عامان مرا على انطلاق “طوفان الأقصى”، عامان من التضحية والصمود والثبات الأسطوري في وجه عدوان لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً له. عامان والشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة يسطرون أروع ملاحم البطولة، ليثبتوا للعالم أجمع أن إرادة المقاومة أقوى من ترسانة الأسلحة وأعتى التحالفات. لقد انتصرت غزة، وبكل المقاييس، على الكيان المحتل المدعوم بتقنيات وسلاح ودعم مالي وسياسي وإعلامي غير مسبوق من الولايات المتحدة وأغلب دول الغرب.
هزيمة عسكرية يقر بها قادة الاحتلال
منذ اللحظة الأولى للعملية، راهن الكيان الإسرائيلي وحلفاؤه على كسر إرادة أهل غزة وتدمير قدرات المقاومة في غضون أسابيع. لكن بعد عامين، ما زالت حركة حماس ثابتة وصامدة في الميدان، محتفظة بقوتها وقدرتها على المبادرة وتوجيه الضربات، وتفننت في استخدام الأسلحة وأبدت مهارة وعزماً وإيماناً يفوق كل قوة جيوش العالم. لقد عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استعادة أسراه بالقوة أو القضاء على المقاومة، رغم كل الإجرام والهمجية التي ارتكبها في حق المدنيين والبنى التحتية للحياة.
العدوّ الإسرائيلي، على الرغم مما يمتلكه من أسلحة وما يحظى به من دعمٍ واسع، يعيش حالةً دائمة من الرعب والخوف والقلق، تدفعه إلى التعامل مع الأحداث بغير واقعية، وبحقدٍ ووحشيةٍ مفرطة.
ولولا خوفه الزائد لما احتاج إلى ذلك الاستنفار العسكري في مواجهة أسطول الصمود، الذي لم يكن يُشكِّل…— محمد الفرح (@MohammedAlfrah) October 7, 2025
يؤكد هذا الصمود أن حركة حماس انتصرت في ميدان المعركة، ولم تتنازل عن مطالبها بالرغم من شدة القصف والحصار والتجويع والتدمير، الذي أعطاها القوة هو الثبات على الإيمان ووقوف الحاضنة الشعبية لها التي ضحت بالغالي والرخيص.
الاعتراف بـ “انتصار المقاومة” هو شهادة من داخل أروقة الكيان المحتل. فالمحلل العسكري آفي أشكنازي يقر في تصريحاته بالهزيمة بقوله: “في هذه الحرب، وللأسف الشديد، انتصرت حماس حتى لو انتهى بها الأمر في نهاية المطاف إلى الزوال من العالم. لقد أثبتت أنه يمكن تحدي “إسرائيل”، وصمدت لعامين كاملين في حرب طاحنة لم يشهد مثلها طوال 77 عاماً”.
وكشف الكاتب الإسرائيلي يتسحاق بريك، في مقال لصحيفة “معاريف” عن حجم الفشل الإستراتيجي الاسرائيلي، مشيراً إلى أن حركة حماس “تشعر بأنها قوية بما فيه الكفاية بفضل شبكة أنفاقها، ولا تخشى من حسم جيش الاحتلال الإسرائيلي”. ويقدم بريك إحصائيات تقوض مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بالانتصار: “لقد ادّعوا أن 60% من الأنفاق دُمّر، بينما الحقيقة أن أقل من 20% دُمّر”.
وعن خسائر المقاومة، يؤكد: “قيل إن عدد قتلى حماس تجاوز العشرين ألفاً، بينما في الواقع، قُتل أقل من 10 آلاف، وتمت الاستعاضة عنهم بمقاتلين جدد من الشباب، ليعود التنظيم إلى قوته السابقة البالغة نحو 30 ألف عنصر”. ويضيف بريك أن القيادة العليا لجيش الاحتلال الإسرائيلي اعترفت “بعدم إغلاق معابر الأنفاق تحت محور فيلادلفيا، والتي تُستخدم لنقل أسلحة وذخيرة من سيناء إلى قطاع غزة، بينما يقف الجيش الإسرائيلي عاجزاً”.
انتصار إستراتيجي وسياسي
لم يكن الانتصار ميدانياً فحسب، بل امتد ليلامس الجوانب السياسية والإعلامية والإستراتيجية العالمية. لقد نجحت المقاومة في إعادة حركة حماس القضية الفلسطينية إلى المركز الأول في الخلاف وإثبات الحق.
وأدت الحرب إلى إذلال دول عظمى ورفعت دولاً صغرى في عيون الشعوب، وأوجدت خلافات في دول الديمقراطية الزائفة بين الحكام وشعوبهم، وبين المستوطنين اليهود ذاتهم. وقد كشفت الحرب الوجه القبيح للعالم الغربي الذي وقف يدعم الكيان المحتل، ثم اكتشف وخلال شهور أن هذا الكيان مجرم نازي أحرجهم أمام شعوبهم الناخبين.
كان طوفان الاقصى مفاجاة لم يحسب العدو حسابها ، وكان دخول اليمن الحرب على خط الطوفان ضد العدو الصهيوني، مفاجأة أخرى ، لقد عبر الامريكيون عن الذهول والصدمة وقتذاك كانت المدمرة كارني تبحر في شمال البحر الاحمر ، وكان الضباط الامريكيون يشاهدون اسراب الطائرات والصواريخ متجهة صوب فلسطين…
— A.Alahnomi- عبدالرحمن الأهنومي (@alahnomi112) October 7, 2025
لقد دُمرت إستراتيجية الكيان من علاقات دولية سياسية واقتصادية وعسكرية وقانونية، وأطلقت ملاحقات دولية قانونية ومحاكمات تنتظر الكيان المحتل. وتؤكد مصادر الاحتلال نفسها هذا التغير، حيث يرى الكاتب الإسرائيلي آري شفيط في “يديعوت أحرونوت” أن الشرق الأوسط يتغير بسرعة ضد الكيان الإسرائيلي، وكذلك العالم كله.
وفي السياق، يشير يتسحاق بريك إلى التداعيات الكارثية لفشل الاحتلال في التوصل لاتفاق، محذراً من أن ذلك أدى إلى “عزلة إسرائيل عن العالم، وقطع علاقاتها مع الدول العربية التي وقّعت معها اتفاقيات سلام، وإغلاق الطريق أمام توقيع اتفاقيات سلام مع دول جديدة”. كما أن استمرار هذه السياسات يهدد بمواصلة “انهيار إسرائيل في جميع المجالات: الأمن، والاقتصاد، والتعليم، والطب، والمجتمع، والبحث العلمي”.
من جهته، يرى الكاتب الإسرائيلي آري شفيط في “يديعوت أحرونوت” أن انتهاء الحرب الآن “ستنتهي بانتصار مطلق لحماس، وستكون هزيمة دبلوماسية مطلقة لإسرائيل”، مؤكداً أن “التحالف الحيوي مع الولايات المتحدة تآكل حتى العظم، والردع الدبلوماسي انهار”. ويخلص إلى أن الكيان الإسرائيلي يواجه مهمة “لن تكون مجرد إصلاح لإسرائيل، بقدر ما تكون إنقاذها من حضيضٍ تاريخي لم يسبق له مثيل”.
🔁🔁🔁🔁186
🔴🔴🔴🔴🛎️
إنتصرت حماس
ولاعزاء للخونة والعملاء…🔴حماس إنتصرت في كل المقاييس العسكرية والسياسية والإعلامية والإجتماعية وحضورا في كل أنحاء العالم ..
🔴حماس غيرت مجرى التاريخ وغيرت كل السياسات وطريقة التفكير .. ضربت كل معاقل الشر والطواغيت …فقد إنتصرت على دول… pic.twitter.com/z4R1hxxstt
— د.أيسر بني ضمره Ayser (@aysardm) April 8, 2024
الثمن الباهظ للعدو
تخوض المقاومة الفلسطينية “معركة تفاوضية شرسة”، كما وصفها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، عبر “الميادين” في الذكرى الثانية لـ “طوفان الأقصى”، مؤكداً على “أننا لا يمكن أن نستسلم لشروط العدو بعد كل هذه التضحيات التي قدمها شعبنا البطل”. لقد فردت حركة حماس شروطها بكل قوة، ولم تتراجع عن مطالبها، لتثبت قدرتها على إدارة الصراع السياسي كما أدارت الصراع العسكري.
في ظل هذا الثبات، يشدد يتسحاق بريك على أن حركة حماس “ترفض الشروط الأساسية في خطة ترامب: لقد رفضت نزع سلاحها… ورفضت وجود قوة دولية في غزة… وترفض تسليم جميع الرهائن دفعة واحدة”، لأنها تدرك أن الوقت يعمل لمصلحتها وأن الكيان “يضعف في جميع المجالات”. هذا الوعي بالقوة هو الذي دفع بالرئيس الأميركي إلى إعلان وجوب “وقف القصف على غزة فوراً والدخول في مفاوضات”، ليؤكد أن “حماس انتصرت في كل المقاييس العسكرية والسياسية والإعلامية والاجتماعية وحضورا في كل أنحاء العالم”، وغيرت التاريخ إلى الأبد.
ويؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي بن كسبيت، في “عبري لايف”، أن “الهزيمة التي مُنيت بها إسرائيل في 7 أكتوبر هي الأصعب، والأكثر إيلاماً وإذلالاً في تاريخها. لم نحلم أنه يمكن أن نشهد حدثاً كهذا حتى في كوابيسنا الكبرى. أن يتمكن تنظيم من هزيمة فرقة كاملة من الجيش الإسرائيلي، وأن يحتل مستوطنات وقواعد، ويخطف المئات، ويذلّ الجيش الأقوى في الشرق الأوسط، ويترك وراءه أرضاً محروقة”. كما أن الكيان الإسرائيلي مُني بخسائر تجاوزت 120 مليار دولار في غضون ستة أشهر، وستكون هناك تبعات واهتزازات مستقبلية أكثر من ذلك، بحسب التقارير الواردة.
الانتصار هو الثبات، وعدم التنازل عن الحقوق والمطالب، وهو ما أثبتته غزة ومقاومتها على مدار عامين، لتؤكد أن التصميم على الثبات يؤتي أكله، وأن التاريخ يتغير لصالح من يملك الإيمان والعزم.
انتصرت حماس.. انتصرت غزة.. انتصر الشعب الفلسطيني
انتصر محور الإنسانية..
سقط الأعداء، وسقط الخونة والعملاء… pic.twitter.com/JCw41TQXEo
— الرادع التركي 🇹🇷 (@RD_turk) October 3, 2025