المصدر الأول لاخبار اليمن

ضربات “إسرائيل” على صنعاء.. فشل عسكري يترجم خوف الاحتلال من قوة اليمن

تقرير خاص | وكالة الصحافة اليمنية

 

في ظل تصعيد عسكري وسياسي متزايد، أقدم الاحتلال الإسرائيلي على مغامرة عسكرية خطيرة، باستهدافه مقر المتحدث العسكري لسلطات صنعاء، العميد يحيى سريع، في محاولة لإخماد صوت اعتبرته سلطات الاحتلال أنه قلب موازين القوى في المنطقة. غير أن رد صنعاء سبق تلك الضربة وجاء مزلزلاً، حيث أعلنت عن تنفيذ عملية باليستية نوعية بصاروخ “فلسطين 2” الانشطاري فرط الصوتي متعدد الرؤوس، الذي هزّ أركان القدس المحتلة، بينما ضربت الطائرات المسيرة اليمنية مطار رامون وهدفين آخرين في إيلات، وتؤكد قوات صنعاء أن القادم أعظم.

لم يقتصر الرد على هذا الحد، إذ اعترفت وسائل إعلام تابعة للاحتلال بأن صواريخ أرض-جو يمنية أجبرت تشكيلات جوية إسرائيلية على التراجع، فيما كشفت استخبارات الاحتلال عن خطر استهداف المنشآت النفطية في حيفا وعسقلان وإيلات. هذا التصعيد دفع رئيس الأركان في جيش الاحتلال، إيال زمير، للاعتراف علناً بأن موازين القوى في الشرق الأوسط تتغير.

فشل الضربات وتداعياتها

الضربات الأخيرة، بما في ذلك استهداف قلب العاصمة صنعاء والمجمع الحكومي في الجوف والمنشآت الإعلامية، توصف بأنها “ضربات فاشلة عسكرياً”. ويرجع ذلك إلى أن استهداف هذه المواقع، التي غالباً ما تكون معلومة للجميع، لا يؤدي إلى نتيجة تذكر من الناحية العملية. فهو لا يوقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية، ولا يمنع استمرار الدعم لغزة. بل على العكس، قد تشهد الساعات القادمة عمليات يمنية تستهدف العمق الإسرائيلي، كما حدث في الماضي بعمليات متكررة وذات جدوى، مثل إغلاق مطار رامون.

ويُعتقد أن التركيز الإسرائيلي على البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية المدنية يهدف إلى ممارسة الضغط على الرأي العام اليمني والمواطن العادي. ومع ذلك، فإن هذا النهج يتجاهل “سيكولوجية الشعب اليمني” الذي يرى في هذه الهجمات رداً على موقفه الداعم لغزة. بل إن هذه الضربات قد تزيد من “العنفوان” اليمني وتدفعه نحو مزيد من الدعم للقيادة والجيش في مواصلة مساندة غزة واستهداف العمق الإسرائيلي.

 

 استهداف إعلامي ودعائي

وفيما تشير التقارير إلى سقوط شهداء وجرحى جراء العدوان الإسرائيلي على مقر “التوجيه المعنوي” في حي التحرير وسط صنعاءن، فإن استهدافه يثير تساؤلات حول طبيعة الهدف. ويرى الخبراء أن استهداف مقر صحيفتي سبتمبر واليمن، الذي يقع في منطقة مكتظة بالسكان، هو نوع من “الاستهداف للمنشآت التاريخية” و”الإعلام”. ويُشار إلى أن هذا المبنى يعود تاريخه إلى قرابة 100 عام، ويحمل طابعاً تاريخياً قديماً.

أكد العميد عبد الغني الزبيدي، الخبير العسكري والاستراتيجي في قوات صنعاء، أن الاستهداف الإسرائيلي لمقر التوجيه المعنوي في حي التحرير بوسط صنعاء، والذي أسفر عن سقوط شهداء وجرحى، يأتي في سياق يهدف فيه الاحتلال الإسرائيلي إلى البحث عن “صورة نصر” يمكن تسويقها للداخل. وأوضح الزبيدي، أن المقر ليس هدفاً عسكرياً استراتيجياً أو مخفياً، بل هو دائرة معروفة ومفتوحة للجميع، ويقع في منطقة مكتظة بالسكان والمحال التجارية. وأشار إلى أن هذا الاستهداف يدل على “غباء عسكري” من جانب الاحتلال، مؤكداً أن هذه الضربات لن توقف عمليات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية، ولن تثني اليمن عن استمراره في مساندة غزة.

وفي رده على بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي برر الهجوم بأنه استهدف “مقر دائرة الإعلام العسكري المكلف بنشر رسائل التحريض والدعاية”، وصف العميد الزبيدي ذلك بأنه “نوع من الدعاية المضللة والتضخيم”. وشدد على أن المقر، الذي يعود تاريخ بنائه إلى ما يقارب 100 عام، هو مقر إعلامي وتصدر عنها صحف محلية ويعمل بها إعلاميون، وليس له طبيعة عسكرية حساسة. وأضاف أن استهداف هذا المقر هو استهداف “للمنشأة التاريخية”،معتبراً أن هذا المقر معروف للجميع، وأن الاستهداف في قلب العاصمة المكتظة بالسكان هو “نوع من الجبن والتفاهة”.

 

إدانة واسعة للهجوم

أدان الوسط الإعلامي المحلي والإقليمي والاسلامي، بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الذي استهدف صحيفتي 26 سبتمبر واليمن في الجمهورية اليمنية وأسفر عن استشهاد وإصابة عدد من الصحفيين، ومنهم ما لايزال مفقوداُ تحت الأنقاض.

وأكدت الأوساط الإعلامية في بيانات متفرقة أن استهداف المؤسسات الإعلامية والكوادر الصحفية، يأتي في سياق محاولات إسكات صوت الحقيقة وحرمان الشعوب من حقها المشروع في الوصول إلى المعلومات وتوثيق الجرائم والانتهاكات.

واعتبرت استهداف المؤسسات الإعلامية والإعلاميين بشكل مستمر، يضع المنظومة الدولية التي ترفع شعارات الحرية وحقوق الإنسان أمام مسؤوليات كبرى مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية دون أدنى محاسبة.

وأشار البيانات إلى أن كل من يبرر العدوان على الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية أو يغطيّه يتحمل المسؤولية الكاملة ويُعد شريكاً في الجريمة، مشيدة بدور الإعلام اليمني الذي أثبت رغم كل الصعاب والتضحيات فعاليته في إبراز صلابة ورباطة جأش الشعب اليمني في مواجهة الاعتداءات والمساهمة البارزة في رفع الصوت عالياً نصرة للحق وكشفاً للجرائم، وهو ما يحاول كيان العدو استهدافه لإخفاء الحقيقة.

وأوضحت الأوساط الاعلامية أن حماية الصحفيين والمؤسسات الإعلامية حق مكفول في المواثيق والاتفاقيات الدولية ولا سيما اتفاقيات جنيف والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ما يجعل العدوان الإسرائيلي خرقاً صريحاً للقانون الدولي واعتداءً سافراً على حرية الإعلام.

 

خطة أمنية تفرضها المعركة

وفي إجابة على سؤال حول ما إذا كان العميد يحيى سريع، رئيس دائرة التوجيه المعنوي، يسجل خطاباته في المقر المستهدف، أكد العميد الزبيدي أن العميد سريع لا يتواجد هناك، منذ بدء معركة “طوفان الأقصى”، مشيراً إلى أن هناك “خطة أمنية معروفة” للتعامل مع العدو. وبالتالي لم يحقق الاحتلال الإسرائيلي أي نجاح في استهدافه، نافياً بذلك أي محاولة من جانب الاحتلال لتسويق استهداف مدير الدائرة. وأضاف أن استهداف دائرة مكشوفة ومعروفة للجميع هو “استهداف للمناطق المفتوحة التي ليست ذات بعد حساس فيما يتعلق بالجانب العسكري”.

 

مشهد متشابك ومستقبل مجهول

يُرجع الخبراء قدرة الاحتلال الإسرائيلي على القيام بمثل هذه الهجمات دون رادع إلى “الدعم الغربي المتوحش” لهذا الكيان، بالإضافة إلى “الموقف العربي المتخاذل والمشتت”. فعندما لا يكون هناك موقف جدي وواضح من قبل الدول العربية تجاه هذه القضية، فإن الكيان الإسرائيلي سيستمر في اعتداءاته. ويشير الخبراء إلى أن التوحش لا يقتصر على الهجمات العسكرية، بل يمتد ليشمل قمع المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية في دول غربية.

وفي ظل هذه التطورات، يرى مراقبون أن الشرق الأوسط يعاد تشكيله بالنار والدم، وأن القوى الصاعدة من صنعاء إلى غزة ومن دمشق إلى موسكو، تعلن أن زمن التفرد الأمريكي والاحتلالي يقترب من نهايته. هذا المشهد المعقد يكشف زيف دعاوى الاحتلال، ويؤكد أن الموازين قد انقلبت، وأن القادم سيكون أعظم وأكثر تأثيراً.

قد يعجبك ايضا