ترامب 2025.. خطاب السلام في الافتتاح وقذائف “التوماهوك” في الميدان
ترجمة خاصة | وكالة الصحافة اليمنية
ترامب 2025.. خطاب السلام في الافتتاح وقذائف “التوماهوك” في الميدان
ترجمة خاصة | وكالة الصحافة اليمنية
تناول تقرير لمجلة “ريسون” الأمريكية، أمس الجمعة، للصحفي “ماثيو بيتي” تصريحًا للرئيس الأمريكي ترامب، وصف فيه نفسه كرئيس للسلام، وقال في خطابه الافتتاحي: “سنقيس نجاحنا ليس فقط بالمعارك التي ننتصر فيها، بل أيضًا بالحروب التي نُنهيها، وربما الأهم من ذلك، الحروب التي لا نخوضها أبدًا”.
وقال التقرير إنه بالمعايير المذكورة، تُعتبر رئاسته فاشلة، حيث شن ترامب خلال خمسة أشهر، ما يقارب عدد الغارات الجوية التي شنّها الرئيس السابق جو بايدن طوال فترة ولايته، وفقًا لبيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة، وقد استهدفت هذه الغارات مناطق لم يكن الجيش الأمريكي يُقاتل فيها خلال فترة ولاية بايدن، من منطقة الكاريبي إلى إيران.
التقرير أوضح أن الرئيس السابق بايدن، لم يسلم من هذا التناقض، فقد تفاخر بأن “أمريكا ليست في حالة حرب في أي مكان في العالم” بعد أقل من ساعة من إعلان القيادة المركزية الأمريكية عن غارة جوية جديدة على اليمن. وكما هو الحال مع الموت والضرائب، يبدو أن من ثوابت الحياة أن يتحدث الرؤساء الأمريكيون عن السلام بينما يواصلون الحرب، بل ويوسعونها.
مبرر المخدرات في فنزويلا
وذكر التقرير خمسة أمثلة للحروب التي شنها ترامب، بدأها بما يحدث مؤخرًا في فنزويلا، تحت ذريعة الحرب ضد عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية.
وكان نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، ستيفن ميلر، قد أراد في البداية استهداف عصابات المخدرات المكسيكية، لكن وزير الخارجية ماركو روبيو وجّه ترامب نحو حملة لتغيير النظام في فنزويلا، بحجة أن الحكومة الفنزويلية نفسها عصابة لتهريب المخدرات.
وأشار التقرير إلى أن الحملة بدأت بقصف قوارب يُزعم أنها تُستخدم لتهريب المخدرات في منطقة الكاريبي. وقد أسفرت هذه الهجمات حتى الآن عن مقتل 104 أشخاص على الأقل.
وفي إحدى الحالات، أمر وزير الدفاع بيت هيغسيث الجيش بقصف ناجين كانوا متشبثين بقارب غارق، حيث كأن البيت الأبيض يأمل أن يستسلم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بالاستسلام.
في غضون ذلك، تحولت أهداف ترامب وميلر المعلنة من الحرب على المخدرات إلى الاستيلاء على الموارد بشكل سافر. وطالب كلاهما فنزويلا بتعويض الولايات المتحدة عن تأميم شركات النفط قبل عقود، بينما أعلن ترامب فرض “حصار شامل وكامل” على ناقلات النفط المتجهة إلى البلاد.
وأوضح التقرير أن استطلاعات الرأي الأخيرة تُظهر أن 53% من الأمريكيين يعارضون الهجمات بالقوارب، و63% يعارضون مهاجمة الأراضي الفنزويلية.
إسناد “إسرائيل” ضد اليمن
وأورد اليمن شن ترامب ضربات على اليمن، فقد أعاد الصراع المجمد إلى اشتعاله، فبعد استهداف قوات صنعاء البحر الأحمر للضغط على “إسرائيل” للانسحاب من غزة، وعقب اتفاق وقف إطلاق النار في يناير الماضي، توقفت قوات صنعاء عن هجومها؛ إلا أنه وبشكل مفاجئ، شنّ ترامب هجومًا على اليمن في مارس 2025. ثم، وبعد شهرين من القصف غير المُثمر وفقدان طائرتين مقاتلتين أمريكيتين، أنهى ترامب الحملة.
وواصل التقرير: قبل أشهر قليلة من إعادة إشعال هذه الحرب، انتقد ترامب المنطق الكامن وراءها، وقال حين كان مرشحاً للرئاسة، في مايو 2024: “هذا جنون. يمكن حل المشاكل عبر الهاتف. بدلاً من ذلك، يلجؤون إلى إلقاء القنابل، أرى، مؤخراً، أنهم يُلقون القنابل في كل مكان في اليمن، ليس من الضروري فعل ذلك، يمكن التحدث بطريقة تجعلهم يحترمونك ويستمعون إليك”.
إيران.. جائزة المحافظين
وحول الحرب الثالثة “إيران” قال التقرير إن هذه الجمهورية الإسلامية، تُعد الجائزة الكبرى في الشرق الأوسط للمحافظين الجدد، الذين يسعون منذ مطلع الألفية الثانية إلى حرب لتغيير النظام هناك.
وقد اقترب ترامب من هذا المصير خلال ولايته الأولى، عبر تعزيزات عسكرية، وحصار اقتصادي، واغتيال جنرال إيراني. وفي كل مرة، كان يتوقف قبل شنّ هجوم على الأراضي الإيرانية.
واستدرك التقرير: لكن الوضع تغيّر في ولايته الثانية، علنًا كان ترامب يتفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي؛ إلا أن هذه المحادثات كانت في الواقع خدعة أمريكية إسرائيلية للتحضير للحرب، وفقًا لما ذكرته شبكة PBS وصحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي. شنّت “إسرائيل” هجومًا مفاجئًا في 13 يونيو 2025، أسفر عن مقتل قادة إيرانيين وتعطيل الدفاعات الجوية الإيرانية.
بعد 12 يومًا من الغارات الجوية المتبادلة بين إيران و”إسرائيل”، شنّت الولايات المتحدة غارة جوية بطائرات الشبح على مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية، ثم أعلنت النصر.
رغم أن ترامب لم يذهب إلى الحد الذي أراده بعض المحافظين الجدد، إلا أن التجربة تُشير إلى أنه إذا أُتيحت الفرصة لدعاة الحرب، فسيستغلونها إلى أقصى حد.
ولفت التقرير إلى أن زيارة رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو المرتقبة في 29 ديسمبر الجاري، إلى البيت الأبيض، تقف ورائها عرض حجج مؤيدة لشن هجوم آخر على إيران.
استهداف الصومال
ورابعًا، الصومال، التي يخوض فيها الجيش الأمريكي حربًا منذ عقود، وهي جبهة أقل شهرة في الحرب على الإرهاب، نزلت القوات الأمريكية لأول مرة في البلاد في تسعينيات القرن الماضي ضمن عملية للأمم المتحدة لنزع سلاح أمراء الحرب الصوماليين. غادرت القوات بعد فشل ذريع، خُلّد في فيلم “سقوط الصقر الأسود”؛ لكنها عادت عام 2007 لدعم غزو إثيوبي يهدف إلى وقف المتمردين الإسلاميين الصوماليين.
انتهى هذا الغزو بإطلاق العنان لحركة الشباب، وهي جماعة متمردة أكثر تطرفًا تابعة لتنظيم القاعدة.
في كلتا فترتي رئاسته، صعّد ترامب بشكل كبير من التدخل الأمريكي في الصومال، حيث قصفت إدارة ترامب الأولى الصومال 219 مرة خلال أربع سنوات، بينما قصفت الإدارة الثانية الصومال 118 مرة في عامها الأول فقط، مما يجعل ترامب على وشك قصف الصومال أكثر مما قصفه جو بايدن وباراك أوباما وجورج دبليو بوش مجتمعين.
نيجريا.. هدية عيد الميلاد
وتواصلًا لحروب ترامب، وضع كاتب التقرير نيجيريا ضمن هذه المعارك، فقد كانت هدية ترامب للشعب النيجيري في نهاية عام ٢٠٢٥ بمثابة حرب أخرى غير معلنة، ففي يوم عيد الميلاد، أعلنت الحكومتان الأمريكية والنيجيرية عن هجوم مشترك على تنظيم الدولة الإسلامية في شمال غرب نيجيريا. وأطلقت البحرية الأمريكية أكثر من اثني عشر صاروخ توماهوك على معسكرين في ولاية سوكوتو.
قبل ذلك بشهر، هدد ترامب “بالدخول إلى ذلك البلد الذي بات ملطخاً بالعار، وبقوة هائلة، للقضاء التام على الإرهابيين الإسلاميين الذين يرتكبون هذه الفظائع المروعة” رداً على تقرير لقناة فوكس نيوز حول العنف ضد المسيحيين النيجيريين. ورغم أن الحكومة النيجيرية رفضت علناً التهديد بالتدخل، إلا أنها بدأت مفاوضات سرية للسماح للجيش الأمريكي بالمساعدة في محاربة عدوهم المشترك.
وختم التقرير بالقول إنه مع تباهي ترامب باتفاقيات سلام في الخارج؛ إلا أن جميع تلك الهدنات شملت نزاعات لم تكن أمريكا طرفًا فيها، أما فيما يتعلق بالجيش الأمريكي نفسه، فقد زاد ترامب من استخدامه، وقد يشهد العام المقبل المزيد من الحروب، ففي الشهرين الأخيرين من عام 2025، هدد ترامب كولومبيا وأي دولة أخرى تُصنّع فيها المخدرات.
وقال الرئيس في خطاب ألقاه في سبتمبر 2025، متفاخرًا بالهجوم على إيران: “لا نكتفي بإعادة بناء قوتنا العظيمة، بل إن إدارتي، ولأول مرة منذ سنوات، تستخدم هذه القوة فعليًا، لقد استعادت أمريكا احترامها كدولة”.