدة وواسعة النطاق، تركت آثارها على الاقتصاد والتجارة الخارجية وحياة الناس”، موضحا أنها حقيقة لا ينبغي إنكارها من جهة ومن جهة اخرى شدد على ضرورة عدم تصويرها ككارثة نهائية.
وفي هذا السياق، رأى أن الذين صمموا العقوبات وفرضوها على إيران، كان هدفهم شلّ إيران، حتى انهم أطلقوا عليها اسم “العقوبات المعوقة”، لكن الحقيقة أن إيران ما زالت صامدة بقوة وثبات، مضيفا أن الاستنتاج الذي يصور بأن العقوبات لم تترك أي أثر أو لم تفرض أي ضغوط فهو استنتاج خاطىء.
وأضاف عراقجي قائلا:” لذا، فان الآثار السلبية للعقوبات لا يمكن إنكارها، لكن لا ينبغي أيضا ارتكاب خطأين: الأول، اللامبالاة والتغاضي عن العقوبات وآثارها وتداعياتها، مما قد يؤدي إلى إهمال ضرورة التخطيط وضياع الفرص؛ والثاني، المبالغة المفرطة أو الاستسلام أمامها”، مبيّنا ان الطريق الصحيح هو الواقعية وتحديد الضغوط وإدارة عواقبها والاستفادة من الفرص التي تنشأ في ظل هذه الظروف.
وأشار الى أن المعوقات والصعوبات ليست كلها نتيجة العقوبات والضغوط الخارجية، بل إن جزءا منها جذوره داخلية، موضحا أن المستثمرين بحاجة أكثر من اي شيء الى قابلية التنبؤ، واستقرار القوانين، وتقليل المخاطر وهناك نواقص كبيرة في هذا المجال.
ولفت عراقجي الى أن جزءا من هذه القيود ناتج عن ظروف الحرب الاقتصادية، وبالتالي تم وضع لوائح تنظيمية، ولكن يجب أن يكون الهدف هو ألا تصبح هذه القيود دائمة، وأن يقترب الاقتصاد الايراني من بيئة تنافسية وحرة بعد تجاوز الظروف الطارئة.
واستطرد قائلا: “الحكومة ملزمة بتمهيد طريق الاستثمار بالتوازي مع تعزيز الصمود أمام الضغوط الخارجية. ومن المؤكد أن أي سياسة لن تنجح دون تعاون القطاع الخاص سواء كانت سياسة مواجهة العقوبات أو سياسة التنمية أو أي سياسة أخرى نسعى لتحقيقها. خاصة المناطق الحرة التي تلعب حقا دورا محوريا في اقتصاد أي دولة، والتي يُشار إليها غالبا بأنها “رئتا الاقتصاد”.
وأشار عراقجي في معرض كلمته الى اقتراح رئيس المناطق الحرة في البلاد بشأن مشروع حديقة التكنولوجيا في كيش، مستهلا كلمته باعتبار أن منطقة شنزن الحرة في الصين التي لم تكن سوى قرية صغيرة يعيش سكانها على صيد الأسماك، قد تحولت اليوم إلى أحد أهم مراكز التكنولوجيا والتجارة في العالم بعد أن واجهت الصين ضغوطا دولية”.
وأضاف: “انه تم تحويل هذه القرية الصغيرة إلى منطقة حرة، وبفضل السياسات الصحيحة التي تم اتخاذها، حصلت على موقع خاص”، لافتا إلى ان إيران تمر بظروف مشابهة مع ضغوط وقيود دولية، ولديها إمكانات فريدة يمكن أن ترسم لها مستقبلا مختلفا.
وعن ملف المفاوضات، لفت وزير الخارجية الإيراني إلى أن إيران كانت جادة في التفاوض لرفع العقوبات، وفي الحكومة الجديدة، مثل الحكومات السابقة، تم التخطيط وبذل الجهود، وأجريت خمس جولات تفاوض، لكن قبل الجولة السادسة شنّ العدو هجوما عسكريا وانضمت إليه أمريكا. بعد هذه الحرب والدفاع البطولي للشعب الايراني وتقديم أكثر من ألف شهيد من أبنائه، فإن المفاوضات لن تعود كما كانت قبل الحرب لأن الظروف قد تغيرت، وستأخذ شكلا وأبعادا جديدة مع إدخال عناصر مستجدة يجب أن نصمم لها استراتيجيات خاصة”.
وأشار الى أن العلاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية شهدت اضطرابا بعد الهجوم على المنشآت الإيرانية، موضحا قوله: “من الطبيعي أن تعاوننا لن يكون كما في السابق ونحن بحاجة الى إطار جديد للتعاون مع هذه الوكالة. ومع ذلك فإن زملائي في فيينا أحرزوا تقدما جيدا في التوصل إلى إطار جديد للتفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونحن قريبون من اتفاق نبدأ فيه مرحلة جديدة من التعاون مع هذه الوكالة؛ تعاون يراعي فيه جميع مخاوفنا التي انعكست بوضوح في قانون مجلس الشورى الإسلامي”.
وفيما يخص المفاوضات مع الترويكا الأوروبية، أوضح عراقجي أن هذه المفاوضات مستمرة، لافتا الى انه قد أجري محادثات هاتفية مع وزراء خارجية هذه الدول وآخرها اتصال مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي قبل يومين، مضيفا قوله: “أعتقد أن هناك فهما أفضل للواقع يتشكل تدريجيا. الأوروبيون ارتكبوا خطأ كبيرا عندما لجأوا إلى آلية الزناد (سناب باك)، فقد صعّبوا الأمور أكثر، لكن الحوار مستمر ونأمل الوصول إلى تفاهم مشترك”.
ومضى يقول إن: “المحادثات مع أمريكا ايضا مستمرة عبر الوسطاء، وعندما تكون واشنطن مستعدة للتفاوض على أساس الاحترام المتبادل، فإن إيران أيضا جاهزة. لكن يجب ضمان حقوقنا ومصالحنا، ولا ينبغي لأي طرف آخر أن يغفل عن مسؤولياته”.