المصدر الأول لاخبار اليمن

التصعيد الأمريكي ضد فنزويلا.. “مكافحة للمخدرات” أم مطامع في الثروات؟

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

تشهد القارة اللاتينية أعلى مستويات التوتر منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، مع تحركات عسكرية أمريكية مكثفة قبالة سواحل فنزويلا  تحت ذريعة “مكافحة تهريب المخدرات”.

 تُرسل الولايات المتحدة قطعاً بحرية متطورة وحاملات طائرات وطائرات مقاتلة إلى منطقة الكاريبي، في خطوة تُوصف من قبل كاراكاس وحلفائها بأنها تمهيد لعمل عسكري مباشر يهدف إلى إسقاط النظام الشرعي والاستيلاء على ثروات البلاد الطبيعية.

 

اتهامات وذرائع

تقدم الإدارة الأمريكية خطابها الرسمي متمركزاً حول ضرورة مواجهة ما تسميه “كارتيل فنزويلا” بقيادة الرئيس نيكولاس مادورو ، وتزعم واشنطن أن النظام الفنزويلي متورط بشكل منظم في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، وهو ما دفعها إلى ، إعلان مكافأة مالية قدرها 50 مليون دولار للحصول على معلومات تؤدي إلى اعتقال الرئيس مادورو، متهمة إياه بالإتجار بالمخدرات .

وتستخدم الولايات المتحدة الامريكية هذه الاتهامات كذرائع لتبرير نشر القوات والأصول العسكرية في محيط فنزويلا .

ثغور كبيرة تناقضها تقارير دولية ومحلية

تقارير الأمم المتحدة : لا تصنف التقارير الدولية المتخصصة، بما فيها تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فنزويلا كدولة منتجة لمخدر الكوكايين .

تقارير المخابرات الأمريكية: وفقاً لتسريبات صحفية، خلصت تقارير استخباراتية أمريكية إلى أن الرئيس مادورو لا يتحكم بشكل مباشر في أي منظمة لتهريب المخدرات، مما يضعف أساس الاتهامات الموجهة إليه شخصياً

التقرير الرسمي لإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA) لعام 2024، والمخصص لتقييم التهديدات العالمية، لا يذكر فنزويلا بشكل ملحوظ في قائمة الدول المصدرة الرئيسية للمخدرات إلى الولايات المتحدة .

هذه التناقضات تدفع نحو التساؤل: إذا لم تكن الأدلة قوية كما يُعلن، فما هي الدوافع الحقيقية الكامنة وراء هذا التصعيد غير المسبوق؟

 

 

الدوافع الحقيقية:

 السيطرة على الثروات وإعادة ترتيب الإقليم : تشير التحليلات وتصريحات المسؤولين الفنزويليين إلى أن دوافع واشنطن تتجاوز بكثير حربها على المخدرات، وترتبط بشكل وثيق بمصالح استراتيجية واقتصادية ، السيطرة على أكبر احتياطي نفطي في العالم حيث  تمتلك فنزويلا احتياطيات مؤكدة من النفط تفوق أي دولة أخرى في العالم ، ويشكل السيطرة على هذه الثروة حجر الزاوية في أي استراتيجية أمريكية تهدف إلى تعزيز هيمنتها على أسواق الطاقة العالمية .

ثروات طبيعية هائلة : بالإضافة إلى النفط، تمتلك فنزويلا احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي والذهب، مما يجعلها هدفاً اقتصادياً مغرياً في إطار التنافس العالمي على الموارد .

استهداف الحكومات اليسارية المعارضة : يأتي التصعيد في إطار استراتيجية أشبه بإحياء “مبدأ مونرو”، تهدف إلى إضعاف النفوذ المتصاعد للحكومات اليسارية في أمريكا اللاتينية (كما في البرازيل والمكسيك وتشيلي)، والتي ترفض الانصياع الكامل للسياسات الأمريكية وتدفع نحو تكامل إقليمي مستقل .

 

 

استغلال الظرف الدولي

 يبدو أن واشنطن تستغل انشغال القوى الدولية المنافسة مثل روسيا في حربها مع أوكرانيا، لتوجيه ضربة استباقية تعيد ترتيب مشهد النفوذ في “الفناء الخلفي” التقليدي لها .

 

في الختام، يبدو التصعيد الأمريكي ضد فنزويلا كمسرحية كبيرة تُستخدم فيها “مكافحة المخدرات” كديكور لإخفاء خشبة المسرح الحقيقية: صراع النفوذ والموارد.

 تكشف ثغور الرواية الرسمية وتهويل الاتهامات أن الهدف الحقيقي يتجاوز شخص مادورو ليصل إلى إسقاط نموذج حكم يرفض الهيمنة الأمريكية ويعمل على تعزيز الاستقلال الإقليمي.

 إن عودة “دبلوماسية السفن الحربية” إلى البحر الكاريبي ليست سوى الفصل الأخير من حرب طويلة على ثروات أمريكا اللاتينية، حيث تُختبر إرادة الشعوب في تقرير مصيرها ضد إستراتيجية القوى العظمى الرامية إلى إعادة رسم خريطة النفوذ في عالم متعدد الأقطاب.

 مهما كانت نتيجة هذا التصعيد، فإن تداعياته ستشكل مصير المنطقة لعقود قادمة، سواء نحو مزيد من التحرر أو العودة إلى مربع التبعية .

قد يعجبك ايضا