المصدر الأول لاخبار اليمن

عامان من الإسناد: صنعاء تفرض عزلة اقتصادية على الاحتلال وتفشل آلة “الشيطنة” الإعلامية!!

صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية

 

تواصل سلطات صنعاء تسجيل حضورها الفاعل والمؤثر في معادلات الصراع الإقليمي عبر مسار ثابت من الإسناد العسكري والبحري، متوّجاً بمسيرات مليونية حاشدة في العاصمة صنعاء والمحافظات، أعلنت عن عامين من الإسناد المتواصل لغزة تحت شعار “طوفان الأقصى.. عامان من الجهاد والتضحية حتى النصر”. هذا الإسناد لم يقتصر على كونه موقفاً سياسياً، بل تُرجم إلى إجراءات عملية فرضت عزلة اقتصادية واضحة على الكيان الإسرائيلي وداعميه، وأسقطت جزءاً كبيراً من مصداقية الآلة الإعلامية الغربية.

 

المسيرات المليونية

شهدت العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى مظاهرات مليونية أمس الجمعة، مثلت تأكيداً راسخاً على الموقف اليمني الثابت والداعم لغزة، كاشفة عن خيار أخلاقي واستراتيجي نابع من إرادة وطنية متحررة بعد ثورة 21 سبتمبر، ومتسق مع مسارات وتطورات الأحداث الجارية. افتتح بيان المسيرات بالثناء على صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة الباسلة في غزة، مؤكداً أن هذا الصمود أثبت فشل العدوان، حيث لم ينجح الكيان الإسرائيلي في تحقيق أهدافه المعلنة منذ بدء “طوفان الأقصى”، مشيراً إلى أن ثبات المقاومة ووحدة الشعب الفلسطيني أدّيا إلى عجز ومأزق لـسلطات الاحتلال وداعمها الأمريكي، الأمر الذي كشف عن هشاشة المشروع العدواني.

إلى جانب ذلك، جدد المشاركون العهد والولاء للقيادة، وباركت المسيرات مواقف محور المقاومة متمثلاً في (حزب الله، المقاومة العراقية، والجمهورية الإسلامية في إيران)، واعتبرتها ركائز صمود أساسية في مواجهة المشروع الصهيوني–الأمريكي. وختم البيان بالتشديد على الجاهزية والتحذير، مؤكداً الاستعداد الدائم للتحرك الشامل في مواجهة أي تصعيد من الكيان الإسرائيلي أو الأمريكي، مما يعكس تحول اليمن إلى قوة فاعلة قادرة على المساهمة العملية في معادلات الصراع، ووجه انتقادات قاسية للأنظمة العربية التي وصفت بالتآمر أو الخيانة.

 

شلل ميناء إيلات وأزمة تأمين عالمية

في سياق متصل، تواصل سلطات صنعاء الإسناد العسكري والبحري، حيث تفرض حصاراً بحرياً شاملاً على سفن الكيان الإسرائيلي والسفن المتعاملة مع موانئه، ما يترجم عملياً إلى إفشال واضح لكافة محاولات الحماية التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها. وتؤكد الوقائع أن السفن المشمولة بقواعد الاستهداف التي فرضتها سلطات صنعاء لا تفلت من نيرانها، وآخرها العملية النوعية التي استهدفت السفينة “مينيرفا كرات” (Minerva Karat) في خليج عدن لانتهاكها قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة، بعد استهداف السفينتين “ماجيك سيز” و”إترنتي سي” (Eternity C).

وقد أحدثت العمليات البحرية تحولاً جذرياً في مسارات التجارة العالمية، وفرضت عبئاً اقتصادياً متزايداً ومباشراً على الكيان الإسرائيلي، حيث تضاعفت أسعار النقل البحري وارتفعت أقساط التأمين بشكل غير مسبوق، مما أدى إلى تثبيط الشركات الدولية عن التعامل مع الموانئ المحتلة. وتشير التقارير إلى توقف شبه كامل في الموانئ الجنوبية المحتلة، خاصة ميناء إيلات، الذي أصبح مفلساً تقريباً، بحسب صحيفة “آسيا تايمز”.

امتد تأثير الحظر ليشمل حلفاء الاحتلال، حيث كشف موقع “أويل برايس” الأمريكي عن أن شركات تأمين الشحن البحري بدأت تفرض رسوماً إضافية على السفن المرتبطة بالشركات الأمريكية والبريطانية، تصل إلى 50% في أقساط مخاطر الحرب للإبحار في البحر الأحمر، كما أن بعض الشركات بدأت ترفض التعامل مع هذه السفن، وهو ما يتوقع أن يكبد الاقتصادين الأمريكي والبريطاني خسائر باهظة ويدفع لارتفاع الأسعار. هذا التأكيد على دقة الاستهداف اليمني جاء على لسان الرئيس العالمي للخدمات البحرية في شركة مارش للتأمين لوكالة رويترز، حيث قال إن السفن التي واجهت مشكلات ترتبط جميعها تقريباً بعناصر ملكية إسرائيلية أو أمريكية أو بريطانية، مما يؤكد دقة الاستخبارات اليمنية.

 

إجهاد أمريكي وهروب للاستثمارات

لم تقتصر فاعلية العمليات على الجانب الاقتصادي، بل امتدت لتظهر فشل الحماية الأمريكية وجيش الاحتلال الإسرائيلي. فقد أقر محللون عسكريون بأن الاستهدافات تتسم بـ”الدقة في التعاطي مع المعطيات والمعلومات” والاحترافية، مؤكدين أن اليمنيين ينفذون تهديداتهم بقوة.

وفي إقرار ضمني بفعالية العمليات، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بإنشاء وحدتين استخباريتين جديدتين لمتابعة “الخطر المتزايد” من قبل القوات المسلحة اليمنية، مقرة بحدوث “نقلة نوعية” في القدرات الدفاعية والهجومية لـسلطات صنعاء، خاصة في مجالات التصنيع المحلي للصواريخ والطائرات المسيرة.

وتناولت صحيفة “بيزنس إنسايدر” الأمريكية تأثير العمليات على البحرية الأمريكية، مشيرة إلى أنها أحدثت “منحنى تعلم حاد” وأجبرتها على مراجعة عقيدتها القتالية واستراتيجيات إدارة الذخائر، والتحول للتركيز على الذخائر الأقل تكلفة بدلاً من صواريخ باهظة الثمن مثل SM-6 و SM-2 التي استنزفت مخزونها، مما يؤكد أن اليمن نجح في فرض معادلة ردع منخفضة الكلفة أربكت البحرية الأمريكية.

في العمق أيضاً، استمرت العمليات العسكرية اليمنية في العمق الصهيوني، حيث تشهد المستوطنات سقوطاً شبه يومي للصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيَّرة اليمنية، في مؤشر واضح على عجز منظومات الدفاع الصهيونية والغربية، وقد أكد خبراء عسكريون مثل العميد عبد الغني الزبيدي أن اليمن يمتلك “بنك أهداف واسعاً وحساساً لدى العدوّ الصهيوني”، وأن العمليات لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار على قطاع غزة، مشيراً إلى أن القدرات العسكرية اليمنية باتت تمثل تحدياً كبيراً للعدو الصهيوني والأمريكي وحلفائه. كما أشار الخبير العسكري العميد عابد الثور إلى أن “التكنولوجيا اليمنية تمثّل تحدياً كَبيراً للتكنولوجيا الأمريكية والإسرائيلية على حَــدٍّ سواء”.

 

العزلة الاقتصادية وتآكل المصداقية الغربية

العمليات اليمنية المتواصلة، إلى جانب استمرار الحرب على غزة، دفعت برجال الأعمال والأثرياء إلى الهروب وخروج الاستثمارات من الكيان الإسرائيلي في ظل غياب البيئة الاستثمارية الآمنة، حيث أظهر تقرير هجرة الثروات الخاصة لعام 2024 الصادر عن شركة “هنلي أند بارتنرز” أن المهاجرين الأثرياء المغادرين من الكيان أكثر من المصرين على البقاء، وهو خروج كبير عن مركزه السابق كوجهة لأصحاب الملايين. وتعمقت أزمة الاحتلال مع مضاعفة الحصار ليدخل ميناء حيفا ضمن دائرة الحظر البحري، بالإضافة إلى أزمة مطار اللُّد المُسمَّى إسرائيلياً [بن غوريون] نتيجة الهروب المتواصل لشركات الطيران.

هذا الإسناد لم يقتصر تأثيره على الجبهة العسكرية والاقتصادية، بل أدت فاعلية التنسيق العملياتي بين جبهات الإسناد (اليمن، لبنان، العراق) إلى تخفيف الضغط الميداني على غزة عبر فرض توزيع قسري للموارد العسكرية لـجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وفي مقابل هذه الفاعلية، فشلت الآلة الإعلامية الغربية في شيطنة هذه التحركات، حيث أدى التركيز المفرط على “تهديد الملاحة” وتجاهل حجم الإبادة في غزة إلى تآكل مصداقية هذا الإعلام، وكشف عن الازدواجية الأخلاقية الغربية، مما دفع الجمهور للبحث عن مصادر معلومات بديلة، وعمق الحراك الشعبي المتضامن مع فلسطين في الغرب والجنوب العالمي.

في الختام، تؤكد التطورات الميدانية والتحليلات العسكرية أن سلطات صنعاء تواصل صناعة الموقف التاريخي في دعم غزة، وأن العمليات اليمنية لا تمثل ضربة رمزية فحسب، بل تفرض على الكيان الإسرائيلي مراجعة منظومة الحماية والتدفق التجاري والعملياتي، بما يضاعف الأعباء على اقتصاد الحرب ويقوّض هامش المناورة، وتثبت أن الجهاد والصبر هما الطريق لإسقاط مخططات العدوان، وأن الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت.

 

قد يعجبك ايضا