المصدر الأول لاخبار اليمن

سباق السيطرة على باب المندب يجمع الاحتلال الإسرائيلي والمجلس الانتقالي ضد صنعاء

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

 

شهدت الفترة الأخيرة تقاربًا متزايدًا بين المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن والاحتلال الإسرائيلي، وهو تطور لافت في المشهد السياسي الإقليمي وتحولاته، المدفوعة بمصالح أمنية وسياسية مشتركة.

يسعى المجلس الانتقالي الممول إماراتيًا إلى رسم صورة الشريك الساعي إلى تأمين الممرات البحرية، بغرض كسب التأييد الدولي، لتحقيق مصالح عديدة، منها توفير الحماية للاحتلال الإسرائيلي، والاعتراف به أولا قبل إعلان الانفصال رسميًا عن شمال اليمن.

في فبراير الماضي،قال عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، خلال مقابلة تلفزيونية مع RT  إن ”التطبيع مع إسرائيل مسألة واردة عندما تكون لدينا دولة وعاصمة تخص الجنوب العربي”.

وأوضح أن ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” بارك تطبيع بعض الدول العلاقات مع “إسرائيل”. مؤكداُ أنه إذا أصبحت لهم دولة ذات سيادة عاصمتها عدن فإنه من حقهم أن يعرضوا التطبيع مع “إسرائيل”، معتبراً أنه حق سيادي لهم؛ بحسب وصفه.

بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، يعد البحر الأحمر ومضيق باب المندب مهمًا يربطها بآسيا والمحيط الهندي، لذلك اعتبرت تل ابيب أن إسناد قوات صنعاء لـ غزة عبر ضرب السفن الإسرائيلية أو التابعة لها إضرارًا بأمنها القومي، لذا اتجهوا إلى تشكيل تحالف مع قوات الانتقالي، لإيقاف هجمات أنصار الله في البحرين الأحمر والعربي، تحت غطاء الاعتراف الدولي بالمجلس وفرض سيادته على الجنوب.

في مطلع نوفمبر 2023، بعثت قيادة المجلس الانتقالي رسالة تضامنية إلى الاحتلال الإسرائيلي، أعلن فيها المجلس استعداده لحماية مصالح “تل ابيب” في خليج عدن وبحر العرب، من خلال مرافقة سفنه واستخدام قواته في حمايته.

وقال الانتقالي في بيان إنه يعلن استعداده الدائم للعمل على ما وصفه ” ردع سلوك الحوثيين في باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن ” في إشارة ضمنية إلى عمليات استهداف السفن الإسرائيلية ردا على جرائم الاحتلال في غزة.

واشترط الانتقالي على الاحتلال وأمريكا والسعودية والإمارات، “رفع جاهزية قواته البحرية والعمل على تطويرها” حسب البيان.

مؤخرًا، كشفت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية عن إجراء مباحثات سرية بين ممثلين أوفدهم  “المجلسَ الانتقالي” التابع للإمارات ومسؤولين “إسرائيليين” وهي الخطوة التي وصفها مراقبون بالتحول الاستراتيجي الخفي في المنطقة.

الصحيفة البريطانية قالت ان التقارِبُ بين الطرفين يستند إلى ما وصفته بـ”قضية مشتركة” تتمثل في مواجهة قوات صنعاء، التي نفّذت عمليات عسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد الاحتلال خلال العامين الماضيين، منذ عملية طوفان الاقصى 2023.

الانهيار الاقتصادي الذي عانى منه الاحتلال ولا يزال بفعل الضربات اليمينة على سفنه وموانئه، أثر بشكل كبير على “إسرائيل”، فصحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية، أكدت وجود “مساعي إماراتية – أمريكية لتسليح فصائل الانتقالي، كي تتمكن الأخيرة من مواجهة قوات صنعاء والحد من سيطرتها على البحر”.

الصحيفة أوضحت أن البنتاغون قد يجهز المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات طارق صالح بالأسلحة، للمساعدة في وقف تحركات أنصار الله في مضيق باب المندب، لتكشف مصادر إعلامية عن لقاءات سرية جرت في اغسطس 2023 بين قيادات في الانتقالي، يمثلهم محافظ سقطرى رافت الثقلي مع دبلوماسيين وعسكريين إسرائيليين في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

أما في سبتمبر من هذا العام، فقد كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية إن صحافيا إسرائيليا زار مدينة عدن مقر الحكومة الموالية للتحالف  ضمن وفد منتدى الشرق الأوسط.

وذكرت الصحيفة الاسرائيلية إن الزيارة جرت بترتيب وإشراف من المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث استُقبل الوفد في مقر الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي بحضور مختار اليافعي وعدد من قيادات الانتقالي.

يدرك الاحتلال الإسرائيلي، أن السيطرة على الممرات البحرية، تعني التحكم في ورقة قوة رئيسية في المنطقة، كما جاء في ورقة لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن عام 2022 أن: (البحر الأحمر تحول إلى محور أساسي في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث يجري بناء تحالفات أمنية جديدة لضمان أمن الملاحة والتجارة من قناة السويس إلى باب المندب، مع اعتبار اليمن بؤرة تهديد وفرصة في آن واحد).

التحركات العسكرية التي يقودها المجلس الانتقالي في جنوب وشرق اليمن، وصفتها معاهد أبحاث صهيونية، بالتطورات التي تخدم مصالح الاحتلال الاستراتيجية في إعادة تشكيل موازين القوى حول البحر الأحمر.

وبحسب تقرير لمعهد “أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، فإن سيطرة قوات الانتقالي على محافظة حضرموت تمثل دليلاً على انهيار التحالف السعودي الإماراتي التقليدي، حيث أدت الصراعات الداخلية إلى تفكك المعسكر المناهض لصنعاء.

ومن منظور “إسرائيلي”، يرى التقرير أن “الفرصة الذهبية” تكمن في نشوء كيان جنوبي موالٍ للإمارات يتموضع قرب مضيق باب المندب، مما قد يسهم في الحد من النفوذ البحري اليمني المعادي للملاحة الإسرائيلية في أحد أهم الممرات المائية العالمية.

وكانت صحيفة “إسرائيل هيوم”  قد أفادت عن محادثات تضمنت مطالب المجلس الانتقالي بالحصول على أسلحة متطورة لمواجهة قوات صنعاء.

تعزيزًا لهذا التوجه الذي يقوده الانتقالي، قال الخبير الجيوسياسي الإسرائيلي البارز” آفي افيدان”، في منشور على صفحته بمنصة (اكس)، إن ما يقوم به الانتقالي هو جزء من عبقرية خلقتها الإمارات باستراتيجية الكماشة” مع إسرائيل، مبينا أن تلك الكماشة تهدف إلى “التفوق على قوات صنعاء في كل منعطف”، وتبدأ من جزيرة سقطرى الاستراتيجية، التي تحتوي على مراكز استخباراتية مشتركة بين الإمارات و”إسرائيل” وتمتد إلى عدن، وتصل الآن إلى مساحة حضرموت الواسعة.

إن تطبيع العلاقات بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، في 2020، لقي ترحيبًا كبيرًا من قبل نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك، مما يشير إلى التوافق المبكر مع أجندة التطبيع الإسرائيلية في أبو ظبي.

بعدها بعام واحد، أشاد الزبيدي باتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، وأبدى استعداده للتطبيع مع الاحتلال.

تطرق تحليل للمركز العربي بواشنطن إلى خطط الإمارات والاحتلال الإسرائيلي التي تضمنت بناء منشأة عسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية، لتبدأ الإمارات في 2021 بنقل عشرات الضباط والجنود الإسرائيليين إلى سقطرى.

وبعد تسعة أشهر، أجرت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية مناورة بحرية في البحر الأحمر مع البحرين والإمارات والاحتلال، في أول تعاون عسكري مؤكد علنًا بين شركاء اتفاقيات التطبيع.

إن تحركات فصائل الانتقالي في جنوب وشرق اليمن، جاء بإيعاز إماراتي، خلفه توجيهات إسرائيلية لم تعد خفية، فمع تصعيد الاحتلال في فلسطين المحتلة، كان لقوات صنعاء موقفًا مساندًا، مشروطًا بتوقف العدوان على غزة، كان تدخل قوات صنعاء، بتلك السرعة والاستجابة غير واردًا فيما يبدو في الحسابات الإسرائيلية والأمريكية، أو على الأقل كان الكيان يتوقع أن يكون التدخل محدودًا وغير مؤثر في أدنى الاحتمالات، ما حققته عمليات صنعاء من إسناد لـ غزة كان مثيرًا للدهشة في الواقعين العسكري والسياسي، ما جعل العدو يعيد التفكير في تفعيل علاقاته بالإمارات التي تُدير الانتقالي وتدعمه ماليًا.

التوجه الإسرائيلي، دفع الإمارات إلى نشر خبراء عسكريين إسرائيليين في جزيرة سقطرى، بحسب ما كشفه موقع “فارنيوز” الدولي.

وأورد الموقع أن المندوبين الإسرائيليين، الذين يُعتقد أنهم خبراء تقنيون تابعون لبحرية قوات الاحتلال الإسرائيلي، يمتلكون العديد من الأجهزة والمعدات ويقومون بالبحث والحفر في أجزاء مختلفة من الجزيرة.

قالت القناة الإخبارية الناطقة بالفرنسية JForum في أغسطس 2020 إن إسرائيل ، بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة ، تخطط لبناء قواعد لجمع المعلومات الاستخبارية في جزيرة سقطرى.

وكانت شركة “بلانت لابز” قد كشفت صور بالأقمار الصناعية، أظهرت الانتهاء من بناء مدرج للطائرات “مجهول” في جزيرة عبد الكوري، إحدى جزر أرخبيل سقطري اليمني، قد يوفر منطقة مركزية للعمليات العسكرية التي تقوم بدوريات في المنطقة، كذلك للشحن التجاري عبر الخليج والبحر الأحمر. وبحسب تقارير، بني المدرج من قبل الإمارات، التي تحاول منذ سنوات طويلة توسيع وجودها العسكري في المنطقة.

 

قد يعجبك ايضا