المصدر الأول لاخبار اليمن

أم الرشراش تحت النار: قراءة عسكرية واقتصادية في ضربة المسيّرة اليمنية

فلسطين المحتلة | وكالة الصحافة اليمنية

شهدت مدينة أم الرشراش “إيلات” اليوم – الاربعاء-  24 سبتمبر 2025 حادثة نوعية حين وصلت طائرة مسيرة يمنية إلى هدفها ، ما أدى إلى إصابة أكثر من 50 مستوطناً صهيونياً بينهم إصابات وُصفت بالخطيرة.

وصول الطائرة اليمنية المسيرة الى هدفها والتي وثقتها عدسات المستوطنين لم تكن مجرد حادث عابر، بل شكّلت تحولاً لافتًا في مسار الصراع مع “إسرائيل”  فالعملية حملت في طياتها رسائل مزدوجة: عسكرية واقتصادية، إذ أكدت مجدداً هشاشة المنظومات الدفاعية “الإسرائيلية” أمام سلاح المسيّرات، ومن جهة أخرى وجهت ضربة مباشرة لقطاع السياحة والميناء البحري في أم الرشراش “إيلات”ما يهدد بتحويل المدينة إلى عبء اقتصادي وأمني في آن واحد .

هذا التداخل بين البُعد العسكري والبُعد الاقتصادي هو ما يمنح العملية وزنها النوعي؛ فهي لم تضرب هدفًا ميدانيًا فحسب، بل استهدفت كذلك صورة “إسرائيل” كدولة آمنة قادرة على حماية منشآتها السياحية والتجارية ،  ومن هنا، يصبح من الضروري قراءة ما جرى من زاويتين: الأولى عسكرية تكشف طبيعة الاختراق الميداني والتكتيكي، والثانية اقتصادية توضّح تداعيات هذه الضربة .

 

 

 

القراءة العسكرية

 وصول الطائرة اليمنية إلى هدفها في مدينة أم الرشراش ” إيلات”  يزيد من طبيعة التحديات الأمنية التي تواجه “إسرائيل” فالعملية لم تقتصر على إحداث أضرار بشرية ومادية، بل كشفت في الوقت نفسه عن ثغرات عميقة في المنظومات الدفاعية، وفتحت الباب أمام أبعاد واستراتيجية أوسع بكثير من مجرد حادث منفرد .

من الجانب الدفاعي، فشل القبة الحديدية وبقية الصواريخ الاعتراضية في إسقاط المسيّرة رغم رصدها ومحاولة التصدي لها، يُظهر محدودية قدرة هذه المنظومات على التعامل مع أهداف صغيرة الحجم، منخفضة الارتفاع، وبصمة رادارية شبه متلاشية،  وهذا يعني أن الجيش “الإسرائيلي”  يواجه خصماً قادراً على استخدام سلاح منخفض الكلفة، لكنه عالي الفاعلية، ومن مسافات بعيدة غير متوقعة .

ميدانياً، أسفرت الضربة عن أكثر من خمسين إصابة متفاوتة الخطورة، وأضرار مادية ملحوظة، فضلاً عن انقطاع مؤقت في التيار الكهربائي،  كما اضطرت البحرية “الإسرائيلية”  إلى إعادة تموضع قطعها قرب الميناء، وهو ما يعكس إدراكها بأن التهديد ليس لحظياً بل قد يتكرر، مستهدفاً منشآت حيوية ومرافق بحرية أساسية .

الأثر المعنوي والاقتصادي كان حاضراً بقوة؛ إذ أصاب الهجوم أحد الفنادق السياحية، ليحوّل صورة “إيلات” من وجهة ترفيهية آمنة إلى ساحة مهددة.

من زاوية استراتيجية، تبرز الضربة كإشارة واضحة على تغيّر قواعد اللعبة،  فهي تثبت أن الدفاعات “الإسرائيلية” يمكن تجاوزها بسهولة نسبية، وأن الجبهة الداخلية، بما تحمله من أبعاد سياحية واقتصادية، أصبحت مكشوفة كلياً،  الرسالة هنا مزدوجة: ردع من جهة، واستنزاف متواصل من جهة أخرى، يضع “إسرائيل”  أمام تحدٍّ صعب بين تطوير دفاعاتها وتوزيع مواردها على جبهات متعددة، أو الدخول في دائرة ضربات متكررة تُنهك أمنها واقتصادها ومعنوياتها في العمق .

 

القراءة الاقتصادية

 الحادثة جاءت ضمن سلسلة عمليات يمنية تستهدف مطارات ومنشآت ومناطق حساسة تابعة للاحتلال الاسرائيلي لكن ما ميّزها أنها أصابت قلب الصناعة السياحية التي تُعدّ من الأعمدة الحيوية للاقتصاد “الإسرائيلي” أحد المناطق السياحية ” وهذا وفق الاعلام العبري ، ومدينة أم الرشراش ” إيلات” تحديدًا تمثل “الجوهرة السياحية” لـ “إسرائيل”  تقع على البحر الأحمر وتستقطب مئات آلاف السياح الاجانب سنويًا، بفضل مناخها الدافئ على مدار العام ، وبالتالي أي هجوم على بنية هذا القطاع — وخصوصًا الفنادق — يوجّه ضربة مزدوجة:  يخفض الإيرادات ويزعزع الثقة ، وبعد الهجوم ستتعزز صورة “إسرائيل”  كوجهة “غير آمنة” ، خاصة مع الاعترافات الإعلامية بفشل الدفاعات الجوية في اعتراض الطائرة المسيرة ، وهو ما سيؤدي الى ضرب السياحة الخارجية باعتبار ما حدث في أم الرشراش ، قد يتكرر في أي مكان بـ”إسرائيل “، وحتى السياحة الداخلية ستتأثر، ولن يتردد المستوطنون على أماكن سياحية مكشوفة عسكرياً ، وبالتالي ستنهار الشركات السياحية ، مع ضرب قطاع الاستثمار الخارجي في القطاع السياحي تماماً ، باعتبار ما ستتركه هذه الحادثة من تأثيرات على قرارات المستثمرين، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على إقتصاد “إسرائيل ” الذي يعاني أزمة لم يشهدها الكيان من وجوده .

 

أم الرشراش (إيلات) — نحو مدينة أشباح

هذا الهجوم اليمني لا يمكن فصله عن سياق أوسع، يتمثل في الاستراتيجية اليمنية المعلَنة الهادفة إلى فرض حصار شامل على “إسرائيل”  يشمل استهداف المطارات، والموانئ، والوجهات السياحية ، وأم الرشراش “إيلات” تعيش على مصدرين رئيسيين: السياحة البحرية–الفندقية، وحركة الميناء، ومع ضرب السياحة من جهة، وتعطيل الميناء من جهة أخرى، تخسر المدينة عمودَي اقتصادها الأساسيين ، وبالتالي فان استمرار هذه المعادلة (غياب السياح + توقف الميناء) يعني تراجع النشاط الاقتصادي إلى حدّه الأدنى – المحلات التجارية، المطاعم، شركات النقل، وستواجه المدينة بطالة جماعية، ما قد يدفع آلاف المستوطنين إلى الهجرة نحو مدن الداخل بحثًا عن فرص عمل  بذلك، يمكن أن تتحول أم الرشراش “إيلات” إلى مدينة شبه خالية أو “مدينة أشباح” بالمعنى الاقتصادي .

 

قد يعجبك ايضا