المصدر الأول لاخبار اليمن

خبير في الشؤون الدولية : المؤتمر لن تقوم قائمته لعشر سنوات قادمة ، وبن دغر رجل السعودية المؤهل لاثارة فتنة جديدة في اليمن

وكالة الصحافة اليمنية / نقلاً عن موقع الوقت التحليلي

بعد مقتل الرئيس اليمني السابق “علي عبد الله صالح” في 4 كانون الأول/ديسمبر الجاري، كثرت التساؤلات بشأن المعادلات السياسية والتطورات الداخلية التي يشهدها هذا البلد. حول هذا الموضوع أدلى الدكتور “سعد الله زارعي” الخبير في الشؤون الدولية بحديث خاص لموقع “الوقت” التحليلي – الإخباري إليكم نصّه:

 

في بداية حديثه تطرق الدكتور زارعي إلى الأسباب التي أدت إلى بروز الانشقاقات في صفوف حزب “المؤتمر الشعبي العام” الذي كان يترأسه علي عبد الله صالح بعد مقتله بالقول: إن هذه الأسباب تعود في الحقيقة إلى طبيعة التركيبة الداخلية للحزب، فمنذ تأسيسه في ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن يميل الحزب إلى موالاة قبيلة آل الأحمر، وكان قسم منه بقيادة “علي عبد الله صالح” والمقربين منه، أمّا القسم الآخر فيقوده “الشيخ طارق الأحمر” رئيس قبيلة آل الأحمر. وهناك قسم ثالث يرتبط بالرئيس اليمني الهارب “عبد ربه منصور هادي” وهو يتكون بشكل رئيسي من القوات المرتبطة بصورة غير مباشرة بحزب المؤتمر وهم في الأغلب من خارج قبيلة آل الأحمر. وعندما كان علي عبد الله صالح على رأس السلطة في اليمن كانت جميع أقسام حزب المؤتمر تخضع له بشكل مباشر، لكنها تفرقت إثر بروز الخلافات فيما بينها بعد إزاحة صالح عن السلطة في عام 2012. وتصاعدت حدّة هذه الاختلافات بعد مقتل صالح. ويمكن القول بأن التنافس الحقيقي الموجود حالياً هو بين الموالين لصالح من جهة، وتيار طارق الأحمر من جهة أخرى. ويبدو أن تيار الأحمر هو الذي يسيطر على التيارات الأخرى في داخل حزب المؤتمر في الوقت الحاضر.

 

وأشار الدكتور زارعي أيضاً إلى الخلافات الموجودة بين “عبد ربه منصور هادي” و “أحمد عبید بن ‌دغر” رئيس الوزراء في الحكومة اليمنية المستقيلة، خصوصاً بشأن دور “أحمد بن علي عبد الله صالح” داخل حزب “المؤتمر الشعبي العام”، معرباً عن اعتقاده بأن هذه الخلافات تشير إلى أن السعودية بصدد إبعاد الحزب عن حركة أنصار الله لإعادة الفتنة التي اندلعت في البلاد قبل مقتل علي عبد الله صالح بفترة قصيرة جداً، وخمدت بمقتله قبل نحو عشرين يوماً. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الفتنة لازالت تتفاعل سياسياً على الرغم من انتهائها كمحاولة انقلابية في الظاهر.

وأضاف زارعي: من خلال هذه المعطيات يمكن الاستنتاج بأن “أحمد عبید بن ‌دغر” هو الشخصية التي تعوّل عليها السعودية لإشعال الفتنة من جديد في اليمن، وهذا واضح من خلال تصريحات بن دغر، في حين يعتبر “عبد ربه منصور هادي” من الشخصيات التي لم تعد لها مكانة في المخطط السعودي لأنه فقد اعتباره وموقعه في رسم المستقبل السياسي لليمن.

 

والسؤال الذي يطرح الان، ما تأثير التجاذبات السياسية في اليمن على مصير حزب المؤتمر؟ مجيباً: باعتقادي أن التنسيق لازال قائماً بين هذا الحزب وحركة أنصار الله لأسباب متعددة؛ الأول وخلافاً لبعض التصورات هناك شخصيات داخل حزب المؤتمر كانت تعتقد بأن علي عبد الله صالح لم يحسن التصرف وقد تسبب بخلق مشاكل كثيرة للحزب، خصوصاً بعد ابتعاده عن أنصار الله والذي جعله يفقد وزنه سواء داخل الحزب أو على مستوى البلاد، ما أدى إلى خلق حالة من الانسداد أمام أي تحرك يمكن أن يسلكه الحزب بعد أن فقد الكثير من أنصاره نتيجة تصرفات صالح اللامسؤولة، ولهذا فأنا اعتقد بأن حزب المؤتمر سيسعى لإعادة علاقاته مع حركة أنصار الله وتجاوز السلبيات التي حصلت قبل مقتل صالح بسبب تصرفاته غير المنطقية، خصوصاً مساعيه لشقّ الصف الداخلي من خلال محاولاته الطعن بمصداقية حركة أنصار الله لصالح التحالف السعودي الذي يشن العدوان على اليمن منذ نحو ثلاث سنوات.

وفي جانب آخره من حديثه أعرب الدكتور زارعي عن اعتقاده بأن حزب “المؤتمر الشعبي العام” لن تقوم له قائمة للعب دور سياسي أساسي في اليمن على مدى السنوات العشر القادمة على أقل تقدير. أي بمعنى آخر أن هذا الحزب قد دخل مرحلة الأفول السياسي، ولم يعد أمامه من سبيل سوى التفكير بعقد شراكة سياسية مع المكونات الأخرى المؤثرة في الداخل اليمني، وهذا الحال ينسحب أيضاً على الأحزاب التقليدية الأخرى ومنها حزب الإصلاح، فليس أمامها سوى خيارين؛ الأول: الاشتراك مع حزب أو حركة لها دور فعّال في الحياة السياسية اليمنية وفي مقدمتها حركة أنصار الله، والثاني: التنسيق مع أحزاب أو حركات يحتمل أن يكون لها دور سياسي في المستقبل، ويبدو من خلال القرائن والشواهد المتوفرة إن حزب المؤتمر سيرجح الخيار الثاني، إلّا أن شخصيات مهمة داخل الحزب تعتقد بصحة الخيار الأول، أي ضرورة التنسيق والتعاون مع حركة أنصار الله التي تتولى زمام الأمور في البلد. وأنا اعتقد – والكلام للدكتور زارعي – إن هذا الخيار هو الأفضل لحزب المؤتمر إذا ما أراد الحفاظ على وجوده، ولهذا أرى أن الحزب لن يفكر بالابتعاد كثيراً عن أنصار الله.

وفي جانب آخر من حديثه أشار الخبير السياسي الدكتور سعد الله زارعي للقاءات التي حصلت الأسبوع الماضي في الرياض بين كبار مسؤولي السعودية والإمارات من جهة وقادة حزب الإصلاح اليمني من جهة أخرى، منوّها في الوقت نفسه إلى أن الخلاف بشأن “الإخوان المسلمين” في اليمن لم يحسم حتى الآن، إذ ترفض الإمارات التي لها نفوذ في جنوب اليمن التعامل مع الإخوان وتسعى لتشكيل حكومة تأتمر بأوامرها في هذا الجزء من البلاد، في حين تسعى السعودية إلى دعم “حزب الإصلاح” لمواجهة حركة أنصار الله لاعتقادها بأن الإخوان غير مؤهلين للعب هذا الدور على الرغم من علاقتها التاريخية معهم منذ ستينات القرن الماضي. كما أنها لا تفضل أن يلعب الإخوان دوراً في مجمل الحياة السياسية في اليمن، ولهذا دعمت الرياض حزب الإصلاح بشتى أنواع الدعم. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار إن الحراك الجنوبي اليمني يرفض التعاون مع التيار السلفي للإخوان المسلمين، كما أن التيارات العلمانية ومن بينها المؤيدة لعبد ربه منصور هادي لا ترغب بالعمل إلى جانب تيار الإصلاح. وهذا يعني أن حزب الإصلاح قد تحوّل إلى عامل اختلاف بين الأطراف المتنازعة سواء في داخل اليمن أو خارجها، وبات مستقبله يلفه الغموض، ولهذا من المحتمل جداً أن يؤول مصيره إلى نفس مصير حزب “المؤتمر الشعبي العام” على الرغم من امتلاكه لبعض عناصر القوة مقارنة مع أحزاب أخرى في اليمن بسبب الدعم الذي يتلقاه من السعودية، ولكن هذا لايعني أن حزب الإصلاح سيفقد دوره في الحياة السياسية اليمنية في المستقبل القريب خصوصاً وأنه يسعى لشغل عدد من المقاعد في البرلمان والتحرك باتجاه تشكيل تحالفات سياسية مع تيارات أخرى في البلد.

 

وتابع الدكتور زارعي حديثه بالقول إن البعض يرى احتمال توجه حزب الإصلاح للتنسيق مع حركة أنصار الله والابتعاد بشكل تدريجي عن السعودية والإمارات لاعتقاده بأن الرياض لاتتمكن من لعب دور أساسي في رسم الخريطة السياسية لليمن في المستقبل. وأنا اعتقد – والكلام للدكتور زارعي – أن من مصلحة حزب الإصلاح التعاطي بواقعية مع الأحداث الجارية في اليمن والقبول بأن يكون شريكاً في الحكومة المركزية بدلاً من خسارة موقعه السياسي وتعريض نفسه لمصير مجهول، كما هو مرجح.

 

وفي ختام حديثه أكد زارعي أن السعودية باتت مقتنعة تماماً بأنه لايمكن التغلب على حركة أنصار الله ولهذا تصر على مواصلة عدوانها على اليمن وتحريض بعض القبائل اليمنية لتفكيك الجبهة الداخلية ودعم الجماعات الإرهابية لتحقيق أهدافها التي فشلت في ترجمتها على أرض الواقع وفي مقدمتها تقويض قدرة أنصار الله، مرجحاً في الوقت ذاته أن تضطر الرياض للقبول بالحلول السياسية في نهاية المطاف بعد أن أخفقت في تحقيق أهدافها من خلال العدوان العسكري الواسع على اليمن.

قد يعجبك ايضا