المصدر الأول لاخبار اليمن

تجاهل دعوات السلام .. هل تبدّد فرص استمرار التهدئة بين صنعاء والرياض؟

صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية

رغم مرور أكثر من أربع سنوات على اتفاق التهدئة الذي رعته الأمم المتحدة بين صنعاء والتحالف بقيادة السعودية ، ورغم التوصل إلى خريطة طريق شاملة للسلام عقب جولات تفاوضية مكثفة بين الرياض وصنعاء، ما تزال الرياض ترفض الانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى مرحلة تنفيذ استحقاقات السلام .

في سبتمبر 2023، كانت المباحثات بين صنعاء والرياض قد بلغت مرحلة متقدمة جداً، وسط توقعات بالتوقيع الرسمي على خريطة الطريق، غير أن التدخل الأمريكي أوقف المسار في لحظاته الأخيرة ، فقد مارست واشنطن ضغوطاً على الرياض لوقف التوقيع، بذريعة مشاركة صنعاء في معركة طوفان الأقصى ودعمها العسكري لغزة، في محاولة لاستخدام الملف اليمني كورقة ضغط لإجبار صنعاء على التراجع عن موقفها ووقف عملياتها العسكرية المساندة لغزة .

 

 

واشنطن تربط السلام بموقف صنعاء من غزة

وقد عبّر المبعوث الأمريكي إلى اليمن “تيم ليندركينغ” عن هذا الموقف بوضوح عندما صرّح لقناة الشرق السعودية في يناير 2024 : قائلاً إن “الهجمات على السفن تهدد فرصة السلام في اليمن”، وهو الموقف ذاته الذي كرره أكثر من مسؤول أمريكي خلال الأشهر اللاحقة .

وفي 20 يونيو 2024 ، كشف رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام في حوار مع قناة الميادين أن الاتفاق مع السعودية كان جاهزاً بالكامل، وتم التفاهم على نص خريطة طريق للسلام، ولم يتبق سوى الإعلان الرسمي عنها قبل أن يتجمد تنفيذها عقب عملية طوفان الأقصى وموقف صنعاء الداعم لغزة .

 وأوضح عبدالسلام أن الاتفاق في مرحلته الأولى تضمن وقف إطلاق النار ورفع القيود عن الموانئ وصرف المرتبات وتنفيذ إجراءات اقتصادية لتحسين الوضع المعيشي، إضافة إلى تبادل الأسرى ،وأكد أن الطرفين توصلا بالفعل إلى اتفاق مكتوب ومحدد المراحل نُقل إلى الأمم المتحدة ووافقت عليه السعودية، غير أن تنفيذه أُوقف بعد مشاركة صنعاء في دعم غزة وإسناد المقاومة الفلسطينية .

تصعيد اقتصادي وتحذيرات

لم يتوقف الموقف السعودي على تأجيل توقيع خارطة الطريق فحسب، بل اتجهت الرياض تحت الضغوط الامريكية إلى تصعيد الحصار الاقتصادي عبر الحكومة الموالية لها في عدن، مستهدفة مطار صنعاء وشركة الطيران والبنوك والمؤسسات التجارية ، ولم تُدرك السعودية أن هذا التصعيد قد ينعكس سلباً على أمنها واستقرارها ومرافقها الحيوية، فقد حذّر السيد عبدالملك الحوثي بلهجة شديدة  في 7 يوليو 2024 من مغبة مواصلة التصعيد، مؤكدًا أن واشنطن تحاول إقحام الرياض، وأن على الأخيرة التوقف عن المؤامرات وإلا فستكون الردود موازية: “البنوك بالبنوك، والمطار بالمطار، والموانئ بالموانئ .”

 وعقب الخطاب نشر الإعلام الحربي التابع لقوات صنعاء صوراً وإحداثيات لعدد من المطارات والموانئ السعودية، ما يوضح أن تكلفة استمرار مسار التصعيد ستكون باهظة وقد تُضعف من فرص تنفيذ رؤية “2030” الاقتصادية والتنموية .

وبعد أيام من خطاب السيد الحوثي اختار النظام السعودي خيار خفض التصعيد مع صنعاء وأعلن المبعوث الاممي الى اليمن “هانس غروندبرغ” في الـ 23 من يوليو التوصل إلى اتفاق بين السعودية وصنعاء يجري بموجبه خفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية .

ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لم يتغير موقف النظام السعودي بالنسبة للتوقيع على اتفاق خارطة الطريق التي توصل لها مع صنعاء ، حيث ما زال يتجاهل هذا رغم الدعوات المتكررة من صنعاء .

 

صنعاء تجدد دعوتها للسلام

ومع استمرار الجمود، جدد رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء مهدي المشاط في 13 أكتوبر الجاري دعوته للنظام السعودي إلى الانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى تنفيذ استحقاقات السلام.

 وفي خطابه بمناسبة الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر، أكد أن “إنهاء العدوان والحصار والاحتلال هو الطريق الأقرب لتحقيق السلام، وقطع الطريق أمام من يستثمر في الحروب لخدمة إسرائيل”، في إشارة واضحة إلى إمكانية عودة التصعيد إذا استمر تجاهل الرياض .

ومن الواضح ان الرياض رغم دعوات صنعاء ما زالت تختار لغة التجاهل ، وعدم التفاعل مع دعوات صنعاء ، حيث لم يصدر أي رد على دعوات المشاط  إلى اليوم .

 

العودة إلى مربع التصعيد 

يبدو أن استمرار التردد السعودي في التوقيع على اتفاق السلام مع صنعاء، تحت تأثير الحسابات الأمريكية، قد يعيد الامور إلى مربع التصعيد ،  فبعد انتهاء العدوان على غزة وتراجع الانشغال العسكري لصنعاء، تتزايد الأصوات في الداخل اليمني المطالبة بالرد على مماطلة الرياض ، وإذا لم تُترجم التهدئة إلى خطوات عملية نحو السلام، فإن عودة التصعيد باتت احتمالاً واقعياً، وقد تكون تكلفته هذه المرة باهظة على الرياض هذه المرة نظراً لما أصبحت تمتلكه صنعاء من أسلحة متطورة ، وهذا ظهر واضحا في عمليات إسناد غزة .

قد يعجبك ايضا