تتواصل الشهادات المؤلمة التي يرويها الأسرى المحررون من قطاع غزة لتكشف جانبًا مظلمًا من الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث تمارس سلطات الاحتلال أبشع صور الإذلال والتعذيب النفسي والجسدي بحق الأسرى، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية.
هذه الشهادات تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى في سجون الاحتلال، خاصة بعد العدوان الأخير على قطاع غزة .
شهادة الأسيرة المحررة سهام أبو سالم
روت الأسيرة المحررة سهام أبو سالم، البالغة من العمر 71 عامًا، تفاصيل صادمة عن فترة اعتقالها التي امتدت لعام وثمانية أشهر في سجون الاحتلال، مؤكدة أنها تعرضت لأقسى أنواع الإذلال أثناء التحقيق في سجن عسقلان الذي استمر 17 يومًا متواصلة .
ووفق ما نقلته وكالة “شهاب” عن أبو سالم فأن اعتقالها تم أثناء نزوحها عبر أحد الحواجز، حيث أوقفها جنود الاحتلال واعتقلوها مع ابنتيها، تاركين أطفالها الصغار في الشارع يبكون .
وقالت إنّ أكثر ما آلمها كان التفتيش العاري الذي وصفته بأنه أشد أنواع الإهانة التي تعرضت لها، إضافة إلى الإهانات اللفظية التي مست شرفها. كما كشفت أن أحد المحققين كان يتعمّد البصق على وجهها لإذلالها، رغم معاناتها من أمراض مزمنة .
وأضافت أن الإفراج عنها تم بعد مؤشرات بصفقة تبادل، دون علمها المسبق بذلك، مشيرة إلى أن تجربة السجن خلفت جروحًا نفسية عميقة لا يمكن نسيانها .
شهادة أحد الأسرى المحررين من معتقل راكيفت
كما تحدث أحد الأسرى المحررين عن تفاصيل اعتقاله من حاجز نيتساريم بتاريخ 16 نوفمبر 2023، حيث تم نقله برفقة آخرين إلى ما وصفه بـ“بركسات الاحتلال” في غزة، في ظروف قاسية تخللتها إهانات وتعذيب مستمر .
وذكر أن الأسرى كانوا مكبلين الأيدي، معصوبي الأعين، وممنوعين من الكلام أو الحركة .
وخلال التحقيق في سجن عوفر الذي استمر أكثر من شهر ونصف، استخدم المحققون أساليب تعذيب نفسي من بينها الإيهام والتلاعب بجهاز كشف الكذب، إضافة إلى الضرب والحرمان من النوم والطعام .
وأشار إلى أن قسم 23 في سجن عوفر يُعد من أقسى الأقسام، حيث يتعرض الأسرى فيه يوميًا للإهانة والضرب، ويُمنعون من الاستحمام أو التنظيف، فيما يضم قسم 10 (العزل) غرفًا مكتظة بلا تهوية ويتعرض الأسرى فيه للقمع المستمر والتقييد طوال اليوم .
وفيما يتعلق بـ معتقل راكيفت الواقع تحت سجن نيتسان في الرملة، أوضح الأسير أنه افتتح في سبتمبر 2024، وتم نقل أسرى غزة إليه بعد ضرب وتعذيب مبرح ، وتبلغ مساحة الزنازين فيه (3×2م) وتضم أربعة أسرى، تُسحب منهم الفرش يوميًا ويُجبرون على الجلوس أرضًا بلا شمس أو هواء ، والفورة تتم داخل غرفة مغلقة والأسرى مكبلون، وتُمنع عنهم الصلاة وقراءة القرآن، ويُجبرون على سبّ القيادات الفلسطينية وأهاليهم تحت التهديد. كما تعاني الزنازين من انتشار الأمراض الجلدية والإهمال الطبي المتعمد، حيث يُترك المرضى دون علاج رغم الظروف الصحية الصعبة .
وتعكس هذه الشهادات صورة مؤلمة من واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث تتجسد معاني الإذلال والحرمان وانتهاك الكرامة الإنسانية بأبشع صورها. ورغم كل محاولات الاحتلال طمس الحقيقة، فإن روايات الأسرى الناجين تشكّل وثائق حيّة على جرائم لا تسقط بالتقادم .
وتؤكد هذه الوقائع الحاجة المُلِحّة لتدخل دولي عاجل يُلزم الاحتلال باحترام اتفاقيات جنيف ومعايير حقوق الإنسان، وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ودعم صمود الأسرى وعائلاتهم في نضالهم من أجل الحرية والكرامة .