تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//
تنشد الجماعات الإنسانية وكذا الشركات والعائلات والأفراد المكانة والتميز.
لتحقيقها تتعرف على ميزاتها وخاصياتها وعناصر قوتها وما تملك من قدرات وبيئات لبلوغ مكانتها.
ولبنان لديه الكثير من الميزات، واللبنانيون حيث ذهبوا وحلوا فاعلون مميزون منذ أزمنه غابرة.
وقد توفرت بيئات وظروف وفرَّت للبنان مكانة فتنمية واستقرار، كانت بغالبيتها خارجية وطارئة.
فاحتلال فلسطين هجر الرأسمالية الفلسطينية، وكانت قوية وخبيرة وفاعلة، فوفرت شروطاً لتمكن لبنان. ثم جاءت حرب الـ،٦٧ وإقفال قناة السويس، وفرض الحصار على ميناء حيفا، فشهد لبنان مرحلة ازدهار، وشكَّل بوابة الترانزيت والتجارة المثلثة، ونما القطاع المالي والمصرفي والتجاري والوكالات.
أدت إجراءات التأميم في مصر وسورية والعراق إلى رفد السوق اللبنانية بكتلة مالية، وبرأسماليين هاربين توطنوا فيه. وأصبح قبلة التجارة والسياحة، وجامعة ومشفى العرب، وجريدتهم، وفسحتهم للتنزه وقضاء أيام ممتعة.
اللبنانيون من أكثر شعوب العالم شغفاً بالعلم والتحصيل، ولعبت التبشيريات دوراً في تأهيله مدرسة وجامعة ومطبعة العرب، وأكثروا من المعاهد والكليات المتخصصة بفروع الاقتصاد وإدارة الثروات، والإمكانات، والأزمات، فصدَّر لبنان عدداً وافراً من أبنائه الخبراء والقادرون، وقد برزوا عالمياً في تلك التخصصات.
لأسبابهم وثقافتهم، وبنية نظامهم المتخلف، ودستورهم الأشد عنصرية، ولطبقتهم ومنظومتهم السياسية، وبالأصل لطابع الاقتصاد الليبرالي الخدمي، خالفوا ما تعلموه وما درَسوه ودرَّسوه، وساقوا البلاد إلى حربٍ أهلية، ومحنةٍ وطنية مديدة فتَكَت بالكثير مما تحقق لهم في مراحل العز.
والحرب فرَّخت حروباً، “الكل ضد الكل” فهجرَّت نخبتهم والمتعلمين والأنتليجنسيا الانتاجية والفاعلة.
فتجذرت أزماتهم البنيوية، وتسلطت عليهم منظومة “مافياوية، لصوصية، نهابة”، كما وصفتها الصحافة العالمية، نهبت الثروات والواردات والودائع وأموال البلديات والنقابات والمتقاعدين.
بل الأخطر فوتت على لبنان فرص الاستفادة من ظروف عربية، أدَّت بدورها إلى هجرة مئات مليارات الدولارات للقطاع المصرفي اللبناني، نُهِبت وبُدِدت ومنها السورية والليبية والعراقية واليمنية والمغتربين.