أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكیان، اليوم الخميس، أن مسألة نقل العاصمة من طهران تحولت إلى “ضرورة حتمية”، وأن البلاد لم تعد تملك أي خيار آخر تجاه ذلك.
وأستعرض الرئيس بزشكيان، في تصريحات أدلى بها خلال لقائه نخبة من المثقفين والفنانين في محافظة قزوين شمال غرب إيران، تطور الملف على مدى السنوات الماضية، قائلا: “عندما قلنا سابقا إنه يجب نقل العاصمة، لم يكن لدينا حتى الميزانية الكافية، ولو توفرت ربما كنا قد نفذنا الأمر”.
وأوضح دواعي هذه الضرورة قائلاً: “الحقيقة أنه لم يعد لدينا خيار آخر، فالأمر بات ضرورة. لا يمكننا أن نحمل هذه المنطقة مزيدا من السكان والبناء. يمكننا التوسع، نعم، لكن لا يمكننا حل مشكلة المياه فيها”.
كما تطرق إلى أحد الحلول المطروحة لتلبية احتياجات طهران من المياه وكلفتها الباهظة، قائلا: “صحيح أنه يمكن جلب المياه إلى طهران من الخليج الفارسي، لكن تكلفة كل متر مكعب تصل إلى نحو 500 ألف تومان”. متسائلا عن الجدوى الاقتصادية من ذلك: “هل من المنطقي أن ندفع هذا المبلغ مقابل متر مكعب واحد من الماء؟ أي منطق يمكن أن يبرّر ذلك؟”
وختم بزشکیان بالدعوة إلى وضع خريطة مستقبلية شاملة للبلاد، قائلا: “يجب أن نضع مرة واحدة وللأبد خريطة جديدة، علمية وشاملة لمستقبل البلاد”.
وتعكس هذه التصريحات الجدية القصوى التي تتعامل بها الحكومة الإيرانية مع أزمة الاكتظاظ السكاني وشح الموارد المائية في العاصمة طهران، في إشارة إلى احتمال تسريع الخطوات العملية نحو تنفيذ مشروع نقل العاصمة.
تجدر الإشارة إلى أن إيران دخلت عامها المائي السادس على التوالي في ظل موجة جفاف مستمرة، حيث لم تشهد أي منطقة في البلاد هطولا للأمطار منذ بداية العام.
وتعكس تصريحات بزشكيان حجم الكارثة التي تواجهها العاصمة، حيث يعاني أكثر من 15 مليون نسمة من نقص حاد في المياه، وتراجع مخزون السدود إلى أقل من 14% من طاقتها، في وقت سجلت فيه الأمطار هذا العام أقل من 100 ملم مقارنة بمتوسط تاريخي يبلغ 260 ملم.
كما تشهد المدينة هبوطاً أرضياً يصل إلى 36 سم سنوياً في بعض مناطقها، إلى جانب تلوث هوائي مزمن يزيد من الضغط السكاني والبيئي.
وكان بزشكيان قد حذّر في مناسبات سابقة من أن طهران قد تصبح غير صالحة للسكن إذا استمرت موجة الجفاف، واصفاً الوضع المائي بأنه «خطير جداً» لدرجة تستدعي إما إجراءات تقشفية فورية أو حتى هجرة جماعية.
ويأتي موقف الرئيس الحالي بعد تاريخ طويل من المحاولات الفاشلة لنقل العاصمة، إذ طُرحت الفكرة ثماني مرات خلال القرن الماضي دون تنفيذ فعلي، وبلغت ذروتها في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد بمقترح إنشاء عاصمة جديدة بتكلفة 80 مليار دولار، قبل أن يوقفها الرئيس السابق حسن روحاني.
أما اليوم، فيبدو أن حجم الأزمة دفع الحكومة إلى إحياء المشروع بقوة أكبر، مع طرح سواحل مكران على بحر عمان كوجهة محتملة لنقل المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية، في إطار خطة تهدف إلى تخفيف الضغط عن الشمال، وتحقيق تنمية متوازنة، وبناء نموذج عمراني جديد أكثر قدرة على الصمود.