المصدر الأول لاخبار اليمن

أوروبا تحاسب “إسرائيل” بالكلمات.. هل تجرؤ على الأفعال؟

بروكسل | وكالة الصحافة اليمنية

 

 

طالب عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع، الاتحاد الأوروبي بوقف العلاقات التجارية والدبلوماسية مع “إسرائيل”، جراء انتهاك وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومواصلة ارتكاب جرائم إبادة بحق المدنيين.

وجاءت المطالب خلال جلسة عقدها البرلمان الأوروبي في بروكسل، عشية قمة زعماء الاتحاد الأوروبي المقررة اليوم الخميس.

وقالت رئيسة مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان، إيراتكسه غارسيا بيريز، إن معاناة سكان غزة لا يمكن تجاهلها، مؤكدة أن “السلام لا يمكن أن يُبنى على الإفلات من العقاب”.

ودعت مجلس الاتحاد الأوروبي إلى “تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل ومحاسبة رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو على الإبادة التي ارتكبها في غزة”.

يتباين الموقف الأوروبي تجاه ” إسرائيل” بحسب القوانين والولاءات، ظاهريًا يمكن القول أنه موقف قائم على مبادئ القانون الدولي، فهناك اتفاقيات شراكة عديدة بين الاتحاد الأوروبي و”إسرائيل”  منذ العام 2000، شملت السياسة والاقتصاد والتعليم.

ومع تطورات الوضع في الملف الفلسطيني، برزت نقاط خلاف حول سياسات “إسرائيل” تجاه القضية، أهمها أن الاتحاد الأوروبي يعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير شرعية بموجب القانون الدولي (خاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة)، ويدين الاتحاد التوسع الاستيطاني.

وتعاقبت طرق الضغط على الاحتلال من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث رفض الاتحاد مؤخرًا اعتماد منتجات المستوطنات على أنها “صُنع في إسرائيل”، ويطلب وضع علامات خاصة بها، كما أن اتفاقيات التبادل التجاري مع “إسرائيل” لا تشمل المستوطنات، ولا يعترف الاتحاد الأوروبي بسيادة “إسرائيل” على القدس الشرقية المحتلة منذ عام 1967.

بشكل عام لا يوجد موقف موحد للاعتراف بفلسطين في إطار الاتحاد الأوروبي، فالقرار يخضع لسيادة كل دولة عضو، ومع هذا، اعترفت العديد من الدول الأوروبية بفلسطين بشكل لم يحدث من قبل، كما يدعم الاتحاد الأوروبي عضوية فلسطين في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة بصفة دولة مراقبة.

يحاول الاتحاد الأوروبي الضغط على “إسرائيل” من خلال الانتقاد العلني، وإصدار البيانات المشتركة، مؤخرًا أقر الاتحاد بأن العقوبات على الاحتلال لا تزال على الطاولة، وسط مفاوضات السلام الجارية حاليًا بين الاحتلال والمقاومة الإسلامية وفق خطة الرئيس الأمريكي ترامب.

موقف أوروبي ضعيف

وبنظرة عامة على الموقف الأوروبي تجاه “إسرائيل” نجده موقف يتسم بالضعف، والتباين في الآراء والمواقف، هناك دول مؤثرة تؤيد الاحتلال، وتعمل على تليين لغة البيانات المشتركة وتعارض أي عقوبات صارمة على “إسرائيل”.

من جهة ثانية، هناك دول تنتقد الاحتلال بقسوة، هذه الدول تدفع نحو مواقف أكثر حزمًا تجاه الاحتلال ودعم الحقوق الفلسطينية.

غزة مدمرة بوحشية الاحتلال الإسرائيلي

بين التأييد والانتقاد، يتطلب اتخاذ قرارات سياسية خارجية موحدة وصارمة بالإجماع بين جميع الدول الأعضاء الـ 27، بحسب قوانين الاتحاد الأوروبي، مما يعني أن دولة واحدة مؤيدة للاحتلال يمكنها عرقلة أي إجراء قوي.

وضعت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس والمقاومة الإسلامية، في 7 أكتوبر 2023، أمام اختبار حقيقي للموقف الأوروبي، الذي بادر بالإدانة للعملية ووصفها بالإرهاب، وأكد على حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها وفقًا للقانون الدولي، وهنا يتضح أن حجم الدعم للاحتلال أكبر من حجم الانتقاد والضغط.

لاحقًا وأمام الهبة العالمية ضد الاحتلال، وتصاعد وتيرة الإجرام الإسرائيلي في غزة، وأمام ملايين الداعمين للقضية الفلسطينية، دعا الاتحاد الأوروبي إلى “وقف فوري لإطلاق النار إنساني”، وحذر من عمليات الاجتياح البري في رفح، وشدد على ضرورة تدفق المساعدات الإنسانية.

 

أوروبا ليست ضد “إسرائيل”

لم يقف الأمر عند هذا الحد، فلأول مرة، بدأت تتصاعد أصوات داخل المؤسسات الأوروبية (مثل البرلمان الأوروبي والمفوضية) تناقش فرض عقوبات على “إسرائيل” في حال استمرار العمليات في غزة وعدم الامتثال لأوامر محكمة العدل الدولية، شملت الاقتراحات تعليق اتفاقية الشراكة أو فرض عقوبات على مسؤولين إسرائيليين متطرفين.

مواقف الاتحاد الأوروبي “ضد” إسرائيل هي في جوهرها مواقف ضد سياسات الاحتلال والاستيطان التي تنتهك القانون الدولي، وليست ضد وجود “إسرائيل” نفسها، ما يعني أن هذا الاتحاد يبقي لاعبًا ماليًا ودبلوماسيًا رئيسيًا، لكن تأثيره السياسي المباشر محدود بسبب انقساماته الداخلية والهيمنة الأمريكية التقليدية على الملف، مما يجعله قوة “معارضة ناعمة” أكثر من كونه فاعلاً قادرًا على فرض تغيير جذري في سياسات “إسرائيل”.

قد يعجبك ايضا