المصدر الأول لاخبار اليمن

خبير اقتصادي يكشف مؤشرات انهيار قطاعات “الاحتلال” الحيوية بعد عامين من طوفان الأقصى

الخبير والمحلل الاقتصادي سليم الجعدبي لوكالة الصحافة اليمنية:

صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية

 

يأتي الحديث عن تداعيات عملية “طوفان الأقصى”، التي تصادف ذكراها الثانية، ليؤكد على أن الفعل الجهادي قد مثل نقطة تحول كبرى أحدثت اختلالات عميقة في بنية الكيان الإسرائيلي، خاصة على الصعيد الاقتصادي.

وفي هذا الشأن وصف الخبير والمحلل الاقتصادي اليمني سليم الجعدبي، اقتصاد الاحتلال بالهش وسهل الاستهداف، كاشفًا في تصريح خاص لـ “وكالة الصحافة اليمنية” عن خسائر مالية فاقت الـ 250 مليار شيكل خلال عامين، وتراجعًا حادًا في قطاعات حيوية، مدعومة بحصار فاعل من قبل سلطات صنعاء على الملاحة البحرية.

 

قطاعات حيوية في مرمى الاستنزاف

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعتمد على الاستيراد بشكل كبير، ويستورد حوالي 107 مليار دولار سنوياً، أصبح في حالة استنزاف تدريجي، وقد امتدت تداعيات العمليات لتشمل أبرز القطاعات التي يعتمد عليها الكيان.

ويمثل الاعتماد على الشحن البحري نسبة 99% من حركة الواردات، ومع عمليات فصائل المقاومة وحصار سلطات صنعاء، انخفضت واردات الكيان من 107 مليار دولار إلى حوالي 90 مليار دولار.

ولفت الخبير الجعدبي إلى أن انقطاع سلاسل الإمداد البحري، أدى إلى “ارتفاع أسعار المواد والأسعار الغذائية وأسعار المواد الأساسية وارتفعت مستويات التضخم إلى حد غير مسبوق”. هذا الارتفاع المباشر في تكلفة المعيشة أدى إلى “حنق وتذمر كثير من المستوطنين”، مما يُظهر الأثر الفعلي للحصار على الجبهة الداخلية للكيان.

كما شدد على الدور المحوري لعمليات قوات صنعاء البحرية في عملية الاستنزاف، خاصة من خلال حصار ما يُطلق عليه “ميناء إيلات” (أم الرشراش) الميناء الذي يوصف بأنه “الرئة التنفسية للكيان الصهيوني” خاصة في مجال النفط الخام والمشتقات النفطية، والذي شهد إغلاقاً كاملاً وتسريح آلاف الموظفين، مما أحبط مخطط الكيان لفتح قناة “بن غوريون” كبديل لقناة السويس.

وذكر أن قطاع السياحة تعرض أيضًا لضربة قاصمة، حيث تأثرت الإيرادات، التي كانت تُقدر بـ 12 مليار دولار سنوياً، بنسبة 90%، وفقاً لتقارير وزارة الاقتصاد والمالية التابعة لسلطات الاحتلال. فبعد أن كان الكيان يستقبل ما يصل إلى 5 ملايين سائح سنوياً، لم يتجاوز عدد السياح في عام 2024 800 ألف سائح فقط، ما أثر على مكانة الكيان كوجهة سياحية مزعومة.

وتشير الإحصائيات، إلى أن قطاع التكنولوجيا في كيان الاحتلال تأثر هو الآخر ، حيث تم إغلاق أكثر من 44% من الشركات التكنولوجية الـ 9200، فيما يشهد القطاع مغادرة 2000 موظف شهرياً، حيث وأن الكيان يعتمد على قطاع التكنولوجيا في 52% من صادراته، وبما يعادل أكثر من 35 مليار دولار، ويشكل 20% من الناتج المحلي للكيان. ومع عمليات المقاومة، تأثر تدفق سلاسل القيمة والمواد الأساسية اللازمة للصناعات التكنولوجية،

وامتدت العمليات لتطال عصب اقتصاد الكيان، حيث تأثرت منشآت الطاقة في “أم الرشراش”، التي تحوي خزانات نفطية وخط أنابيب يمتد من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، توقف الإنتاج في حقول الغاز (كاريش، ليفياثان، تمار) بشكل متكرر، خوفاً من ضربات الطيران المسيَّر والقوة الصاروخية لسلطات صنعاء.

 

التداعيات العسكرية

شهد قطاع الصناعات والتجارة العسكرية في الكيان الإسرائيلي هزّة قوية بعد عمليات المقاومة، ولاسيما العمليات البحرية اليمنية، وكذلك عمليات القوة الصاروخية والطيران المسير، حيث أدت الأحداث إلى تآكل الثقة في المنظومات العسكرية الإسرائيلية، ما أسفر عن خسائر مالية فادحة.

أشار الخبير والمحلل الاقتصادي الجعدبي إلى أن الكيان الإسرائيلي كان يروّج لـ “السمعة وقوة السلاح الإسرائيلي والتكنولوجيا الإسرائيلية”، خاصة منظومات مثل “القبة الحديدية” و “حيتس 2 وحيتس 3″، وقدرتها على استهداف الصواريخ الباليستية طويلة المدى والمسيّرات المتفجرة.

كما أن العمليات العسكرية المستمرة كشفت عن فشل هذه المنظومات في حماية الكيان نفسه، مما أدى إلى تداعيات مباشرة على صادرات الكيان العسكرية. ونتيجة لهذا الانكشاف، تكبّد اقتصاد الكيان خسائر تُقدَّر بـ 15 مليار دولار، وهي عبارة عن قيمة صفقات تم إلغاؤها عبر دول مختلفة، تبين لها أن المنظومات المروَّج لها بحاجة إلى تحديثات ولا تقدم الحماية الموعودة.

 

السعودية تنقذ الاحتلال بالنفط

في مفارقة لافتة، يواجه المحللون تساؤلات حول الكيفية التي تحوّل بها الكيان الإسرائيلي من مستورد صافٍ للنفط إلى دولة مصدرة له، رغم أن احتياجاته اليومية التي تفوق إنتاجه بكثير. هذا اللغز يكشف خيوطاً دقيقة حول الاعتماد المالي واللوجستي للكيان على حلفاء إقليميين.

يوضح الخبير الاقتصادي الجعدبي أن الكيان الإسرائيلي هو بالأساس “كيان مستورد”، حيث لا يتجاوز إنتاجه اليومي (2000) برميل، في حين تتعدى احتياجاته اليومية (200,000) برميل. هذا الفارق الهائل يجعل اعتماده على النفط الخام المستورد أمراً حتمياً.

لكن المثير للاستغراب هو تحوّل الكيان إلى “دولة مصدّرة” للنفط، مما أثار تساؤلات عن مصدر هذه الإمدادات. هنا، يكشف الخبير عن تفاصيل خطيرة، حيث أشار إلى وجود خط أنابيب “منذ العام 1948″، تم تكييفه من قبل الأمريكي والبريطاني لتزويد الكيان بـ “شريان الحياة” من “صهاينة العرب”، وتحديداً من “السعودية”. هذا الخط يمتد من منشآت نفطية في الأراضي السعودية إلى الأراضي المحتلة.

 

ومحاولات كسر الحصار

ومع إحكام سلطات صنعاء سيطرتها على حركة الملاحة في البحر الأحمر، تزايدت محاولات “مملكة آل سعود” وحلفائها الاماراتيين لكسر الحظر المفروض على الكيان الإسرائيلي. وقد تمثلت هذه المحاولات في محاولة مد “جسر بري أو عن طريق خط أنابيب”. كما قامت شركة أرامكو السعودية بـ “ضخ كميات كبيرة من النفط” عبر خط أنابيب “سوميد” الواقع على الأراضي المصرية، من ميناء عين السخنة إلى الموانئ في البحر الأبيض المتوسط.

ويؤكد الخبير أن هذه التدخلات من الكيانات الإقليمية تهدف بشكل رئيسي إلى “إنقاذ الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة” من الانهيار الاقتصادي الناتج عن عمليات المقاومة وحصار سلطات صنعاء.

 

مؤشرات الانهيار

وأكد الخبير الاقتصادي سليم أن الخسائر الحقيقية للكيان تتجاوز الأرقام المعلنة، وقد تتعدى التريليون ومئة مليار دولار. وأوضح أن الكيان يعتمد بشكل كامل على الدعم الأمريكي، الذي لجأ إلى “الطباعة النقدية المفرطة للدولار” لتمويل آلة الحرب الإسرائيلية، حيث تم تخصيص جزء كبير من الزيادة في العرض النقدي (من 20 تريليون دولار إلى 22 تريليون دولار) لتمويل تكاليف الحرب.

ومع تفاقم الأزمة، أشار الخبير إلى مؤشرات كارثية تلوح في الأفق، منها أن عجز موازنة الكيان قارب 60 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة، حليف الكيان الرئيسي.

 

تآكل الثقة في الداخل والخارج

هذه الخسائر تعكس تراجعاً في المكانة العالمية للكيان كقوة تصنيعية عسكرية، كما أنها تتزامن مع تآكل الثقة داخل الكيان نفسه. إذ أنه، وكما تذكر تقارير وسائل الاعلام العبرية، ومنها يديعوت أحرنوت وهآرتس، أن المشهد الداخلي يعيش على وقع “تآكل الثقة بالمؤسسة العسكرية وتراجع معنويات جيش الاحتلال الإسرائيلي”، مما يؤكد أن الضربة العسكرية أحدثت شرخاً مزدوجاً: أحدهما في السوق الدولية للمبيعات العسكرية، والآخر في الجبهة الداخلية للكيان.

كما نوه سليم  بأن “الكيان الصهيوني قادم على مراحل كارثية”، فإن صموده يعتمد على “حبل من الله وحبل من الناس”، وهذا الأخير يتمثل في الواردات والبضائع، داعياً إلى مقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية التي تملأ الأسواق العربية والإسلامية، ومؤكداً أن “العمليات القادمة” لمحور المقاومة ستستمر حتى يتم إيقاف العدوان على غزة، وأنها قد تمتد لتشمل خنق الكيان من ناحيتي المياه والكهرباء.

لم تقتصر تداعيات الحرب على الأرقام الاقتصادية الصماء أو القطاعات الحيوية فحسب، بل امتدت لتلامس الحياة اليومية للمستوطنين، مولدة حالة من الاستياء والانزعاج الداخلي غير المسبوق. فكما أوضح الجعدبي، ووفقاً لتقارير الإعلام العبري، فإن المشهد الداخلي يعيش حالة من التدهور، حيث يعاني عشرات الآلاف من المستوطنين من حالة نزوح داخلي قسري من المناطق الحدودية شمالاً وجنوباً، وهو ما يمثل أزمة مجتمعية وخدماتية عميقة. هذا النزوح يتزامن مع تآكل واضح للثقة في المؤسسة العسكرية وتراجع معنويات جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ناهيك عما أفضت إليه حالة الإحباط الأمني والاقتصادي من تزايد الدعوات داخل كيان الاحتلال لإجراء انتخابات مبكرة، حيث شهدت الأراضي المحتلة سلسلة احتجاجات واسعة طالبت برحيل حكومة نتنياهو، وحمّلتها مسؤولية “الفشل الأمني الأكبر في تاريخ الكيان الإسرائيلي الغاصب”. وتُظهر هذه التطورات مدى الضغط الشعبي الذي يواجهه قادة الكيان نتيجة الخسائر المتراكمة والفشل في تحقيق الأمن الموعود للمستوطنين.

قد يعجبك ايضا