الإمارات الوجهة الأولى للإسرائيليين: أرقام قياسية في زمن العزلة ورفض العالم
صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية
يواجه الإسرائيليون عزلة دولية واسعة، ويشعرون بأنهم منبوذون في مختلف دول العالم، يعود هذا الرفض المتزايد لوجودهم كزوار أو سياح أو مسافرين إلى الممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة، حتى باتوا غير مرحب بهم لدرجة تعرضهم لمضايقات أو هجمات أينما حلوا.
إزاء هذا الرفض العالمي المتصاعد تجاه الممارسات الإسرائيلية، ومع تزايد حالات العداء والتعامل مع الإسرائيليين باعتبارهم جزءاً من آلة الحرب، فتحت الإمارات ذراعيها لكل قادم من “إسرائيل”، لقد استقبلتهم حين رفضهم العالم، واحتضنتهم حين نبذهم الجميع، وفتحت أسواقها لمنتجاتهم، في وقت رفضت فيه دول كثيرة المنتجات المصنعة في المستوطنات الإسرائيلية.
لقد أصبحت الإمارات، وتحديداً دبي، وجهتهم المفضلة، في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال ارتكاب الجرائم بحق المدنيين في قطاع غزة.
تُشير الأرقام إلى أنه مع مطلع العام الجاري 2025، أصبحت الإمارات الوجهة الأكثر تفضيلاً للمسافرين الإسرائيليين. ففي شهر يناير الماضي، سافر نحو 116 ألف إسرائيلي إلى الإمارات، وهو ما يمثل أكثر من 10% من إجمالي الرحلات الدولية المغادرة من مطار اللد “بن غوريون”.
أفادت القناة 12 العبرية بأن عدداً كبيراً من الإسرائيليين يفضلون السفر إلى الإمارات بسبب شعورهم بـ “موقف غير عدائي وشعور بالأمان” هناك، واصفين إياها بأنها “آمنة إلى حد بعيد”.
بينما كانت وجهات الإسرائيليين في السابق تتركز في بلدان مثل تركيا وأوروبا، تحولوا إلى الإمارات بسبب المظاهرات المناهضة للاحتلال في تلك الدول، لتصبح دبي بديلاً يوفر أجواء سياحية مشابهة ولكن “أكثر ودية بكثير”، وفقاً للإعلام الإسرائيلي.
تطورت العلاقات بين “إسرائيل” والإمارات منذ اللحظات الأولى لتوقيع اتفاقيات أبراهام، وحافظت أبو ظبي على عمق العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي بعيدا عن أي مواقف أخلاقية تجاه حريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها الإسرائيليين في غزة.
وصل الأمر إلى أن السفارات الإسرائيلية هي الوحيدة التي واصلت عملها بشكل كامل في العالم العربي منذ بدء العدوان على غزة، بحسب تقرير لـ “نيويورك تايمز”.
وفقاً لبيانات هيئة المطارات الإسرائيلية، سافر حوالي 100 ألف إسرائيلي إلى دبي في نوفمبر 2025، لتحتل بذلك المركز الأول على قائمة الوجهات، إضافة إلى سفر نحو 50 ألفاً إلى العاصمة أبوظبي في الشهر ذاته.
في العام 2021 سجل مطار بن غوريون سفر نحو 268 ألف إسرائيلي إلى الإمارات، لتصبح في المركز الثامن.
وفي عام 2023 كشف تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” أن أكثر من نصف مليون إسرائيلي زاروا الإمارات خلال عامين من إشهار التطبيع.
ذكر موقع “ماكو” التابع للقناة 12 الإسرائيلية، أن دبي تحتل المرتبة الأولى بين الوجهات الأكثر تفضيلاً للإسرائيليين، تليها أثينا وباريس.
كما أشارت تقارير إعلامية إلى أن شركات الطيران الإماراتية حافظت على وتيرة مرتفعة للرحلات بين الإمارات و”إسرائيل” منذ اندلاع الحرب، إذ كانت “فلاي دبي” تسيّر ما يصل إلى 8 رحلات يومياً في كلا الاتجاهين، فيما أعلنت “طيران الإمارات” عن إضافة رحلة يومية جديدة.
في يوليو من العام 2022، كشف الحاخام الأكبر للمجلس اليهودي الإماراتي، إيلي عبادي، عن توسع الجالية اليهودية في الإمارات لتصل إلى أكثر من 600 عضو منذ توقيع اتفاقيات التطبيع، بعد أن كان عددهم أقل من 200 شخص.
وأشار إلى أن لديهم “أكثر من خمسة أو ستة مطاعم يهودية، والعديد من أماكن العبادة والصلاة في جميع أنحاء البلاد”.
تقارير عبرية كشفت أن الجنود الذين شاركوا في جرائم العدوان على غزة ويعانون نفسياً نُظمّت لهم رحلات ترفيهية جماعية إلى الإمارات بدلاً من جلسات التأهيل النفسي.
هذه الرحلات نظمتها شركات يديرها ضباط إسرائيليون سابقون، خصيصاً لرفع الروح المعنوية للمشاركين في العدوان.
لقد أصبحت الإمارات مكاناً “يُجمّل وجه الاحتلال وجنوده” في الوقت الذي كان متوقعاً فيه أن تقف أبو ظبي في صف الفلسطينيين.
وتحدثت التقارير العبرية عن تنظيم رحلات مخصصة لجنود وحدات قتالية شاركت في العدوان إلى دبي، مثل كتيبة المشاة 424 “شاكيد” التابعة للواء جفعاتي، ولواء المظليين، وكتيبة الهندسة القتالية “لاهف 603”.
يأتي استقبال الإمارات لجنود الاحتلال والسياح الإسرائيليين في الوقت الذي تطالهم فيه الملاحقات القانونية والرفض لتواجدهم في العالم، والمطالبات باعتقال الجنود الإسرائيليين إلى جانب حكومة نتنياهو.
حيث تتسم بعض الدول بحساسية عالية تجاه الحرب على غزة، وبالنظر إلى قائمة الدول الرافضة للاحتلال نجد اسبانيا تتصدر مشهد طرد السياح الإسرائيليين من الفنادق والمطاعم، أما اليونان فقد شهدت حوادث اعتراض على المستوى الجماعي، حيث قوبلت السفن التي تحمل سياحًا إسرائيليين بالاحتجاجات لتغير معظم تلك السفن مسارها إلى قبرص، وفي سويسرا تم تسجيل حالات طرد لرجال أعمال صهاينة، وبالمثل تكرر السيناريو في النمسا، فيما تداولت تقارير في تايلند عن رفض بعض المطاعم والمتاجر استقبال إسرائيليين، في ظل تصاعد موجة المقاطعة العالمية.
تُعد العلاقة الإماراتية الإسرائيلية مثالاً على الكيفية التي يمكن أن تتفوق بها المصالح الجيوسياسية والاقتصادية على الغضب الإقليمي والدولي، ففي حين أن “إسرائيل” تواجه أزمة سمعة دولية وعزلة غير مسبوقة، أصبحت الإمارات بمثابة “طوق نجاة” إقليمي، حيث توفر ملاذاً آمناً للسياحة والعمل الإسرائيلي، ونافذة لا غنى عنها للاستمرار التجاري والتعاون الأمني في منطقة الشرق الأوسط.