المصدر الأول لاخبار اليمن

ايران: السلام لا يتحقق بالتهدئة إنما بالاستعداد للحرب!!

طهران/ وكالة الصحافة اليمنية

يروي المشهد الإيراني اليوم حكاية معقدة تتجاوز حدود البيانات الرسمية والمناورات العسكرية، إلى لغة الردع التي تسعى طهران من خلالها إلى رسم معادلة جديدة للقوة في المنطقة.

ففي خضم التهديدات المتصاعدة والحصار الممتد، تبرز استراتيجية الدفاع الإيرانية كخيط رئيسي ينسج سردية درامية قوامها الاعتماد على الذات والاكتفاء الداخلي، في مواجهة شبكة متشابكة من الأعداء والتحالفات.

 

صواريخ “الاقتدار” ترسم خطوط المواجهة

مع إطلاق مناورات “الاقتدار” البحرية في بحر عمان والمحيط الهندي، اليوم الخميس، لم تكن طهران تُجري مجرد تدريب عسكري روتيني، بل كانت تبعث برسائل حاسمة إلى الداخل والخارج، تؤكد فيها أن منظومتها العسكرية باتت خط الدفاع الأول والأخير.

يتجسد هذا النهج في تصريحات قادة عسكريين إيرانيين، على رأسهم رئيس هيئة الأركان اللواء عبد الرحيم موسوي، الذي يؤكد أن الحفاظ على الأمن القومي مرهون بالتحديث المستمر للقدرات الدفاعية، من الدفاع الجوي إلى الحرب الإلكترونية.

هذه التحركات ليست إلا تجسيدًا لرؤية أعمق، ترى أن السلام لا يتحقق بالتهدئة، بل بالاستعداد للحرب. فكما أشار المستشار العسكري للمرشد رحيم صفوي، “أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم”، في إشارة واضحة إلى أن طهران لا تعتزم الاكتفاء برد الفعل، بل تتبنى استراتيجية استباقية تستعرض فيها قدراتها الهجومية للجم أي محاولة عدائية.

 

أسرار الصواريخ التي لم تُستخدم

تُظهر التحليلات العميقة أن ما جرى في “حرب الـ12 يوماً” كان مجرد فصل واحد من قصة أطول. إن احتفاظ إيران بصواريخ متقدمة مثل “سجيل” و”فتاح” و”خرم شهر 4″ يشير إلى استراتيجية مدروسة، لا تهدف إلى استنزاف القدرات، بل إلى الاحتفاظ بعنصر المفاجأة كآخر ورقة رادعة.

يضع هذا المشهد علامات استفهام حول طبيعة الصراع، ويُجزم بأن ما يُوصف بالهدنة ليس إلا “مرحلة حرب قد تنهار في أي لحظة”. هذه الرؤية تكشف عن جوهر العقيدة الدفاعية الإيرانية، التي ترى في التطورات الإقليمية والدولية دروساً مستمرة، تؤكد أن الحماية الوحيدة من التهديدات تكمن في القدرة على إلحاق الأذى بالخصم، وليس فقط في القدرة على الدفاع.

 

صمود يُغيّر قواعد اللعبة

على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة منذ عقود، تُبرهن إيران على قدرتها الاستثنائية على تحويل الحصار إلى فرصة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية. هذا الإنجاز، الذي وصفه اللواء موسوي بأنه “استراتيجي ومصيري”، هو دليل على صلابة الإرادة السياسية والقناعة الداخلية بضرورة الاعتماد على الطاقات الوطنية. فكل صاروخ جديد وكل نظام دفاعي مطور يمثل صفحة جديدة في سجل الصمود، ويؤكد أن القدرة على صناعة السلاح من الداخل تمنح طهران استقلالية استراتيجية، تُفشل أي محاولة لحصارها أو إخضاعها. هذه القصة تكشف أن المعركة، معركة إرادات، حيث يُصبح التطور التكنولوجي وسيلة لتكريس السيادة الوطنية وإرساء معادلة ردع تُغير موازين القوى في المنطقة.

إن هذه الرؤية العميقة لما يجري في إيران تكشف أن الاستعداد الدائم للحرب هو الوجه الآخر للسلام، وأن القدرة على الردع، هي فلسفة كاملة تحكم مسارات السياسة الخارجية والداخلية، في عالم تتغير فيه التحالفات وتتسارع فيه التهديدات. فما هي التداعيات المحتملة لهذا النهج على توازن القوى في المنطقة؟

قد يعجبك ايضا