المصدر الأول لاخبار اليمن

خدعة الاعتراف.. فلسطين بين الشرعية الشكلية والتواطؤ الغربي

صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية

 

 

اعترفت 157 دولة رسمياً بفلسطين من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، بينما هناك 36 دولة لم تعترف بفلسطين.

اعترافات تتوالى بفلسطين بعد انطلاق المؤتمر الدولي لـ ” تسوية قضية فلسطين بالسبل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، الذي عقد في مدينة نيويورك الأمريكية الثلاثاء 23 سبتمبر الجاري.

تحول مفاجئ في الرأي الغربي والأجنبي تجاه القضية الفلسطينية، خاصة مع توالي اعترافات لدول تعتبر شريكة في جرائم الإبادة في غزة، قدمت للاحتلال الدعم العسكري والاستخباراتي والمادي بشكل كبير، زاد بعد طوفان الأقصى اكتوبر 2023م.

وبالنظر إلى ما شهدته الساحة العالمية من مظاهرات عارمة، وسخط شعبي غاضب ضد الاحتلال، وصل حد المقاطعة واقتحام السفارات الإسرائيلية، والتنديد بالحكومات المتواطئة مع الاحتلال، أو حتى تلك التي لعبت دور المتفرج، يمكن القول أن تحرك هذه الحكومات للاعتراف بفلسطين؛ جاء نتيجة ضغط الشارع والرأي العام، لا كما يتم الترويج له من أن هذا الاعتراف لإنهاء المعاناة في فلسطين.

دول عظمى داعمة للاحتلال الإسرائيلي، قصت شريط الاعتراف، بعد فشلها في تحقيق أهدافها، لتختلق لعبة جديدة تسعى خلالها إلى تبرئة ذاتها، كما هدفت إلى امتصاص غضب الشارع، لتعترف بدولة لا يمكن انشائها في ظل الوقائع التي أحدثها الاحتلال في الضفة الغربية من تقطيع أوصالها ونشر البؤر الاستيطانية فيها.

 

انهاء المقاومة الفلسطينية

وزارة الخارجية البريطانية اختصرت مشهد الاعتراف الدولي وأن ما يجري على الأرض ظاهرة مصلحة فلسطين، بينما ما يُدار خلف الكواليس باطنه انتشال “إسرائيل” من مأزق الحرب وفشلها في تحقيق أهدافها المعلنة عقب انطلاق عملية طوفان الأقصى 2023 وكان أهمها القضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير سكان غزة ، وزير الخارجية البريطانية كير ستارمر، أكد أنه مقابل الاعتراف هناك ثمن يجب دفعه، بصريح العبارة شددت لندن على أن تكون حماس بلا مكان في مستقبل فلسطين وأن عليها إطلاق جميع الأسرى على الفور.

ما ذكرته لندن، عززته توصيات المؤتمر الدولي لـ ” تسوية قضية فلسطين بالسبل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، الذي عقد في مدينة نيويورك الأمريكية حيث طالب اجتماع (وزاري خليجي – بريطاني)،   حركة حماس» بإنهاء حكمها في غزة، مُجدِّداً دعم جميع الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب، وتحقيق تسوية عادلة ومستدامة من خلال تطبيق حل الدولتين.

مقاتلو حماس

صحيفة واشنطن بوست، جاءت لتميط اللثام عن حقيقة هذه الاعترافات، حيث كشفت اليوم الأحد، تفاصيل خطة الرئيس الأمريكي ترامب المكوّنة من 21 بنداً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبحسب الصحيفة يتصدر تلك البنود، نشر قوة دولية مؤقتة داخل القطاع، ونزع سلاح حماس، مع ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية إقامة دولة فلسطينية في مرحلة لاحقة.

على أن تبدأ الخطة بوقف فوري وشامل لجميع العمليات العسكرية وتجميد الوضع على الأرض، ثم تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى خلال 48 ساعة، والعدد المشار إليه في المسودة 20 أسير وتسليم جثامين أكثر من 20 إسرائيلياً يعتقد أنهم قتلى.

صحيفة “هآرتس” العبرية، أكدت أن وضع “إسرائيل” الدولي لم يكن يومًا أسوأ مما هو عليه الآن؛ لكنها نبّهت أنّ ما تعيشه “إسرائيل” قد تكون “الأيام الجيدة” مقارنةً بما ينتظرها لاحقًا إذا لم يحدث تغيير جذري في “سياسة الحكومة”.

ما أوردته “هآرتس” حقيقة واضحة عن حجم الفشل الإسرائيلي في غزة، داعية إلى استغلال الموقف قبل أن يزداد الوضع سوءًا.

وسط هذا الكم الكبير من الاعترافات، بفلسطين أو بحل الدولتين، السؤال ماذا بعد الاعتراف؟ لم تفصل الدول خارطة الاعتراف والحدود، ولا قضية المستوطنين الذين استحوذوا على مساحات كبيرة من فلسطين، بل أن هذه الدول ذاتها فشلت في إيقاف حرب الإبادة، ومدت يدها للاحتلال بالأسلحة والمعلومات، وحتى التبادل التجاري، مع قدرة هذه الدول فعلًا على لجم جرائم الاحتلال ومنع التهجير القسري للسكان؛ إلا أنها لجات لخطوات الاعتراف كي تنأى بنفسها عن المسؤولية التي انحازت لـ “إسرائيل” وتركت غزة تنزف حتى اليوم بلا حلول مؤثرة ومقنعة.

من الناحية القانونية، يوضح أستاذ القانون الدولي رومان لوبوف أن الاعتراف “واحد من أكثر المسائل تعقيداً في القانون الدولي”، إذ يظل قراراً سيادياً لكل دولة دون وجود آلية مركزية لتسجيله. أما فيليب ساندز، أستاذ القانون الفرنسي البريطاني، فيعتبر أن الاعتراف “تغيير في قواعد اللعبة”، لأنه يضع فلسطين وإسرائيل على قدم المساواة في التعامل بموجب القانون الدولي، حتى لو لم يؤدِّ مباشرة إلى تغيير ميزان القوى على الأرض.

الكاتب والصحافي الفلسطيني ياسر الزعاترة، وصف هذه الاعترافات بالوجبة المؤقتة، حيث نشر صورة للخرائط التي نشرتها بريطانيا، وكتب يقول: “تركوا الدّم النازف وصرخات الجوع، وانشغلوا بدولة.. شاهدوا خريطتها البريطانية”، وأضاف: “في قضايا السياسة والحروب، وكما في مختلف شؤون الحياة، هناك ما يُسمّونه واجب الوقت.. واجب الوقت الآن هو وقف نزيف الدّم والتجويع في غزة، وليس بيع وهّم ما زال يُباع منذ 58 عاماً بلا توقّف، فيما الأرض تُسرق أمام أنظار العالم أجمع.. هاتوا لنا زعيما من المعترفين بالدولة يؤكّد على وجوب أن تكون كاملة السيادة على كامل الأراضي المحتلة عام 67، بما فيها القدس الشرقية”.

 

اعتراف رمزي

إجمالًا يمكن القول ان زخم هذه الاعترافات الغربية بفلسطين، خطوة رمزية دون التزام حقيقي بتغيير الواقع على الأرض، كما أن الدول الغربية استخدمت الاعتراف لامتصاص غضب الشعوب العربية والإسلامية، من جهة أخرى لا يرافق الاحتلال إجراءات عملية مثل وقف الاستيطان، أو ضمان السيادة الفلسطينية الكاملة، أو فرض عقوبات على “إسرائيل”.

يحصل الشعب الفلسطيني على شرعية دولية شكلية؛ لكنها لا تغير ميزان القوى ولا تضمن لهم دولة حقيقية، بينما الواقع العملي ينحاز لـ ” إسرائيل”.

 

قد يعجبك ايضا