شهدت مدينة طولكرم اليوم الاثنين، انتشارًا عسكريًا مكثفًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، شمل آليات مدرعة وفرق مشاة، خاصة في محيط شارع مستشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي، فيما فرض الاحتلال قيودًا صارمة على حركة الفلسطينيين والمركبات في المنطقة.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية محلية بأن قوات الاحتلال أغلقت الشارع بشكل كامل، ومنعت أي تنقل للمواطنين، بينما داهمت مبنى العدوية التجاري واعتلت سطحه لفترة محددة، كما أوقفت عددًا من الفلسطينيين للخضوع لاستجواب ميداني دون تسجيل أي اعتقالات رسمية حتى اللحظة.
حصار مستمر منذ أكثر من 8 أشهر
ويأتي هذا التصعيد ضمن استراتيجية الاحتلال المتواصلة لفرض السيطرة على طولكرم ومخيميها طولكرم ونور شمس، حيث تعيش المدينة والمخيمان حالة من الضغط العسكري والحصار المشدد منذ اليوم الـ 267 للعدوان الإسرائيلي المستمر.
وتشمل هذه الإجراءات منع السكان من دخول المخيمات، إطلاق النار على أي محاولة للاقتراب، ونصب الحواجز الحديدية والسواتر الترابية.
وفي مخيم طولكرم، نصبت قوات الاحتلال بوابات حديدية على المداخل المؤدية إلى حارات عدة، خاصة في الجهة الغربية، بينما تم وضع سواتر ترابية في الحي الشرقي للمدينة المحاذي للمخيم، بعد استيلاء الاحتلال على عدد من منازل الفلسطينيين، في خطوة وصفها السكان بـ”العدوان المنهجي على المدنيين”.
المعاناة اليومية للسكان
وفي شهادات متطابقة، قال أحد سكان المدينة: “الجنود يغلقون الشوارع في كل ساعة تقريبًا، يمنعون الأطفال والمرضى من الوصول إلى مدارسهم ومستشفياتهم. كل يوم نعيش خوفًا من إطلاق النار أو المداهمات المفاجئة”.
وأضافت إحدى الممرضات في مستشفى الشهيد ثابت أن: “المرضى لا يستطيعون الوصول إلى المستشفى بسهولة، وأحيانًا نضطر إلى تأجيل الحالات الطارئة بسبب الحواجز العسكرية، وهذا يضاعف من معاناتهم”.
كما يشير الأهالي إلى أن الحياة اليومية أصبحت شبه مشلولة، مع صعوبة الوصول إلى الأسواق، وانقطاع الخدمات الأساسية، وسط تزايد الاستهداف للممتلكات والمباني التجارية والسكنية.
الضغط النفسي والاستنزاف الاجتماعي
وتؤكد مؤسسات حقوقية فلسطينية أن استمرار هذه الإجراءات يزيد من الضغط النفسي على السكان، خاصة في المخيمات التي تعاني منذ سنوات من الاكتظاظ وقلة الموارد.
وقالت الباحثة الحقوقية ليلى الكردي: “السياسات الإسرائيلية اليومية في طولكرم والمخيمات ليست مجرد إجراءات أمنية، بل هي أدوات لإرهاب السكان وتدمير النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمدينة”.
ويضيف الحقوقيون أن استمرار الإغلاق، ونصب الحواجز واحتلال المنازل، يؤدي إلى تفشي حالة الإحباط واليأس بين السكان، ويزيد من احتمالات اندلاع مواجهات مسلحة بين الشباب الفلسطيني وقوات الاحتلال.
سجل الانتهاكات اليومية
رصدت منظمات حقوقية فلسطينية عدة انتهاكات متكررة ضمن هذه الحملة العسكرية، أبرزها:
إغلاق الشوارع الرئيسية والفرعية أمام حركة المرور.
مداهمة المنازل والمباني التجارية واحتلالها مؤقتًا.
التفتيش الميداني والاعتداء على المدنيين أثناء محاولتهم التنقل.
فرض حصار على المخيمات ومنع دخول المواد الأساسية والخدمات الطبية.
استيلاء على منازل فلسطينية لتحويلها إلى نقاط مراقبة أو سواتر عسكرية.
ويؤكد سكان طولكرم أن هذه الإجراءات تشكل حياة يومية تحت الحصار المستمر، يزيد من صعوبة الوصول إلى المدارس والمستشفيات، ويخلق بيئة من الخوف والإرهاب النفسي.
تحليل ميداني: لماذا التركيز على طولكرم؟
ويعتبر المحللون أن طولكرم تمثل نقطة استراتيجية مهمة للاحتلال الإسرائيلي، نظراً لموقعها الجغرافي القريب من “الخط الأخضر” والقدرة على فرض السيطرة على حركة السكان والمزارعين والمخيمات المحيطة.
وأشار المحلل السياسي جمال الطاهر إلى أن: “هذه الحملة ليست عشوائية، بل جزء من سياسة ممنهجة لفرض النفوذ والسيطرة على المراكز المدنية الحيوية، وخلق حالة من الضغوط المستمرة على السكان، بهدف تقييد أي نشاط مقاوم أو احتجاج مدني”.
كما أن الوجود العسكري المكثف في محيط المستشفى والمباني التجارية يعكس استراتيجية الاحتلال لإخضاع السكان لسيطرة يومية مشددة، مع الاستفادة من البنية المدنية لفرض نقاط مراقبة ثابتة ومتحركة.
ردود فعل محلية ودولية
استنكرت الهيئات الحقوقية الفلسطينية استمرار هذه الإجراءات، واعتبرتها انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، مؤكدة أن فرض حصار على المخيمات وحرمان السكان من التنقل بحرية يعد سياسة تمييز ممنهجة.
كما دعت المنظمات الدولية إلى ضغط المجتمع الدولي على الاحتلال الإسرائيلي لوقف الانتهاكات المتكررة، ورفع الحصار عن المخيمات، وضمان حرية التنقل وحماية المدنيين.
مع استمرار الاحتلال في حصاره ومداهماته اليومية، يبقى سكان طولكرم ومخيميها تحت وطأة الضغط العسكري المستمر، يعيشون يوميًا **معاناة مضاعفة بين قيود الحركة، استهداف المنازل والممتلكات، وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية.
ويؤكد المراقبون أن استمرار سياسة الاحتلال في طولكرم والمخيمات المحيطة يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الاجتماعي والاقتصادي للسكان، ويزيد من احتمالات تصعيد المواجهات مستقبلاً، ما يحتم تدخل المجتمع الدولي للحد من هذه الانتهاكات وفرض حماية للمدنيين.