المصدر الأول لاخبار اليمن

عطوان: السيّد نصر الله الشّغل الشّاغل للإعلام والقِيادة الإسرائيليّة هذه الأيّام.. لماذا؟

// وكالة الصحافة اليمنية //

 

عبد الباري عطوان

الشّغل الشّاغل للصّحافة وأجهزة الإعلام الإسرائيليّة هذه الأيّام هو الحديث عن السيّد حسن نصر الله، زعيم المُقاومة الإسلاميّة، والتوتّر المُتصاعد على الحُدود اللبنانيّة الجنوبيّة بعد ما تردّد من أنباءٍ عن تسلّل خليّة من خمسة مُجاهدين من عناصر الحزب عدّة أمتار داخل الأراضي الفِلسطينيّة المحتلّة، لتنسحب لاحقًا بعد تبادلٍ لإطلاقِ النّار، وهي رواية نفاها وسَخِر منها المتحدّث باسم الحزب، وأكّدتها البيانات العسكريّة الإسرائيليّة التي قالت إنّها ستَبُث شريطًا مُصوّرًا يُؤكّدها.

هُناك أربع روايات إسرائيليّة مُتضاربة تَجِد رواجًا في وسائل الإعلام، وتحظى بتحليلاتِ الجِنرالات العسكريين المُتقاعدين حول ما جرى في جنوب لبنان.

  • الأولى: أنّ مجنّدة إسرائيليّة رصدت تحرّك هذه الخليّة، فارتبكت خوفًا وطلبت النّجدة وحصل تبادل لإطلاق النّار بين وحدات عسكريّة إسرائيليّة في المِنطقة نتيجة الرّعب والارتِباك، وعادت الخليّة إلى قواعدها آمنةً.

  • الثانية: أنّ جُنود الجيش الإسرائيلي الذين تصدّوا لعناصر حزب الله تسلّلوا إلى “إسرائيل” الاثنين تلقّوا أوامر بعدم قتلهم في مُحاولةٍ لتجنّب حُدوث مُواجهة وانتقام أكبر من الحزب، حسب رواية “الجيروزاليم بوست” وصُحف أخرى.

  • الثالثة: الادّعاء بأنّ المُخابرات الإسرائيليّة العسكريّة “أمان” تعرف أين يختبئ السيّد حسن نصر الله ولكن هُناك سُؤال كبير مُرعب “ماذا سيَحدُث بعد الإقدام على اغتِياله”؟

  • الرابعة: المُقاومة استهدفت دبّابة ميركافا إسرائيليّة بصاروخ “كورنيت” ودمّرتها، وجرى سحب هذا النّبأ بطلبٍ من قِيادة الجيش الإسرائيلي، ربّما لتجنّب هُبوط أكبر في معنويّات جُنوده ومُستوطنيه.

***

جميع هذه الروايات، سواءً كانت صادقةً أو غير صادقة، تَصُب في مصلحة المُقاومة اللبنانيّة، وتُؤكّد انتصارها الكبير في واحدٍ من أهم فُصول الحَرب النفسيّة المُشتعلة أوارها هذه الأيّام بين “حزب الله” ودولة الاحتِلال الإسرائيلي.

أن تتلقّى وحدة الجيش الإسرائيلي تعليمات بعدم التصدّي لخليّة المُقاومة التي تسلّلت عبر الحُدود خوفًا من قصفٍ صاروخيٍّ مُكثّفٍ يُلحِق أضرارًا كبيرةً في المُستوطنات والمُدن الإسرائيليّة، فإنّ هذا إن صح، ومن غير المُستبعد صحّته، يؤكّد أنّ دولة الاحتلال أضعف من بيت العنكبوت فِعلًا، وتتجنّب بكُل الطّرق والوسائل أيّ حرب مع حركة المُقاومة الإسلاميّة، لأنّها تُدرك أنّها ستكون الخاسِر الأكبر بسبب حجم الخسائر الماديّة والبشريّة التي يُمكن أن تَلحق بها من جرّاء آلاف الصّواريخ الدّقيقة التي ستُصيب أهدافًا استراتيجيّةً في عُمقها يوميًّا.

أمّا القول بأنّ الاستِخبارات العسكريّة الإسرائيليّة (أمان) تعرف مكان إقامة السيّد نصر الله، وتستطيع اغتياله، ولكنّها تمتنع خوفًا لما بعد هذه العمليّة، فهو نَوعٌ من الهُراء والكذب سَمِعنا به أكثر من مرّةٍ طِوال السّنوات العِشرين الماضية بدليل أنّها لم تُوفِّر أيّ فُرصة لاغتيال قادة ميدانيين في الحِزب وأبرزهم الشّهيدَين السيّد عبّاس الموسوي، زعيم حزب الله السّابق، والحاج عماد مغنية، زعيم الذّراع العسكريّ، وأحد أبرز مُهندسي حرب تمّوز عام 2006.

الجِنرال داني ياتوم قائد جهاز الموساد الأسبق كان مُصيبًا في رأينا عندما قال في حديثٍ لموقع “كيبا” الإسرائيلي أنّه يخشى أن تكون إسرائيل فقدَت قوّة الرّدع أمام “حزب الله” بسبب الأحداث الأخيرة على الحُدود الشماليّة، لأنّه كان يجب “تصفية” خليّته التي اخترقت الحُدود، ولكنّها لم تفعل خوفًا من النّتائج.

***

الجِنرال ياتوم عبّر بدقّةٍ عن الوضع المُتأزّم بكيانه عندما قال أيضًا إنّ السيّد نصر الله يجلس الآن مُستمتعًا وهو يُتابع الأوضاع على جبهة الجنوب اللبناني، ونزيده من الشعر بيتًا أنّ الابتسامة لم تُفارق شفتيه، وسيكون احتفاله بعيد الأضحى مُختلفًا وهو يُطالع الأنباء المُتسارعة حول حالة الرّعب والقلق في صُفوف الجيش الذي لا يُهزَم، ويجد من كُل ذلك مادّةً دسِمَةً جديدةً طازجةً لمضمون خِطابه الذي يَعكِف على إعداده ومِن المُتوقّع أن يُلقيه في الأيّام المُقبلة احتِفالًا بانتِصار تمّوز (يوليو) عام 2006، وكل هذا الإنجاز دون أن يُطلِق رصاصةً واحدةً حسب البيان الرسميّ للحزب.

حالة التأهّب في صُفوف وحَدات الجيش الإسرائيلي المُرابطة على الحُدود الشماليّة مع لبنان في ذروتها هذه الأيّام تَحسُّبًا للثّأر لاستشهاد علي كامل محسن، عُنصر حزب الله في غارةٍ إسرائيليّةٍ استهدفت مخزنًا للأسلحة في غِلاف مطار دِمشق الدولي، لأنّ القِيادة الإسرائيليّة بشقّيها السياسيّ والعسكريّ، تُدرك جيّدًا أنّ السيّد نصر الله إذا هدّد ضرَب، ولكن نَفَسَهُ طويل، ويبدو أنّه أكثر استِمتاعًا بسِياسة “الغُموض” التي ينتهجها الحزب هذه الأيّام، وتجعل الخَوف الإسرائيليّ أكثر إيلامًا وأطول.. واللُه أعلم.

#رأي اليوم

قد يعجبك ايضا