المصدر الأول لاخبار اليمن

أسرى فلسطينيون يرون تفاصيل مروّعة عن وحشية التعذيب داخل السجون الإسرائيلية

فلسطين المحتلة | وكالة الصحافة اليمنية

أكدَّ مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين، الأربعاء، أن أسرى غزة عادوا لديارهم كأشباحٍ هزيلة، ليبدؤوا رحلة علاجٍ طويلة لأجسادٍ أنهكها القهر والجوع والتعذيب”.

وقال المكتب، في بيان، إن عدد كبير من أسرى قطاع غزة الذين أفرج عنهم العدو الإسرائيلي خرجوا من سجون العدو بأجسادٍ منهكة، وبعضهم مبتورو الأطراف، وآخرون على كراسٍ متحركة، وقد بدت على وجوههم وأجسادهم علامات الإعياء الشديد والتجويع المتعمّد.

ونقل المكتب عن أسرى محررين أن الضرب بحقهم استمر لأربعة أيامٍ متواصلة، وُصفها سجّانو العدو بأنها “هدية قبل الإفراج عنهم”.

وأشار أحد الأسرى إلى أن “إدارة سجون العدو الإسرائيلي كانت تتعمد ضربه على موضع إصابته حتى انكسرت يده خمس مرات”.

كما كشفت شهادات حديثة عن أن بعض الأسرى خرجوا ليكتشفوا أنّهم فقدوا جميع أفراد أسرهم الذين استُشهدوا خلال الحرب الأخيرة على غزة، “ليجدوا أنفسهم أمام مأساة مزدوجة تجمع بين الألم الشخصي والفقد الوجودي”.

جرائم ضد الإنسانية

فيما أكدّت المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين (تضامن)، أنّ الصور التي انتشرت مؤخرًا للأسرى المفرج عنهم من سجون العدو الإسرائيلي تُعدّ أدلة بصرية دامغة على ما يعيشه آلاف المعتقلين الفلسطينيين من انتهاكات جسيمة ومنهجية ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، وفقًا لأحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الرابعة.

وأشارت المؤسسة، في بيان حسب وكالة “صفا” الفلسطينية، إلى أنّ التغيّر المروّع في ملامح الأسرى بعد الإفراج عنهم: الشحوب، الهزال، الندوب، والملامح التي بدت وكأنها خرجت من تحت ركام الموت يعكس حجم التعذيب والتجويع والإهمال الطبي والإذلال الممنهج، الذي يتعرض له الأسرى، ولا سيما منذ السابع من أكتوبر 2023.

ورأت “تضامن” أن هذه الصور لا تمثّل مجرد مشاهد إنسانية مؤلمة، بل هي وثائق قانونية يجب حفظها وتحليلها وتقديمها ضمن ملفات التحقيق الدولي حول سياسات التعذيب والحرمان من الحقوق الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة والسلامة الجسدية والكرامة الإنسانية، المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب.

مبتورو الأطراف

في الجانب الحكومي، كشف مدير عام مجمع الشفاء الطبي، الدكتور محمد أبو سلمية، يوم الثلاثاء، إن الأسرى المحررين الذين وصلوا إلى المجمع ظهروا منهكين وتبدو عليهم آثار التعذيب وسوء المعاملة التي تعرضوا لها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح أبو سلمية أن بعض الأسرى خرجوا مبتوري الأطراف، فيما يعاني آخرون من إصابات مزمنة نتيجة الحرب ولم يتلقوا بشأنها أي رعاية طبية تذكر خلال فترة اعتقالهم.

فقدان الوزن

جمال دغاة، من مزارع النوباني في رام الله، نال حريته بعد سنة ونصف قضاها موقوفا، ويقف أمام كاميرا قناة الجزيرة بجسد فقد 30 كيلوغراما من وزنه، مؤكدا أن حاله يغني عن أي كلام.

ويصف الوضع داخل السجون بأنه سيئ جدا في المعاملة والطعام وجميع جوانب الحياة اليومية، كاشفا عن تعرضه لأشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي، مؤملا أن يفرج الله عن جميع الأسرى الذين ما زالوا خلف القضبان.

من جانبه، قال محمد الأصلية، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 22 عاماً، أُفرج عنه من سجن نفحة، يوم الاثنين، إنه أُصيب بالجرب خلال فترة احتجازه.

وقال الأصلية، الذي تم اعتقاله في 20 ديسمبر 2023 من مدرسة في جباليا: «لم يكن هناك أي رعاية طبية. حاولنا علاج أنفسنا بوضع مواد تعقيم وتطهير الأرضيات على جروحنا، لكنها زادت الأمر سوءاً. كانت المراتب قذرة، والبيئة غير صحية، ومناعتنا ضعيفة، والطعام كان ملوثاً».

وأضاف: «كان هناك مكان يُسمى (الديسكو)، حيث يشغّلون موسيقى صاخبة بلا توقف لمدة يومين متتاليين. كانت هذه واحدة من أكثر وسائل التعذيب شهرة وقسوة. كما كانوا يعلّقوننا على الجدران، ويرشّون علينا الماء البارد، وأحياناً يرمون مسحوق الفلفل الحار علينا».

دخل الأصليّة الاعتقال بوزن 75 كيلوغراماً، وانخفض إلى 42 كيلوغراماً في إحدى مراحل احتجازه.

اسير آخر يروي كيف وصلوا إلى مرحلة الموت داخل سجن نفحة الصحراوي بسبب الإهمال الصحي المتعمد من إدارة السجن، موضحا أن التحسن في الظروف الذي شهدوه قبل الإفراج لم يكن بالمستوى المطلوب. معبرا عن فرحته بمشاهدة السماء لأول مرة بدون شبك بعد حرمان طويل، وفقا لقناة الجزيرة.

ويستعيد الدكتور سامر الحلبية من جانبه ذكرياته المريرة من 10 سنوات قضاها في السجن من أصل حكم بلغ 32 عاما، وفقا للمصدر عينه.

وحشية التعذيب

فيما قال نسيم الراضي، لصحيفة «الغارديان» البريطانية، إن قبل إطلاق سراحه من سجن نفحة بصحراء النقب، قرر حراس السجن الإسرائيليون «تقديم هدية وداع له»، حيث قيدوا يديه ووضعوه على الأرض وضربوه بلا رحمة، مودعين إياه «كما لو كانوا يلقون عليه التحية بقبضاتهم» حسب وصفه.

وكانت أول نظرة للراضي إلى غزة عقب عودته لها بعد قرابة عامين في السجن «ضبابية» إذ تركته ضربة حذاء من الحراس على عينه يعاني من تشوش في الرؤية لمدة يومين. وأُضيفت مشكلات البصر إلى قائمة طويلة من الأمراض التي أصيب بها خلال فترة احتجازه.

وقال راضي: «كانت ظروف السجن قاسية للغاية، من تقييد أيدينا وأقدامنا إلى التعرض لأبشع أشكال التعذيب».

وأضاف أن الضرب لم يكن استثناءً، بل كان جزءاً مما وصفه بأنه «نظام ممنهج من الانتهاكات».

وأردف: «استخدموا الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لترهيبنا، بالإضافة إلى الشتائم والإهانات المتواصلة. كان لديهم نظام قمع صارم. وحين كان يُفتح الباب الإلكتروني للقسم ويدخل الجنود، كانوا يقتحمون المكان برفقة كلابهم وهم يصرخون: (على بطنك، على بطنك)، ثم يبدأون بضربنا بلا رحمة».

أما الأسير موسى صوفان (47 عامًا) من طولكرم، المحكوم بالسجن المؤبد منذ عام 2003 والمصاب بورم في الرئة، فقال: إن الأسرى عاشوا “سنوات من الألم والجوع والمرض والعزلة”.

وأكدّ أن “23 عامًا خلف القضبان لا تمحو الإحساس بالحزن على الثمن الذي دفعته غزة في سبيل حريتنا”.

وأضاف بأسى:” نخجل أمام هذه الدماء، فحريتنا مدينة لضحايا غزة”.

فيما قال الأسير عزام دياب، الذي قضى 24 عامًا في السجن: عشنا عامين من الإبادة التي كانت من الجحيم، هذه أجمل لحظات عمرنا، وقلوبنا مع أهل غزة الذين عانوا ما لا يُطاق”، حسب موقع بوابة اللاجئين.

” تحريرنا دين براقبنا”

وأوضح المحرر المُبعد إلى مصر، عمار السمحان، وهو من نابلس، أن قطاع غزة قدّم فاتورة من دماء أطفاله والنساء والشيوخ عن الشعب الفلسطيني بأكمله، وعن الأمة العربية والإسلامية.

وقال السمحان، وفقا لوكالة “سند” للأنباء إن: “شعب غزة يريد الحرية والاستقلال، وأثبت ذلك على أرض الواقع”، مستطردًا: “تُرفع القبعة لهذا الشعب الصامد المرابط الذي قدم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى”.

وأضاف إن ما قدمه الفلسطينيون في قطاع غزة يُدلل على إيمان هذا الشعب بعدالة قضيته وبالتضحية لأجل المقدسات وتطهيرها من دنس الاحتلال.

فيما أرجع الأسير المحرر المُبعد إلى مصر، رائد أبو الظاهر من محافظة رام الله والبيرة، الفضل لقطاع غزة والمقاومة الفلسطينية، “بعد الله عز وجل”، في نيل الحرية بعد عدة سنوات في ظُلمات سجون الاحتلال.

وقال: “أنا اليوم حرّ بفضل أطفال ونساء وشيوخ ومقاومة غزة، والدماء التي سالت منهم”.

واستطرد: “سنبقى على عهد غزة ودماء غزة، ونحفظ لأهلها ومقاومتها العهد، والذين لهم دين في رقابنا سنُسدده تباعًا ونحن على ذات الطريق”.

وأضاف: “المقاومة وعدت وأوفت، ومن بقي في سجون الاحتلال من الأسرى، مسألة وقت، وموعد الحرية الذي وصل لنا سيصل لمن بقي خلفنا؛ المقاومة وعدت وهي لن تخلف بإذن الله وعدها”.

مما لا شك فيه أن شهادات الأسرى الفلسطينيين المحررين ضمن صفقة التبادل الأخيرة بين كتائب القسام العدو “الإسرائيلي” قد عكست بعضًا من فصول المعاناة التي عاشوها خلف القضبان، وهي شهادات تختزل بعضا من صور التعذيب والاذلال والقهر في سياق مسلسل طويل من الانتهاكات الوحشية، التي تستهدف أرواحهم ونفوسهم وأجسادهم ومعنوياتهم، وقبل ذلك إيمانهم بفلسطين الوطن والمقاومة والحرية والاستقلال.

سبأ نت

قد يعجبك ايضا