المصدر الأول لاخبار اليمن

المشاط في ذكرى ثورة 26 سبتمبر: إخفاقات الماضي وقود لثورة سبتمبر الجديدة!!

 صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية

ألقى رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، مهدي المشاط، كلمة بمناسبة الذكرى الـ 63 لثورة 26 سبتمبر، ركز فيها على تحليل إخفاقات الثورة التاريخية وكيف أسست لثورة 21 سبتمبر التي يقودها الشعب اليمني حالياً.

ابتدأ المشاط كلمته بالإشارة إلى أن ثورة 26 سبتمبر تعرضت منذ وقت مبكر “لاختراقات ومؤامرات” أدت إلى انحرافها عن مسارها، محذراً من أن هذا الانحراف كاد أن يطفئ جذوتها ويُنسف أهدافها. وتساءل عن الأسباب التي جعلت اليمن، رغم مرور عقود على الثورة، يظل ضمن قوائم الدول الأكثر فقراً وفساداً، في حين شهدت دول أخرى تقدماً وازدهاراً كبيرين.

وأوضح أن السبب الرئيسي يكمن في عدم وجود من يصون الثورة بصدق وإخلاص، حيث تحولت الموارد الهائلة والقروض والمساعدات التي كان يُفترض أن تُؤسس لبنية تحتية، إلى “سلالم يتسلقها الفاسدون” لبناء ثرواتهم في الخارج على حساب الشعب.

شدد المشاط على أن “لا شيء يقتل روح الثورات مثل الوقوع في شباك التبعية والارتهان”، مؤكداً أن هذا الدرس يجب أن يكون نبراساً للمستقبل. وأفاد بأن من باعوا ضمائرهم وارتهنوا للخارج عملوا على خنق روح الثورة، وفتحوا الأبواب أمام التدخلات الخارجية التي أفقدت البلاد قرارها الوطني وسيادتها.

وأشار إلى أن الحرب السياسية والعسكرية لم تتوقف على الشعب اليمني إلا بعد أن “أُقصي الثوار الحقيقيون وكُتم كل صوت مخلص”، ما سمح للخونة والفاسدين بالسيطرة على مقاليد الأمور. ولفت إلى أن هؤلاء المتآمرين يزايدون على من وصفهم بـ “حماة الجمهورية الحقيقيين”، ويحلمون بالعودة على “ظهور الدبابات الأمريكية والإسرائيلية” لإعادة اليمن إلى التبعية.

أكد المشاط أن “دروس التاريخ لا تكذب ولا تُجامل”، وأنها تخاطب اليمنيين اليوم لتؤكد أن أولى خطوات بناء الأوطان هي امتلاك القرار الحر والسيادة المستقلة. واعتبر أن ثورة 21 سبتمبر المجيدة استمدت وعيها وقوتها من العبر والدروس التي استقاها الشعب من مؤامرات الماضي، ما مكنها من تصويب المسار وتحصين المكتسبات.

وختم المشاط كلمته بتوجيه رسالة إلى الشعب اليمني، مخاطباً إياهم بأنهم كما كانوا أوفياء ومتيقظين أمام التلاعب بأهداف 26 سبتمبر، فهم اليوم يخوضون معركة الدفاع عن ثورة 21 سبتمبر في وجه الطامعين. وأكد أن تلاحمهم وتعاضدهم وتوجيهات القيادة ستقودهم إلى “اليمن المنشود، يمن العزة والحرية والكرامة”.

 

وفيما يلي نص الكلمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحابته الأخيار المنتجبين وبعد:

بمناسبة حلول الذكرى 63 للسادس والعشرين من سبتمبر أتوجه باسمي ونيابة عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى بتحية التقدير والإكرام إلى شعبنا الصابر والصامد، وإلى أبطالنا القوات المسلحة والأمن في سهول اليمن وبحاره، وإلى كل رفاق السلاح من عموم قبائل اليمن الأبية وجميع أبناء الوطن الشرفاء في الداخل والخارج.

 

أيها الشعب اليمني العزيز:

وإذ تطل علينا هذه الذكرى لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، فإنّ هذا الرقم من السنين يكفي لأن ندرك أن هذه الثورة قد تعرضت مبكراً لاختراقات ومؤامرات، عصفت لسنواتٍ طوالٍ بكل ما ارتبط بها من آمال وأحلام وتطلعات حتى كادت تطفئ جذوتها وتنسف أهدافها ومبادئها.

وعلى طول ما احتفل شعبنا بهذه المناسبة، فقد كان ينبغي علينا في كل مناسبةٍ متجدّدةٍ سؤال أنفسنا: لماذا بقي وطن السادس والعشرين من سبتمبر، يراوح مكانه بين الأمم وضمن قوائم الدول الأكثر فقراً وفساداً؟ ولماذا، في المقابل، شهدنا دولاً أخرى مثل الصين وقد كانت تقف حيث كنا، تتقدم وتنهض، تبني وتزدهر خلال أربعة عقود فقط، بينما لم تبرح بلادنا لعقودٍ محطات البؤس والفقر والخذلان.

لقد كان هذا الرقم كافيا وزيادة لأن يضع اليمن في مصاف الدول الغنية والمتقدمة لو أنه وجد من يصون هذه الثورة، ويعمل من أجل أهدافها ووفق مبادئها بصدق وإخلاص، على الأخص وقد مرت على بلادنا سنوات من السلم والاستقرار، وتدفقت فيها الموارد الهائلة على خزائن بلدنا، وغرِقنا في قروض ومساعدات، والتي كان يُفترض أن تؤسس لبنية تحتية تسخر في خدمة شعبنا اليمني العزيز، لكنها للأسف تحوّلت إلى سلالم يتسلقها الفاسدون، ليبنوا بها استثماراتهم وأرصدتهم في الخارج على حساب آمال الشعب وتطلعات الأجيال وتضحيات الثوار، ووأدوا كل مشروع ينشد وصل هذه الثورة، أو يحاول ضبط مسارها، لنعلم أنه لا شيء يقتل روح الثورات مثل الوقوع في شباك التبعية والارتهان، فلنتذكر هذا الدرس في كل ذكرى، ولنجعله نبراساً ينير لنا الطريق في كل منعطف من تاريخنا، وفي كل محطة نضال من نضال هذا الشعب اليمني العظيم.

 

أيها الإخوة والأخوات:

لقد كان من المؤسف أن يتعمد أدعياء الثورة، أولئك الذين باعوا ضمائرهم وارتهنوا للخارج، أن يخنقوا روحها الحية، ويحنّطوا أهدافها السياسية، فحوّلوا الحلم الذي دفع فيه الأحرار دماءهم، إلى سلعة في سوق النخاسة.

ومنذ اليوم الأول، فتحوا الأبواب مشرعة لتدخلات الخارج – عسكرياً، وسياسياً، وثقافياً، واقتصادياً- حتى لم يبقَ من القرار الوطني إلا اسمه، ولا من السيادة إلا ظلّها الباهت، وهكذا، تسلّط الخارج على الثورة والثوار، فسامهم صنوف العذاب، وجرّعهم كؤوس السجن والظلم والمعاناة، ولم تهدأ نار الحرب السياسية والعسكرية على شعب السادس والعشرين من سبتمبر، إلا بعد أن اطمأن أولئك المتربصون بأن الثوار الحقيقيين قد أُقصوا، وبأن كل صوت مخلص قد كُتم، حتى انتقل زمام البلاد إلى أيدي الخونة والفاسدين… أولئك الذين لا يعرفون من الثورة إلا مغانمها، ولا من الوطن إلا طريقاً لنهبه وبيعه.

 

أيها الإخوة والأخوات:

إن دروس التاريخ لا تكذب، ولا تُجامل، فهي تخاطبنا اليوم بصوت الحكمة والتجربة، لتقول لنا بوضوح لا لبس فيه: إن أول الطريق إلى بناء الأوطان، إنما يبدأ بامتلاك القرار الحر، والسيادة المستقلة، والشجاعة الكافية لمراجعة الذات، وتصحيح المسار. وفي هذا وحده، يكمن المبدأ الصلب الذي نعيد من خلاله الاعتبار، لكل نضالات شعبنا اليمني العظيم، في كل محطاته التاريخية، وفي كل جيل من أجياله التي رفضت الخنوع والخضوع.

ففي لحظة صدق كهذه، يصبح التاريخ كله – بما فيه من مآثر وآلام، من نجاحات وإخفاقات- ملهِماً نافعاً، نستحضره للعبرة والعمل، ومن هذا المنطلق، نقول اليوم بكل يقين: إن الدروس والعبر من المؤامرات التي تعرضت لها مبادئ وأهداف السادس والعشرين من سبتمبر، كانت وقوداً ورافداً لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، وزوّدتها بالوعي، ومكّنتها من القدرة على تصويب المسار، وتحصين المكتسبات.

 

ومن هنا، يجب أن ننظر إلى تاريخنا، لا كأحداث منفصلة أو مراحل متباينة، بل كمخزون حيّ لتجارب ونضالات خاضها هذا الشعب اليمني، من أعماق تاريخه، مروراً بـ26 سبتمبر، ووصولاً إلى 21 سبتمبر، في تواصل لا ينقطع بين الجسور، وتراكم واعٍ للخبرات والعِبَر، فلا حاضر بلا ماضٍ، ولا مستقبل من دون حاضر.

 

أيها الشعب اليمني العزيز:

إن من أعجب ما في زمننا هذا أن نشهد سقوط بعض الخونة في مستنقع العمالة، أولئك الذين تنكروا للسادس والعشرين من سبتمبر، ورهنوا أنفسهم لتوجيهات سفير هنا، أو لأهواء أمير هناك يزايدون على حماة الجمهورية الحقيقيين، ويحلمون بالعودة على ظهور الدبابات الأمريكية والإسرائيلية، ليعيدوا وطننا الحبيب إلى أتون الارتهان والتبعية للخارج، وهيهات لهم ذلك.

لكنهم، لن يقفوا من تاريخنا على متنٍ، لأن الزبد يذهب جفاءً، ولأن الجمهورية اليمنية الحقيقية ها هنا، في خنادق القتال تحت راية الحقً، في سبيل الله ووفاءً لأهداف ثوراتها، وإلى جوار ما يمثله ضمير الأمة التي ما كان اليمن إلا أصلها الأول، وحملة الرسالة، ولأن أبطالها الأباة، هم أولئك المجاهدون الأحرار الصناديد الذين يقفون صامدين على الثغور اليوم، نصرةً للمظلومين في فلسطين وغزة، وبجانبهم يقف شعبنا اليمني العظيم الواعي الذي يعي جيداً أن من باعوا وطنهم، وجلبوا المحتل لتدمير بلدهم، وجندوا أنفسهم للصهاينة؛ ليسوا في مقام أن يقدموا أنفسهم حماة للجمهورية اليمنية أو للـ26 من سبتمبر، بقدر ما هم امتدادٌ للأدوات القذرة التي تآمرت على اليمن منذ البداية وحتى هذا اليوم.

 

أيها الشعب اليمني العزيز:

كما كنتم أوفياء ومتيقظين أمام التلاعب بأهداف السادس والعشرين من سبتمبر، وصنعتم بهذا الوفاء واليقظة ثورة 21 من سبتمبر، فها أنتم اليوم تخوضون معركة الدفاع عنها في وجه الطامعين بإعادة عجلة الوصاية والهيمنة الخارجية، بتلاحمكم وتعاضدكم وتوجيهات القيادة الحكيمة ممثلة بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، تقفون اليوم على اعتاب نصر جديد يصل بنا إلى اليمن المنشود، يمن العزة والحرية والكرامة بإذن الله.

الرحمة والخلود للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى

النصر لليمن وفلسطين

تحيا الجمهورية اليمنية،

تحيا الجمهورية اليمنية

تحيا الجمهورية اليمنية

قد يعجبك ايضا