المصدر الأول لاخبار اليمن

في البحر الأحمر: كيف أجبرت عمليات سلطات صنعاء اقتصاد الاحتلال على دفع “ثمن حرب غزة”؟

صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية

 

في ظل استمرار العمليات التي تفرضها سلطات صنعاء على الملاحة البحرية المرتبطة بـ الكيان الإسرائيلي، تتوالى اعترافات وسائل الإعلام التابعة للاحتلال بالكلفة الباهظة لهذا الحصار على اقتصاده، مؤكدةً على الأثر العميق وغير المسبوق الذي طال سلاسل التوريد. وتكشف هذه التطورات عن تحول نوعي في موازين الردع الإقليمية، تترسخ فيه معادلات جديدة ترسمها الإجراءات المتخذة دعمًا لغزة وكسرًا للحصار المفروض عليها.

في هذا السياق، لم يعد الأثر مجرد تخمينات، بل حقائق يقرّ بها الإعلام داخل الكيان ذاته. فقد أكدت القناة الـ 12 الإسرائيلية، في تقرير بثته مؤخرًا، أن سلطات الاحتلال تواجه أزمة خانقة في سلاسل التوريد العالمية نتيجة عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، والتي تواصل فرض حضورها بقوة في المنطقة. وتتضاعف حدة هذه الأزمة بالنظر إلى الاعتماد الكبير للكيان على الطرق البحرية، حيث يمر عبر البحر 70% من وارداته و95% من صادراته، ما يجعله شديد التأثر بأي تهديد يطال هذه الممرات الحيوية.

ويأتي هذا الكشف ليؤكد أن اليمنيين باتوا يشكلون التهديد الأبرز لسلاسل الإمداد الإسرائيلية، لا سيما في قطاعات حيوية كالسيارات، الأجهزة الكهربائية، والوقود. وقد انعكست آثار هذه الأزمة بالفعل على السوق الداخلية، حيث بدأت الأسعار في الارتفاع واختفت بعض المنتجات والعلامات التجارية من المتاجر، في صورة واضحة لتفاقم الأزمة الاقتصادية.

وفي الوقت الذي تفتقر فيه حكومة الاحتلال حتى اللحظة إلى رؤية استراتيجية لمعالجة هذا الواقع المتصاعد، كما أشارت الرئيسة التنفيذية لمجموعة “تفن” للاستشارات، يبقى التزام سلطات صنعاء بقرار حظر الملاحة للسفن المتعاملة مع سلطات الاحتلال هو العنصر الفاعل الذي يفرض معادلاته، مؤكدًا على فاعلية خياراته في دعم القضية الفلسطينية.

حصار صنعاء البحري يضرب “أعمق نقطة”: اعتراف إسرائيلي بأزمة غير مسبوقة في سلاسل التوريد وكلفة اقتصادية باهظة.

الاستهداف الدقيق

وكانت سلطات صنعاء، أعلنت على لسان المتحدث العسكري باسم قواتها، يحيى سريع، مطلع الأسبوع الماضي، عن تنفيذ عملية عسكرية “نوعية” في خليج عدن استهدفت السفينة “مينيرفا كرات” (Minerva Karat)، مؤكدة بذلك استمرارها في فرض حصار بحري فعال على الكيان الإسرائيلي.

وأكد سريع، أن العملية نُفذت بـصاروخ مجنح أصاب السفينة “بشكل مباشر واشتعلت فيها النيران”، ما جعلها “معرضة للغرق”. وأوضح سريع أن الاستهداف جاء نتيجة طبيعية لانتهاك الشركة المالكة للسفينة، ومقرها أمستردام، لقرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة. وتأتي هذه العملية “انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني” وتأكيداً على استمرار الإسناد في البحرين الأحمر والعربي.

وفقا للبيان وما اوره موقع أسبيدس، فإن السفينة، التي ترفع علم هولندا، أُصيبت على بعد 128 ميلاً من اليابسة جنوب شرق عدن. وقد أبلغت الشركة المالكة عن إلحاق “أضرار بالغة” بها، بينما أشارت بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية إلى إصابة اثنين من البحارة وإجلاء طاقمها المكون من 19 فرداً عبر هليكوبتر، في سردية تتسق مع وقائع الحدث [المصدر: بيان يحيى سريع، تقارير الشركة المالكة، بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية.

وفي سياق متصل، تتناقض مزاعم تقارير أمريكية تشكك في نجاح الاستهداف، وتزعم عدم ارتباط السفينة بالكيان الإسرائيلي، مع تأكيد سلطات صنعاء على دقة الاستهداف وامتلاكها لقدرات استخباراتية تمكنها من تحديد الأهداف على بعد مئات الكيلومترات، والتركيز على الشركات التي تخرق قرار الحظر، في إطار دعمها لغزة بفرض حصار بحري على العدو.

 

قواعد الحظر

تأتي عملية “مينيرفا كرات” ضمن سلسلة عمليات بحرية سابقة نفذتها قوات صنعاء استهدفت سفناً تنطبق عليها قواعد الاستهداف الدقيقة، لخرقها قرار حظر التعامل مع الكيان الإسرائيلي. وكان من أبرز تلك الاستهدافات ما طال السفينة “ماجيك سيز” التي أُعلن عن غرقها لاحقاً بعد أن ثبت أنها زارت ميناءً محتلاً في الأراضي الفلسطينية هذا العام، وكذلك السفينة “إترنتي سي” (Eternity C) التي تعرضت لهجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة.

أشارت وسائل إعلام غربية ومراكز مراقبة الملاحة، مثل “مارين ترافك” و”سيت ريد”، إلى أن الهدف من هذه العمليات هو استهداف السفن التي تعاملت مع سلطات الاحتلال بزيارة الموانئ المحتلة. وتؤكد بيانات هذه الشركات المرجعية على دقة الاستهدافات اليمنية التي تطال الشركات التي تخرق قرار الحظر.

 

صياغة معادلة ردع جديدة

أكد المحلل العسكري، العميد عمر معربوني، على أن الاستهدافات الأخيرة تدل على “الدقة في التعاطي مع المعطيات والمعلومات” والاحترافية والقدرة الاستخباراتية لسلطات صنعاء. وأشار إلى أن “قوة القرار اليمني” تجلت في تنفيذ التهديدات بقوة وواقعية.

من جهته، أكد المحلل نضال زهوي أن العمليات تأتي استكمالاً للحصار البحري، مشيراً إلى أن التحالفات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة خرجت “مذلولة” من المعركة، وأن الدفاعات اليمنية المتطورة نجحت في التصدي للطيران المعادي

وفي إقرار ضمني بفعالية العمليات اليمنية، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن إنشاء جيش الاحتلال الإسرائيلي وحدتين استخباريتين جديدتين لمتابعة ما وصفته بـ”الخطر المتزايد” من قبل القوات المسلحة اليمنية. وأقر التقرير العبري بـ”نقلة نوعية” في القدرات الدفاعية والهجومية لسلطات صنعاء، مؤكداً أن امتلاك اليمن لترسانة من الصواريخ الدقيقة يشكل “تهديداً مباشراً على الكيان”.

على الصعيد الاقتصادي، ووفقا لتقارير اقتصادية إسرائيلية، أدت العمليات البحرية المستمرة إلى تحول جذري في مسارات التجارة العالمية المتعاملة مع الكيان، وفرض عبئاً اقتصادياً متزايداً ومباشراً على الكيان الإسرائيلي. وأجبرت شركات الشحن الكبرى على سلوك مسارات أطول وأكثر تكلفة حول رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى زيادة هائلة في تكاليف الشحن وارتفاع أقساط التأمين البحري إلى مستويات “غير مستدامة”. كما شهدت حركة الملاحة في الموانئ المحتلة توقفاً شبه كامل، خاصة في ميناء إيلات/أم الرشراش، مما أثر سلباً على سلاسل الإمداد والتجارة الخارجية للكيان.

أما على الصعيد العسكري، يؤكد محللون عسكريون أن التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة قد أثبتت فشلها في “حماية الملاحة الإسرائيلية”، وكشفت محدودية قوتها البحرية أمام التكتيكات المتطورة لقوات صنعاء، حيث أدى التباين بين التكلفة الباهظة للصواريخ الاعتراضية الغربية وتكلفة الطائرات المسيرة والزوارق اليمنية الأقل ثمناً إلى “استنزاف كبير” للتحالف البحري.

وقد نجحت سلطات صنعاء، حسب مراقبون، في ترسيخ معادلة ردع جديدة في المنطقة، مفادها أن استمرار العدوان على غزة سيُقابَل بتصعيد مباشر مستمر ومؤثر يطال المصالح الحيوية للكيان وحلفائه، مما يجعل من البحر الأحمر ساحة لا يمكن فيها تجاهل الدور المحوري لسلطات صنعاء. وقد نفذت قوات صنعاء أكثر من 100 هجوم وأغرقت أربع سفن مرتبطة بالعدو منذ بدء عملياتها.

 

 

شهادات دولية

تأتي العملية في ظل تصاعد الاعتراف الدولي بقدرات سلطات صنعاء. فقد أشاد الإعلامي والمحلل السياسي الأمريكي مايك هاريس، محرّر مجلة المحاربين “Veterans Today”، بالموقف الإنساني والعملي لسلطات صنعاء في مواجهة الاحتلال، مؤكداً أنها تتحرك ضمن “مشروع تحرّري واضح في مواجهة الهيمنة والعدوان”. كما أكد الخبير الأمريكي ريتشارد وولف أن اليمن “أصبح لاعباً قادراً على إعادة كتابة قواعد المواجهة”.

وتُعبر هذه المواقف الأمريكية عن تحول في الرأي العام الغربي، في ظل الانتقادات للسياسات الإسرائيلية في غزة. وقد لخصت كتائب القسام التناقض الدولي بقولها: “عندما اليمن تستهدف السفن الذاهبة إلى اسرائيل يقولوا عنها قرصنة… وعندما اسرائيل تقطع الطريق على قوارب أحرار العالم الذاهبة إلى غزة… لا يتكلم أحد”.

 

من البحر الأحمر إلى غزة: كيف نجحت “قوة القرار اليمني” في إجبار واشنطن على إيقاف العدوان وإعادة كتابة قواعد اللعبة؟

سقوط حاملات الطائرات الأمريكية

لقد تحول البحر الأحمر إلى “مقبرة الغزاة”، ليس فقط للتدخلات الاستعمارية، بل أيضاً لـ مفاخر التكنولوجيا الغربية، حيث واجهت حاملات الطائرات الأمريكية صواريخ سلطات صنعاء. وكشف موقع “كالكاليست” العبري أن قرار الرئيس الأمريكي بوقف الحملة الجوية على اليمن جاء نتيجة “أسباب خفية”، أهمها صاروخ يمني كاد أن يصيب حاملة الطائرات “هاري ترومان” في ليلة 28 أبريل.

التقرير العبري ذاته، ضمن ما وصفه بـ”الليلة التي خاف فيها ترامب”، كشف أن هجوماً مركباً بصاروخ باليستي دقيق وطائرات مسيرة أربك أنظمة الدفاع الأمريكية. وزعم التقرير أن الصاروخ لم يصب هدفه مباشرة، ولكنه أجبر الحاملة على مناورات حادة أدت إلى سقوط طائرة مقاتلة من نوع F-18 تُقدر قيمتها بـ70 مليون دولار في البحر. ووصف التقرير هذا الصاروخ بأنه “الجوكر” في ترسانة سلطات صنعاء، لما يمثله من تهديد استثنائي لحاملات الطائرات الأمريكية، مؤكداً أن واشنطن أدركت حجم الفجوة بين المكاسب والخسائر.

النتيجة العملية، ووفقا للمصدر ذاته، أدى التصعيد إلى هروب متكرر لحاملات الطائرات الأمريكية، بما في ذلك “آيزنهاور” و”هاري ترومان” و”فينسون”، واستبدالها بحاملات أخرى، ليتم في النهاية إعلان الولايات المتحدة الرضوخ لإيقاف عدوانها في 7 مايو 2025 والقبول بالوساطة العمانية لخفض التصعيد. وقد سقطت أيضاً (22) طائرة من نوع MQ9 وثلاث طائرات F-18 أخرى تحت ضغط النيران اليمنية والمناورات الاضطرارية.

 

قد يعجبك ايضا