بوتين يصادق على اتفاق استثماري تاريخي مع الصين يتجاوز حدود التجارة التقليدية
موسكو | وكالة الصحافة اليمنية
في خطوة تعكس عمق التحالف الاقتصادي والسياسي بين القوتين الشرقية، صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الاثنين، على اتفاق حكومي جديد مع الصين يهدف إلى تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، ليشكل محطة استراتيجية جديدة في مسار العلاقات التي باتت تُوصف بأنها “تحالف العُملات والأسواق”.
الاتفاق الجديد يمنح المستثمرين الروس والصينيين ضمانات قانونية واقتصادية غير مسبوقة، إذ ينص على توفير بيئة استثمارية لا تقل تفضيلاً عن تلك الممنوحة للمستثمرين المحليين أو الأجانب الآخرين، إلى جانب حماية شاملة لرؤوس الأموال والعوائد.
ومن المقرر أن يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ بعد استكمال الإجراءات الداخلية لدى الطرفين، لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد التلقائي.
وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان موسكو وبكين، مطلع سبتمبر الماضي، عن شراكة استراتيجية لدعم الأعمال التجارية بين البلدين، أطلقها الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة بالتعاون مع المركز الوطني للتنسيق للتعاون التجاري الدولي في الصين وجمعية سيتشوان.
وتهدف الشراكة إلى تسهيل دخول الشركات الروسية إلى السوق الصينية والعكس، من خلال تقديم دعم إداري ولوجستي وتنظيمي متكامل، بما يشمل التفاعل مع السلطات الحكومية وتبسيط إجراءات التراخيص والاستشارات القانونية والتنظيمية.
وأكد رئيس الصندوق الروسي، كيريل ديمترييف، أن التعاون الجديد “يفتح آفاقاً هائلة أمام الشركات الروسية والصينية في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والبنية التحتية والتجارة الإلكترونية”، مشيراً إلى أن هذه المبادرات “ستحوّل الشراكة الروسية الصينية إلى محرك نمو إقليمي وعالمي يعيد رسم خريطة التجارة في أوراسيا”.
وفي خطوة موازية بداية سبتمبر الماضي، أعلن الصندوق الروسي عن مشروع مشترك مع مجموعة السكك الحديدية الصينية العقارية لبناء مركز اقتصادي وتجاري وثقافي روسي–صيني في المنطقة التجارية المركزية في بكين، ضمن منطقة التجارة الحرة.
ويهدف المشروع إلى إنشاء عنقود صناعي وابتكاري لتعزيز التكامل بين الشركات الروسية والصينية، واستضافة غرف تجارية ومؤسسات مالية وشركات استراتيجية في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة المتقدمة.
وقال ديمترييف إن “المركز الجديد سيكون منصة دائمة للحوار الاقتصادي والتعاون الصناعي بين موسكو وبكين، وسيجعل من الشراكة الروسية الصينية نموذجاً للتنمية المشتركة في مواجهة الضغوط الغربية والعقوبات الاقتصادية”.
ويرى مراقبون أن المصادقة على الاتفاق الاستثماري تأتي في إطار تحالف اقتصادي–سياسي متكامل، تسعى من خلاله موسكو وبكين إلى بناء نظام مالي وتجاري موازٍ للنظام الغربي، يعتمد على العملات الوطنية ويعيد رسم ممرات التجارة والطاقة في أوراسيا.
ويؤكد محللون أن هذا التحرك يرسخ موقع البلدين كـ”قطب اقتصادي موحد” في مواجهة التكتلات الغربية، خصوصاً مع تصاعد التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، واتساع نطاق المشاريع المشتركة تحت مظلة مبادرة “الحزام والطريق” ومجموعة بريكس.