المصدر الأول لاخبار اليمن

كيف نجحت قوات صنعاء في تحويل أساطيل الغرب إلى عبء اقتصادي وجيواستراتيجي؟

وكالات | وكالة الصحافة اليمنية

 

كشفت العمليات البحرية التي تنفذها قوات صنعاء، إسناداً استراتيجياً للمقاومة الفلسطينية، بجلاء عن أبعاد اقتصادية وجيو-استراتيجية عميقة تجاوزت حدود المواجهة العسكرية التقليدية، ومع كل عملية جديدة تتأكد حقيقة أن ثمن مواجهة هذا المدّ البحري باهظ للغاية، ليس فقط على الاحتلال الإسرائيلي، بل وعلى القوى الغربية المنخرطة في دعم عربدة هذا الكيان الاستيطاني في المنطقة، التي وجدت نفسها غارقة في تحدٍ وجودي يهدد نفوذها في البحر الأحمر.

لقد تمكنت قوة الردع اليمنية من تحييد تلك القوى عن حماية سفن الاحتلال الإسرائيلي في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، وأجبرت ما يسمى بـ”تحالف الازدهار” بقيادة أمريكا وبريطانيا على سحب قطعهم البحرية، مفضلةً الولايات المتحدة ضمان سلامة ملاحة سفنها في مقابل التخلي عن حماية السفن الإسرائيلية.

هذا التطور يعد انتصاراً تاريخياً لم يسبق أن تحققه أي قوة على الولايات المتحدة منذ نشأتها، وخاصة في المجال البحري الذي لطالما كانت فيه أمريكا القوة المهيمنة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

 

تداعيات اقتصادية باهظة

أصبح البعد الاقتصادي سلاحاً موازياً للطائرات المسيرة والصواريخ، حيث انقلبت المعادلة لصالح سلطات صنعاء التي تمتلك أدوات هجومية أقل تكلفة وأكثر تأثيراً. وتكشف الأرقام والتقديرات الرسمية والإعلامية الغربية عن هذا الاستنزاف المتزايد، فوفقاً لما أقرّ به المدير العام لوزارة الحرب لدى الاحتلال الإسرائيلي، فإن تكلفة اعتراض هجوم يمني واحد قد تصل إلى 15 مليون دولار أمريكي، فيما تتراوح تكلفة صاروخ “حيتس 3” المضاد للصواريخ الباليستية، المستخدم في عمليات الاعتراض، بين 4 و 9 ملايين دولار.

وفي سياق متصل، أشار المسؤول الصهيوني إلى أن أي خطأ واحد في عمليات التصدي يمكن أن يتسبب بأضرار قد تصل إلى 90 مليون دولار، وهو ما يعكس حجم الخسائر المحتملة في حال نجاح الصواريخ والطائرات المسيرة في إصابة أهدافها. هذه الأرقام دفعت بالمسؤولين في الكيان الإسرائيلي إلى اتخاذ خطوات عملية، حيث أعلنوا عن تشكيل مجلس خاص بهدف تسريع الاستعداد لمواجهات جديدة، ما يؤكد القلق المتنامي من تحول التهديد اليمني إلى معضلة استراتيجية.

 

معارك استنزاف

لا يقتصر التأثير الاقتصادي على الكيان الإسرائيلي وحده، بل يمتد ليشمل القوى الغربية المشاركة في البحر الأحمر. التقارير الدولية، مثل تلك التي نشرتها مجلة Maritime Executive، تسلط الضوء على حجم الاستنزاف الذي تتعرض له القوات البحرية في المنطقة. على سبيل المثال، أنفقت المدمرة البريطانية HMS Diamond ما يقارب 25 مليون دولار على صواريخ الاعتراض خلال فترة قصيرة، في محاولات للتصدي لطائرات مسيرة وصواريخ باليستية.

وبينما تُقدر تكلفة الطائرة المسيرة اليمنية الواحدة بنحو 50 ألف دولار، فإن اعتراضها غالباً ما يتطلب صواريخ Sea Viper التي يتجاوز ثمن الواحد منها المليون دولار. هذه الأرقام تكشف عن خلل واضح في ميزان الكلفة، حيث تتحول المواجهة إلى معركة استنزاف اقتصادي تصب في صالح صنعاء، التي تستخدم تكتيكات مرنة وأسلحة منخفضة التكلفة ذات فعالية عالية.

 

كلفة تطويرية

تُظهر التطورات في البحر الأحمر أن الولايات المتحدة لم تكن بمنأى عن هذه الأعباء، فقد كشفت مجلة National Interest عن توقيع البحرية الأمريكية عقوداً بملايين الدولارات بهدف تحديث أنظمتها الدفاعية.

ومن أبرز هذه العقود، اتفاق بقيمة 205 ملايين دولار مع شركة Raytheon لتحديث منظومة “فالانكس” الدفاعية، وذلك بعد حادثة المدمرة USS Gravely التي اضطرت لاستخدام هذه المنظومة كخط دفاع أخير. وتُشير الحاجة إلى تحديث هذه الأنظمة إلى وجود نقاط ضعف في أنظمة الكشف والاعتراض التقليدية، مما دفع البنتاغون إلى تسريع عمليات التطوير.

كما أبرمت البحرية الأمريكية عقداً آخر بقيمة 260 مليون دولار مع “رايثيون” لتطوير صواريخ SM-2، ما يؤكد حجم الأعباء المالية المتزايدة التي تتكبدها القوى الغربية في محاولاتها للحفاظ على هيمنتها البحرية في المنطقة.

هذه الأبعاد الاقتصادية المتصاعدة تُعيد صياغة قواعد اللعبة في الحرب البحرية، وتجبر الأطراف المعادية على إعادة حساباتها الدفاعية والعسكرية، في وقت تواصل فيه سلطات صنعاء تعزيز قدراتها الهجومية، مما يشير إلى أن المواجهة في البحر الأحمر قد انتقلت إلى مرحلة جديدة من التحدي الاستراتيجي والاقتصادي.

قد يعجبك ايضا