المصدر الأول لاخبار اليمن

الاقتصاد “الإسرائيلي العام الماضي.. من الاندفاع العسكري إلى الانكماش الداخلي

 

منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة وأيضاً عمليات إسناد محور مقاومة القدس خاصة الحصار البحري اليمني وحتى نهاية ديسمبر الماضي، بات الاقتصاد “الإسرائيلي” يعاني ضغوطًا غير مسبوقة على المستويات كافة، ما دفع مؤسسات دولية إلى التحذير من تبعات الأزمة الاقتصادية العميقة على المدى المتوسط والبعيد.

كشفت بيانات “إسرائيلية” رسمية، اليوم الخميس، حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد “الإسرائيلي” العام الماضي 2024م، هذا دون الخسائر التي تكبدها منذ مطلع العام خاصة بعد العزلة والمقاطعة الدولية التي فرضتها العديد من دول العالم على الاحتلال ، والتي فاقت كثيراً الخسائر التي سنتطرق لها في هذا التقرير.

ووفق البيانات الرسمية، انكمش الناتج المحلي الإجمالي “الإسرائيلي” بنسبة 1.4% في الربع الثاني من عام 2024، بعد تراجع بنسبة 1.1% في الربع الأول، وهو أسوأ أداء اقتصادي منذ سنوات طويلة.

وبالتوازي، بلغ العجز المالي في ميزانية 2024 أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى منذ عقد، بينما ارتفع الإنفاق العسكري إلى أكثر من 18 مليار دولار خلال عام واحد، بزيادة تفوق 30% عن السنوات السابقة، ما يشير إلى تحويل موارد ضخمة من الاقتصاد المدني إلى القطاع العسكري.

 

خروج رأس المال الأجنبي وفقدان الثقة

مع استمرار الإسناد اليمني لغزة وفرض قوات صنعاء الحصار البحري على ميناء أم الرشراش “إيلات”، وإغلاق المطارات الرئيسية في يافا المحتلة “تل أبيب” و”رامون” و”إيلات”، شهد الاحتلال الإسرائيلي تراجعًا حادًا في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 45% خلال عام 2024، نتيجة عدم الاستقرار الأمني والسياسي وانعدام الرؤية المستقبلية للمستثمرين.

وفي السياحة، تراجعت أعداد الزوار بنسبة 60%، خصوصًا في القدس المحتلة ويافا “تل أبيب” وأم الرشراش “إيلات”، ما شكل ضربة قوية لقطاع الخدمات والفنادق، وأدى إلى إلغاء آلاف الفعاليات الثقافية والرياضية، مع تأثير مباشر على قطاعات الترفيه والخدمات المصاحبة.

 

قطاع التكنولوجيا والخدمات

أُجبرت أكثر من 20% من شركات التكنولوجيا على وقف عملياتها مؤقتًا بسبب تجنيد موظفيها في الاحتياط، ما أدى إلى توقف مشاريع حيوية وتأجيل تطوير برمجيات وتقنيات جديدة. كما أُغلق أكثر من 300 مصنع صغير ومتوسط في الجنوب نتيجة الأضرار المباشرة أو نقص العمالة، مما زاد من الضغوط على الإنتاج المحلي والوظائف المتاحة.

وتسببت إعادة تخصيص مليارات الشواكل من ميزانيات التعليم والصحة لصالح الأمن والدفاع في تقليص الإنفاق على الخدمات الأساسية، ما أثار مخاوف من تأثير طويل المدى على التنمية البشرية والقدرة التنافسية للاحتلال الإسرائيلي في القطاعات المدنية.

 

الأسواق المالية والعقارات

شهدت البورصة “الإسرائيلية” تقلبات حادة، حيث انخفض مؤشر “تل أبيب” 35 بنسبة 8% في أكتوبر 2023، مع استمرار التقلبات المالية نتيجة الضبابية الأمنية والسياسية.

وفي جنوب فلسطين المحتلة، انخفضت أسعار العقارات بنسبة 25% بسبب الإخلاء المتكرر وخوف السكان من التصعيد العسكري المستمر، ما انعكس سلبًا على قطاع البناء والتشييد، وأدى إلى فقدان أعداد كبيرة من وظائف المقاولين والعاملين في قطاع العقارات.

 

الديون.. مؤشرات على ضغوط هيكلية

ارتفع الدين العام “الإسرائيلي” إلى أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي بعد سنوات من الاستقرار النسبي، فيما خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لإسرائيل من A1 إلى A2 مع نظرة مستقبلية سلبية، في تحذير واضح من أن الوضع الاقتصادي الداخلي تحت ضغط مستمر، ويعرض حكومة الاحتلال لخطر ارتفاع تكلفة الاقتراض.

 

المستوطن يدفع الثمن

تأثر المستوطن “الإسرائيلي” بشكل مباشر، إذ ارتفعت معدلات البطالة في المناطق الحدودية مع قطاع غزة في الجنوب ومع لبنان في الشمال إلى أكثر من 12%، مقارنة بـ4.5% قبل العدوان.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن 62% من المستوطنين يشعرون أن الوضع الاقتصادي غير مستقر للغاية، مع توقعات بتراجع إضافي في الدخول الفردية وتزايد الضغط على الأسر المتوسطة والفقيرة.

وفي ظل هذه الظروف، أُلغيت آلاف الفعاليات الثقافية والرياضية، وأصبح المستوطنون أكثر اعتمادًا على الدعم الحكومي، في وقت تضغط فيه حكومة الاحتلال على الإنفاق المدني لتوجيه أكبر قدر من الموارد نحو الدفاع والأمن.

 

الأبعاد الجغرافية والسياسية للحصار

لم يؤثر العدوان على قطاع غزة فقط، بل امتدت تبعاته إلى الاقتصاد “الإسرائيلي” بشكل مباشر، خاصة بعد فرض قوات صنعاء الحصار البحري على ميناء أم الرشراش “إيلات” والوقف المتكرر للملاحة الجوية في مطارات “تل أبيب” ومطار “رامون” ومطار “إيلات”، ما أدى إلى توقف حركة الشحن والتجارة والسياحة الدولية.

ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن استمرار الحصار اليمني، في إطار الإسناد اليمني لغزة في المعركة، يزيد من تعقيد الأزمة ويضعف قدرة الاحتلال الإسرائيلي على استعادة النشاط الاقتصادي الطبيعي، خصوصًا في الصناعات التي تعتمد على الاستيراد والتصدير والعمالة الدولية.

 

الحرب تُجهد الاقتصاد “الإسرائيلي”

توضح البيانات والإحصاءات أن معركة “طوفان الأقصى” والعدوان على غزة والإسناد اليمني لغزة انعكست بشكل مباشر على الاقتصاد “الإسرائيلي”، من خلال:

* انكماش الناتج المحلي وانخفاض الاستثمارات الأجنبية.

* تراجع السياحة وقطاع الخدمات والترفيه.

* توقف الشركات الصغيرة والمتوسطة وارتفاع البطالة.

* زيادة الإنفاق العسكري على حساب التعليم والصحة.

* تقلبات حادة في الأسواق المالية وانخفاض أسعار العقارات.

* ضغوط هيكلية على الدين العام والتصنيف الائتماني.

 

المؤشرات وفق خبراء الاقتصاد “الإسرائيليين” تؤكد أن اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي خلال العام الماضي واجه تحديات غير مسبوقة في الداخل والخارج، مع توقعات بأن تمتد تداعيات الأزمة لتؤثر على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في الأعوام القادمة.

قد يعجبك ايضا