أقرّت الإمارات مؤخرًا التشريع الرسمي الرامي إلى عملية تنظيم القمار لتضع بذلك حجر الأساس لمرحلة جديدة في تاريخها، بحيث يتحوّل ما كان يُمارس في الخفاء إلى قانون رسمي.
تاريخيًا، كانت الإمارات تقدم نفسها كمثال على دولة محافظة تحترم التقاليد العربية والإسلامية. ومع ذلك، فإن السياسات التي اعتمدتها الدولة في السنوات الأخيرة تتعارض بشكل واضح مع تلك الصورة.
ففيما كان يُنظر إلى الممارسات مثل المساكنة والعلاقات خارج إطار الزواج على أنها تخرج عن المألوف وتعتبر مسألة استثنائية، قامت الإمارات بتشريعها على مراحل، لتُعلن في النهاية عن فتح الأبواب أمام ما كان يعتبره المجتمع العربي ممارسات دخيلة، ما يعكس تحولًا جذريًا في التوجهات الاجتماعية والسياسية.
وقد كان القمار، من بين هذه الممارسات، محصورًا في إمارة دبي، التي لطالما اعتُبرت “سدوم” الحديثة، حيث تُشرّع كل الموبقات وتُسوّقها على أنها جزء من “السياحة الراقية”.
واليوم، مع تشريع القمار رسميًا في كافة أنحاء الدولة، أصبح هذا الأمر جزءًا من هيكلية القوانين الإماراتية، ليُعزز بذلك صورة الإمارات كدولة تنفتح على الأنماط الغربية والليبرالية، ولكن دون أن تعير اهتمامًا للمخاطر الاجتماعية والأخلاقية التي قد ترافق هذه الممارسات.
الحديث عن “تنظيم” القمار يبدو وكأنه محاولة لتقديم القمار كممارسة خاضعة للرقابة، تُوجه أساسًا للأجانب، وهو ما يعتبره القائمون على هذا التشريع محاولة لتلطيف الصورة القانونية لهذه الممارسات.
من جهة أخرى، يعتقد كثيرون أن الإمارات اليوم قد تخطّت الحدود الأخلاقية باسم الحداثة والتقدم، متناسية القيم التي كانت تميزها عن باقي دول الخليج.