المصدر الأول لاخبار اليمن

“بن غفير” يهدد “نتنياهو”: قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين مقابل بقاء الحكومة

غزة/وكالة الصحافة اليمنية

في خطوة تكشف عمق التوتر داخل الائتلاف اليميني الحاكم في كيان الاحتلال الإسرائيلي، هدد وزير الأمن القومي المتطرف “إيتمار بن غفير”، زعيم حزب “عوتسما يهوديت”، بعدم الالتزام بالتيت إلى جانب “حكومة نتنياهو” في “الكنيست”، إذا لم يُدرج “قانون الإعدام لمنفذي العمليات” على جدول التصويت خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الدورة البرلمانية الشتوية.

وقال “بن غفير”، في مستهل اجتماع كتلة حزبه داخل “الكنيست” اليوم الاثنين، إن حزبه “لن يكون شريكاً في ائتلاف لا يترجم وعوده الانتخابية إلى أفعال”، مضيفاً بلهجة متحدّية: “منفذو العمليات الذين يقتلون اليهود يجب أن يُعدموا. هذه هي إرادة الشعب، ومن يتراجع عنها يخون الأمن القومي لإسرائيل”.

ويأتي تهديد “بن غفير” في ظل تصاعد الجدل داخل حكومة الاحتلال حول تشريعات اليمين المتطرف، التي يرى فيها بعض الوزراء ـ حتى داخل حزب “الليكود” ـ تهديداً مباشراً لاستقرار الائتلاف.

ووفق وسائل إعلام عبرية، فإن موقف “بن غفير” يعكس إحباطاً متزايداً بين وزراء اليمين المتطرف من مماطلة “نتنياهو” في تمرير قوانينهم المثيرة للجدل، خشية من تداعياتها الدولية والداخلية.

 

ضغط سياسي داخل الائتلاف

المراقبون “الإسرائيليون” يرون في تهديد “بن غفير” محاولة لفرض أجندته على رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو”، الذي يسعى إلى الحفاظ على توازن دقيق بين ضغوط شركائه المتطرفين من جهة، ومخاوف العواصم الغربية من انزلاق الاحتلال الإسرائيلي نحو الفاشية الدينية من جهة أخرى.

وبحسب محللين في القناة 13 العبرية، فإن هذا التصريح “لا يهدف فقط إلى تمرير القانون، بل إلى تذكير نتنياهو بأن استمرار الائتلاف مرهون بإرضاء شركائه في أقصى اليمين، الذين يملكون القدرة على إسقاط الحكومة في أي لحظة”.

ويأتي التهديد أيضاً في وقت تتزايد فيه التوترات بين وزارتي الجيش والأمن القومي، إذ يتهم مسؤولون في الجيش بن غفير بمحاولة تسييس المؤسسة الأمنية عبر فرض أجندة عقائدية على سياسات الاعتقال والردع.

 

قانون الإعدام.. مشروع يثير العاصفة

مشروع القانون الذي يطالب به “بن غفير” ينص على إقرار عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين. وكانت “الكنيست” قد ناقشت هذا القانون سابقاً دون أن تتم المصادقة عليه بسبب اعتراضات قانونية وأمنية، إذ ترى المؤسسة الأمنية أن تطبيقه قد يؤدي إلى تصعيد خطير في الأراضي الفلسطينية وإلى موجات ثأر وانتقام.

لكن “بن غفير”، الذي بنى شعبيته على خطاب الكراهية والتحريض ضد العرب والمسلمين، يرى في القانون “خطوة ضرورية لردع الإرهاب”. وقال في خطابه اليوم: “من غير المقبول أن نطعم القتلة في السجون بينما عائلات الضحايا تبكي موتاها. حان الوقت لإنهاء هذه المهزلة”.

ويرى محللون أن هذا الخطاب يأتي في سياق السباق داخل اليمين “الإسرائيلي” المتطرف على كسب أصوات المستوطنين والمتدينين المتطرفين، في ظل تراجع شعبية حكومة الاحتلال عقب إخفاقها في حرب غزة وفشلها في إعادة الأسرى “الإسرائيليين”.

 

انعكاسات سياسية داخلية

تخشى دوائر في حزب “الليكود” من أن يؤدي تصعيد “بن غفير” إلى تفجير الخلافات داخل الائتلاف الحاكم، الذي يضم أحزاباً دينية وقومية متشددة، إلى جانب جناح ليبرالي أكثر براغماتية داخل الحزب نفسه. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن مصدر في الليكود قوله: “بن غفير يبتز الحكومة سياسياً، وهو يعرف أن نتنياهو لا يستطيع الاستغناء عن أصواته في الكنيست، لذلك يرفع سقف مطالبه كل مرة”.

من جانبه، حاول مكتب “نتنياهو” التقليل من أهمية تصريحات الوزير المتطرف، مؤكداً أن “الحكومة تدرس كل المقترحات وفق المصلحة الوطنية”، في إشارة إلى أن طرح القانون لا يزال قيد النقاش.

إلا أن المعارضة “الإسرائيلية” سارعت إلى استغلال الموقف لتوجيه انتقادات حادة إلى “نتنياهو”. وقال زعيم المعارضة “يائير لبيد”: إن “حكومة نتنياهو رهينة بأيدي المتطرفين، وكل ما تفعله هو محاولة البقاء يوماً إضافياً في الحكم”.

 

أبعاد دولية وتحذيرات حقوقية

على الصعيد الدولي، حذرت منظمات حقوقية دولية من خطورة أي تشريع يسمح بعقوبة الإعدام في كيان الاحتلال الإسرائيلي، معتبرة أنه يتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وقالت منظمة “بتسيلم” في بيان لها إن “دعوات الإعدام ليست سوى محاولة لتكريس منطق الانتقام، وهي دليل على الإفلاس الأخلاقي والسياسي للائتلاف الحالي”.

كما أعربت الأمم المتحدة، في وقت سابق من العام الجاري، عن “قلق بالغ إزاء تصاعد الخطاب التحريضي في إسرائيل”، مشيرة إلى أن مثل هذه التشريعات “ستؤدي إلى مزيد من العنف ولن تحقق الأمن المنشود”.

ويرى محللون صهاينة أن “بن غفير” يستخدم ملف الإعدام لتشتيت الانتباه عن فشل وزارته في ضبط الأمن الداخلي، في ظل ازدياد الجرائم داخل مجتمع المستوطنين وتصاعد التوترات بين شرطة الاحتلال والمستوطنين، إضافة إلى الانتقادات التي تواجهه بسبب سوء إدارته للملف الأمني في القدس المحتلة والضفة الغربية.

 

سيناريوهات مفتوحة

وبينما يحاول “نتنياهو” كبح جماح شركائه المتطرفين للحفاظ على الحد الأدنى من التوازن السياسي، يرى مراقبون أن تهديد بن غفير قد يكون مقدمة لأزمة جديدة داخل الائتلاف، خاصة إذا أصر على طرح القانون للتصويت الفوري.

ففي حال تمسكه بموقفه وامتنع حزبه عن التصويت مع “حكومة نتنياهو”، فإن ذلك سيهدد استقرار الائتلاف ويضع “نتنياهو” أمام خيارين أحلاهما مر: الرضوخ لمطالب اليمين المتطرف وإغضاب المجتمع الدولي، أو رفضها والمخاطرة بانهيار حكومته.

وربما ينجح “نتنياهو” – كما جرت عادته – في امتصاص الأزمة بتأجيل النقاش أو طرح بديل قانوني أكثر ليونة، لكن مراقبين يرون أن تراكم الأزمات داخل حكومة الاحتلال يجعل كل تأجيل بمثابة انفجار مؤجل.

قد يعجبك ايضا