شهادات صادمة للأسرى.. الاغتصاب يتحول لسياسية تعذيب داخل سجون الاحتلال
فلسطين المحتلة | وكالة الصحافة اليمنية
تكشف شهادات فلسطينية موثقة خرجت إلى العلن مؤخرًا حجم الجرائم التي تُرتكب داخل سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، حيث يتحول التعذيب الجسدي والنفسي، بما فيه العنف الجنسي، إلى أداة قمع ممنهجة تُمارَس بحق الأسرى الفلسطينيين في إطار سياسة منظمة تحظى بحماية سياسية وأمنية، وسط صمت دولي يوفّر غطاءً للإفلات من العقاب.
وأورد موقع “ميدل إيست آي” البريطاني شهادات لأسرى محررين أكدوا تعرضهم لانتهاكات جسيمة داخل السجون، مشيرين إلى أن ما يجري ليس حوادث فردية معزولة، بل جزء من منظومة متكاملة داخل إدارة السجون الإسرائيلية، وهو ما يتقاطع مع توصيفات منظمات حقوقية دولية.
فيما كشف الصحفي الفلسطيني سامي الساعي، الذي اعتُقل في فبراير 2024 ووُضع لاحقًا رهن الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، بأن ما تعرّض له داخل السجن يمثل “جريمة مكتملة الأركان”، مؤكدًا أن الانتهاكات نُفذت بأسلوب منظم وبحضور حراس تصرفوا بثقة كاملة ومن دون خشية من المساءلة، في مؤشر واضح على سياسة الإفلات من العقاب.
وأوضح أن ما جرى معه ليس حالة استثنائية، بل نموذج متكرر لما يواجهه الأسرى يوميًا، لافتًا إلى أن الصمت المفروض على الضحايا يفاقم الجريمة ويمنحها الاستمرارية.
وفي شهادة أخرى، روى أسير محرر، فضّل عدم الكشف عن هويته، تعرضه لانتهاكات ممنهجة خلال اقتحامات ليلية للزنازين، مؤكدًا أن الاعتداءات جرت في ظروف تعكس تخطيطًا مسبقًا ومعرفة دقيقة بإجراءات السجن، وترافقت مع ممارسات قمعية أخرى شملت التجويع، الإهمال الطبي، والتفتيش المهين، في ظل تعامل الحراس مع هذه الانتهاكات باعتبارها سلوكًا مسموحًا به ومحصنًا من المحاسبة.
وتتزامن هذه الشهادات مع تقارير وتحقيقات صادرة عن لجان تابعة للأمم المتحدة اتهمت الاحتلال باستخدام العنف الجنسي بحق الفلسطينيين كأحد أساليب الحرب، فيما وصفت منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية السجون بأنها “شبكة من معسكرات التعذيب”.
وبحسب معطيات حقوقية، اعتقلت قوات الاحتلال منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 20 ألف فلسطيني، فيما توفي ما لا يقل عن 110 أسرى داخل مراكز الاحتجاز نتيجة التعذيب والإهمال الطبي، ولا يزال آلاف الفلسطينيين رهن الاعتقال، بينهم نساء وأطفال.
من جهته، أكد مدير مكتب إعلام الأسرى ناهد الفاخوري أن الشهادات المتطابقة تدين الاحتلال بشكل قاطع وتكشف استخدام العنف الجنسي كأداة قمع ممنهجة داخل السجون، مشددًا على أن تكرار الانتهاكات وتشابه أساليبها وتعدد مواقعها يثبت أنها سياسة رسمية لا تجاوزات فردية، وترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي.
وحذّر من أن الخوف والوصمة الاجتماعية يمنعان مئات الأسرى من الحديث عمّا تعرضوا له، ما يعني أن حجم الجرائم الحقيقي أكبر بكثير مما كُشف حتى الآن، داعيًا إلى تحقيق دولي مستقل ومحاسبة قادة الاحتلال سياسيًا وأمنيًا، ومؤكدًا أن استمرار الصمت الدولي يشكل شراكة مباشرة في الجريمة.