المصدر الأول لاخبار اليمن

الدعم الأمريكي لـ”إسرائيل”.. مشروع عقائدي متجذر

خاص | وكالة الصحافة اليمنية

 

 

يُطرح دائمًا سؤال محوري: لماذا تستمر الولايات المتحدة في تقديم دعم غير محدود لـ “إسرائيل” وهل يقتصر هذا الدعم على الحسابات السياسية والمصالح الاستعمارية كون “إسرائيل” قاعدة متقدمة لأمريكا والغرب ،أم أن هناك خلفيات أخرى يستند اليها هذا الدعم .

الجواب انه إضافة الى الحسابات السياسية ،والمصالح الاستعمارية ، هناك خلفيات عقائدية لهذا الدعم ، وجذور دينية عميقة، خصوصًا داخل مايسمى  بالتيار الإنجيلي البروتستانتي ، والذي يشكل قاعدة اجتماعية ضخمة في أمريكا، ويرى في دعم “إسرائيل” التزامًا عقائديًا يرتبط  بما يسمى بالنبوءات “التوراتية”  والعودة الثانية للمسيح .

المعتقدات المرتبطة بـ”إسرائيل “

وفق التفسيرات الإنجيلية الباطلة فإن ” عودة اليهود إلى فلسطين تمثل “تحقيقًا لنبوءات “توراتية “و قيام دولة “إسرائيل” شرط لتهيئة الأرض للعودة الثانية للمسيح ، وحماية “إسرائيل” تعد واجبًا دينيًا، ومن يعارضها يقف ضد ما يعتبرونه في معتقداتهم الباطلة “خطة الله” .

 ومن هنا برزت ما تعرف بـ “المسيحية الصهيونية ” وهي حركة ترى في “إسرائيل” المعاصرة أداة لتحقيق المشيئة الالهية وفق معتقدات معتنقيها الباطلة  .

حجمهم في الولايات المتحدة

تشير دراسات مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center, 2023–2024) إلى أن:الإنجيليون يشكلون حوالي 23–25% من البالغين الأمريكيين، أي ما يقارب 70–80 مليون نسمة ، وهم الأكثر تأثيرًا سياسيًا، ويشكّلون قاعدة انتخابية محورية للحزب الجمهوري.

هذا الحجم العددي والسياسي يجعل صوتهم مسموعًا بشدة في صناعة القرار، خاصة في السياسة الخارجية المتعلقة بـ”الشرق الأوسط “.

دوافع دعمهم لـ “إسرائيل” 

تقول الباحثة دونالد فاغنر في مقالها (Evangelicals and Israel: Theological Roots of a Political Alliance):الارتباط الإنجيلي بـ “إسرائيل” ليس سياسياً فحسب؛ بل ينبع من عقيدة أخروية ترى في عودة اليهود وإقامة دولتهم تحقيقاً مباشراً للنبوءات التوراتية.”

ويقول القس جون هيغي (مؤسس منظمة CUFI – أكبر حركة إنجيلية داعمة لإسرائيل): إن دعم “إسرائيل” ليس خيارًا سياسيًا، بل وصية إلهية. من  يبارك “إسرائيل” يباركه الله، ومن يلعنها يلعنه الله.” (In Defense of Israel, 2007).

وتعكس هذه المقولة مدى الارتباط العقائدي بالدعم، أكثر من كونه مجرد تحالف سياسي.

شواهد واقعية من الدبلوماسية الأمريكية 

في مقابلة مع شبكة الـ CCN  قال السفير الأمريكي لدى “إسرائيل” مايك هاكابي : أن التفاني تجاه “إسرائيل” والقناعة بأداء عملٍ إلهيٍ في الأرض المقدسة، ليس مزحة.

هذا التصريح يكشف بوضوح أن  المسؤولين الأمريكيين ينظرون لدورهم في دعم “إسرائيل” من زاوية عقائدية وليست فقط استراتيجية.

تداخل المشروع الامريكي والمخطط الصهيوني 

إنّ التداخل بين المشروع الأمريكي والمخطط الصهيوني ليس مجرد تقاطع مصالح سياسية آنية، بل هو التقاء عقائدي ممتد الجذور،  فالنخبة الحاكمة في الولايات المتحدة، وخاصة التي تدور في فلك التيار الإنجيلي الصهيوني، تنظر إلى قيام “إسرائيل” وبقائها وتوسّعها كجزء من نبوءات دينية لا يجوز التخلّي عنها. لذلك، نجد أن الموقف الأمريكي تجاه فلسطين ليس خاضعًا لمراجعة أو نقاش حقيقي داخل مؤسسات القرار، بل يُقدَّم باعتباره التزامًا لاهوتيًا وسياسيًا معًا.

من هنا، يصبح الدعم الأمريكي لإسرائيل دعمًا وجوديًا، يتجاوز حدود المساعدات العسكرية والسياسية، إلى اعتباره واجباً مقدساً، بل إن كثيرًا من الساسة الأمريكيين يصرحون علنًا بأن حماية “إسرائيل” هي مسؤولية إيمانية، وأن التخلي عنها يُعد خروجًا على ما يرونه “وصية إلهية”.

هذا التوجّه يفسّر إصرار الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الوقوف خلف “إسرائيل” في كل حروبها وعدوانها، بل والمشاركة الفعلية في تغطية جرائمها، ومنحها الغطاء السياسي والدبلوماسي، وتوفير السلاح والمال دون قيود أو شروط.

وبذلك، يمكن القول إنّ المشروع الصهيوني ما كان ليستمر بهذه القوة لولا التحالف العقائدي والسياسي مع واشنطن، الذي يتجاوز الحسابات البراغماتية الضيقة، ليشكّل إطارًا استراتيجيًا ثابتًا. وفي المقابل، فإن واشنطن ترى في هذا المشروع أداةً لتحقيق سيطرتها على المنطقة، وضمان بقاء الهيمنة الأمريكية في “الشرق الأوسط” عبر حليف استيطاني عقائدي متجذر.

قد يعجبك ايضا