القسام والمجاهدين يحولون آليات الاحتلال إلى ركام.. وخطة غزة تتهاوى تحت أقدام المقاتلين!
غزة | وكالة الصحافة اليمنية
تشهد ساحة العمليات في قطاع غزة، استناداً إلى بيانات فصائل المقاومة الفلسطينية ومصادر إعلامية تابعة لسلطات الاحتلال، تبايناً لافتاً في الأداء الميداني والمعنويات العسكرية، حيث يتجسد تصميم المقاومة في تنفيذ عمليات نوعية بالغة التعقيد والدقة، في مقابل تزايد مؤشرات الارتباك والإحباط في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي.
تُشير العمليات الأخيرة التي أعلنت عنها كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكتائب المجاهدين، الجناح العسكري لحركة المجاهدين الفلسطينية، إلى مستوى عالٍ من اليقظة القتالية والتخطيط الدقيق، مما يعكس معنويات قتالية مرتفعة واستعداداً للمخاطرة في سبيل تحقيق الأهداف العسكرية.
أعلنت كتائب القسام عن عملية نوعية عصر الإثنين داخل مدرسة “الراهبات الوردية” في حي تل الهوا جنوب مدينة غزة، حيث تمكن “المجاهدون” من الإغارة على تجمع لجنود وآليات الاحتلال. وتُظهر التفاصيل المذكورة استخدام تكتيكات قتالية جريئة ومباشرة، بما في ذلك:
وأشارت كتائب القسام في بيان لها، إلى أنها تمكنت من إطلاق النار “من مسافة الصفر” صوب جنود الاحتلال، مما أسفر عن وقوعهم بين قتيل وجريح هذا التكتيك يعكس شجاعة قتالية فائقة وثقة عالية في القدرة على الاشتباك المباشر.
وأضافت، في بيان منفصل، عن إلقاء عبوات فراغية داخل ناقلتي جند صهيونيتين وتفجير دبابة “ميركفاه” بعبوة “العمل الفدائي”، وهو مصطلح يُشير إلى تصميم على تحقيق إصابة مؤكدة وتدمير الهدف بغض النظر عن المخاطر.
من جهتها، أكدت كتائب المجاهدين، تمكنها من استهداف دبابة صهيونية بقذيفة آر بي جي في شارع الصناعة قرب برشلونة يوم الأحد الماضي، وتحقيق إصابة مباشرة. هذا التركيز على استهداف النقاط الحيوية لجيش الاحتلال يُثبت قدرة المقاومة على التعامل الفعال مع الدروع الإسرائيلية.
وفي بيان منفصل، أكدت كتائب القسام تمكنها من تفجير صاروخ GBU من مخلفات العدو الصهيوني بقوة راجلة لجنود الاحتلال جنوب مدينة غزة، وهو ما يبرز الذكاء التكتيكي في تحويل سلاح الخصم ضده، وتُعطي دلالة إضافية على الحافز المعنوي لاستدامة القتال.
كما أن تأكيد عمليات الرصد المتكررة لهبوط الطيران المروحي للإخلاء على خسائر الاحتلال المتزايدة في الأرواح نتيجة لهذه الهجمات، يُعد، في حد ذاته، مؤشراً على النجاح الميداني للمقاومة وحافزاً معنوياً إضافياً لمقاتليها.
فجوة “الواقع والتعليمات” تُفاقم الإحباط
في المقابل، تتصاعد مؤشرات على وجود ارتباك عملياتي وفجوة معنوية عميقة في صفوف جنود الاحتلال المتواجدين في القطاع. وتُظهر تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذا الارتباك ينبع بشكل أساسي من التضارب بين التصريحات السياسية وواقع العمليات العسكرية المستمرة.
على سبيل المثال، لا الحصر، نقل المراسل العسكري أمير بوحبوط وموقع واللا الإسرائيلي عن الجنود في الميدان وجود “فجوة كبيرة وارتباك”؛ السبب الجوهري لهذا الارتباك يكمن في سماعهم عن “اتفاق رهائن يتشكل” و”وقف إطلاق نار محتمل”، في حين أن الواقع الميداني لا يشهد “أي تغيير” في المهام أو الأوامر، مما يترك لدى الجنود “إحساساً هو بعدم الفهم – كيف يستمر الهجوم بينما في الخلفية يتحدثون عن النهاية؟”
على صعيد زيادة “اليقظة والاستعداد” كدليل على الخطر، أمر رئيس أركان جيش الاحتلال، الفريق إيال زامير، القوات المقاتلة بزيادة مستوى “اليقظة والاستعداد” وهو إجراء يُتخذ عادة في ظل تهديد متصاعد ومحاولات من قِبَل فصائل المقاومة لتنفيذ هجمات على مواقع الجيش. هذا الأمر يُعد اعترافاً ضمنياً بتصاعد خطر المقاومة على الرغم من التوغل العسكري.
في السياق، يُؤكد موقع واللا الإسرائيلي على أن العمليات العسكرية مستمرة “بكثافة ومعدات عسكرية ثقيلة” دون أي تغير ميداني، بالرغم من الإعلان عن خطة محتملة (موقع واللا الإسرائيلي). هذا التناقض بين الخطط السياسية (وقف إطلاق النار) والواقع العسكري (الاستمرار في القتال العنيف) يُفاقم الشعور بالضبابية وانعدام الهدف الواضح لدى جنود الاحتلال.
تداعيات التباين المعنوي
لا تقتصر تداعيات الفارق الحاد في المعنويات العسكرية بين رجال المقاومة الفلسطينية وجنود الاحتلال على الساحة الميدانية فحسب، بل تمتد لتشكل تحديات جوهرية على المستوى السياسي الداخلي لسلطات الاحتلال، وتفاقم من عزلتها الإقليمية والدولية، لا سيما في ظل استمرار العمليات العسكرية التي تُثبت قدرة المقاومة على استنزاف قواته.
تنبع حالة الارتباك المعنوي التي يشعر بها جنود الاحتلال من التضارب الواضح بين استمرار القتال العنيف على الأرض والأحاديث المتداولة عن وقف وشيك لإطلاق النار. هذه الحالة، التي نقلها المراسل العسكري أمير بوحبوط وموقع “واللا” الإسرائيلي، تنعكس مباشرة على صورة القيادة أمام الرأي العام الداخلي، فتؤدي إلى تآكل الثقة في القيادة العسكرية والسياسية.
يؤدي عدم الفهم لدى الجنود (حيث يتساءلون: كيف يستمر الهجوم بينما يتحدثون عن النهاية؟)، إلى فقدان الثقة في استراتيجية إدارة الحرب ووضوح أهدافها. هذا التآكل يغذي الانتقادات الداخلية التي تطالب بـإجابات واضحة وحاسمة حول جدوى التضحيات المستمرة، لاسيما في ظل ما تحمله بيانات كتائب القسام من تأكيدات باستمرارية قدرة المقاومة على تنفيذ هجمات نوعية “من مسافة الصفر” وإحداث خسائر مؤكدة.
إن النجاحات الميدانية للمقاومة تُترجم مباشرة إلى ضغط سياسي وعسكري داخلي. فمع كل عملية ناجحة لـكتائب القسام وكتائب المجاهدين، يزداد حجم الخسائر، ويصبح الضغط الشعبي والعسكري على حكومة الاحتلال أكبر لإبرام صفقة تبادل أسرى.
يُغذي الإحساس المتزايد بـالاستنزاف غير المنتج – أي تكبّد خسائر دون تحقيق مكاسب استراتيجية واضحة – تحركات أهالي الجنود والمستوطنين نحو المطالبة بإنهاء العمليات والقبول بـحلول سياسية، ما يضعف موقف المفاوضين التابعين لسلطات الاحتلال في أي محادثات مستقبلية.
ولا نغفل الإشارة إلى حقيقة أن نجاح المقاومة في استهداف الآليات المدرعة وتجمعات الجنود في مناطق يفترض أنها “تم تطهيرها” كـ (مدرسة الراهبات الوردية مثالاً)، يُرسل رسالة واضحة بـفشل جيش الاحتلال في تحقيق أهداف “القضاء على المقاومة”.
هذا الفشل يُؤجج الخلافات داخل الأوساط الأمنية والسياسية حول الاستراتيجيات المتبعة، ويُظهر أن المقاومة لا تزال تحتفظ بـمبادرة الحركة على الأرض وقادرة على مفاجأة قوات الاحتلال، وهو ما يُعد عاملاً جوهرياً يرفع من معنوياتها بشكل مضاعف ويزيد من يأس الجنود في الميدان.
المقاومة تُعمّق العزلة السياسية للاحتلال
لا يقف تأثير الصمود القتالي للمقاومة الفلسطينية ونجاحها في استنزاف قوات الاحتلال عند حدود الميدان، بل يمتد ليصبح أداة ضغط استراتيجية تُفاقم من الارتباك السياسي والعزلة الدبلوماسية لسلطات الاحتلال على الساحة الدولية. إن هذا التباين المعنوي بين الطرفين يساهم بقوة في تكريس صورة دولية وإقليمية تخدم الرؤية المضادة للاحتلال.
كما أن استمرار العمليات النوعية للمقاومة ونسبة الخسائر المتصاعدة في صفوف جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي تضع الدول الحليفة التي تقدم الدعم العسكري والسياسي لسلطات الاحتلال تحت ضغط كبير ومتزايد. تجد هذه الدول صعوبة أكبر في تبرير استمرار دعمها لعملية عسكرية يبدو أنها غير قادرة على تحقيق نصر حاسم، وتُقابَل بـتصميم راسخ على القتال من قِبَل المقاومة. هذا المشهد الميداني يضعف مبررات استمرار الدعم ويغذي الانتقادات الموجهة إلى هذه الحكومات داخلياً وخارجياً.
في المقابل، يُعزز الأداء القتالي الفعّال للمقاومة – المدعوم بتقارير تتحدث عن الارتباك الداخلي في صفوف جيش الاحتلال – من الشرعية المعنوية للتحركات الإقليمية والدولية التي تسعى لكسر الحصار ودعم ونصرة القضية الفلسطينية.
ولعل الأنباء التي نقلتها صحيفة هآرتس، حول قبول الأجهزة الأمنية التابعة للاحتلال بتأكيدات القطع البحرية المرافقة لـ “أسطول الحرية” عن نيتها عدم المواجهة مع بحرية الاحتلال، تُعد مؤشراً واضحاً على ارتفاع منسوب الحذر لدى سلطات الاحتلال المتزايد من المواجهة مع الأطراف الإقليمية والدولية، ما يبرز تأثير تصاعد الضغوط البحرية والمدنية تجاه غزة.
من جهة أخرى، يساهم الإعلان المتواتر عن عمليات نوعية تنجح في استنزاف قوات الاحتلال (كما في بيانات كتائب القسام وكتائب المجاهدين) في ترسيخ صورة المقاومة كـقوة فاعلة وقادرة على الاستمرار في عملياتها ضد التوغل العسكري. هذا النجاح الميداني لا يُعد دعماً معنوياً وسياسياً لحلفاء المقاومة على المستوى الإقليمي فحسب، بل يُكسبها تأييداً جماهيرياً أوسع في المنطقة، إذ تُظهر المقاومة قدرتها على الصمود والمبادرة رغم التحديات.
في الختام، يُشير تحليل المعطيات الميدانية والإعلامية إلى أن معنويات المقاومة تغذيها الثقة بالذات القتالية والقدرة على تحقيق إصابات مؤثرة في صفوف جيش الاحتلال، مما يُعزز من صمودها واستدامة عملها القتالي. في المقابل، تُعاني المعنويات العسكرية لجنود الاحتلال من تآكل بسبب غياب الرؤية الواضحة، والتضارب بين مستويي القيادة السياسية والعسكرية، مما يُنتج بيئة من الارتباك وعدم اليقين تضر بكفاءة الأداء الميداني. هذا التباين هو عامل حاسم في فهم مسار وتطور العمليات العسكرية الجارية.