المصدر الأول لاخبار اليمن

تعز.. ورقة “التحالف وحزب الإصلاح” لتمزيق النسيج الاجتماعي في اليمن

تحليل/عمرو عبدالحميد/ وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

منذ إطلاق التحالف عملياته العسكرية على اليمن في أواخر مارس من العام 2015م، جعل من الملف الإنساني شعار يبرر من خلاله اجتياح اليمن وورقة للمزايدة والابتزاز امام المجتمع الدولي.
مدينة تعز مثلت أحد الأوراق الهامة للتحالف في هذا الجانب طوال الأعوام السبعة الماضية وحتى اليوم لأسباب عديدة لها أبعاد استراتيجية ومطامع استعمارية.

التحالف لوح بورقة تعز، بعنوان “الحصار” في كل جولات المفاوضات السابقة وطرحها على طاولة مجلس الأمن للاستثمار الدولي ولكن ليس بهدف “الإنماء الاقتصادي”، إنما لابتزاز القوى المناهضة للغزو العسكري الدموي.
السعودية أحد أقطاب هذا التحالف تدرك جيداً ما الدور الذي تمثله تعز في النسيج الاجتماعي من حيث التركيبة السكانية والمذهب الديني لاسيما أن الرياض كانت صاحبة القرار في الساحة السياسية والدينية وما على رؤساء الأنظمة السابقة إلا تنفيذ إراداتها خصوصاً أنها فرضت هيبتها باغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي الذي حاول الاستقلال بالقرار اليمني وهو ما اعتبرته الرياض خطاً احمر لا يمكن السماح بحدوثه، لتخرج اليمن من عباءة الطاعة السعودية؛ فكان اغتيال الحمدي في1977م، رسالة لكافة القوى السياسية اليمنية وللراغبين في الحكم وعلمت على إرساء الطاعة مقابل الرئاسة لدى الأنظمة المتعاقبة في اليمن ابتداءً من “احمد الغشمي” مروراً بـ “علي عبدالله عفاش” خلال ثلاثة عقود طويلة ومنهكة وصولاً لـ “عبده منصور هادي” ثم جلب “رشاد العليمي” مؤخراً والذي قد يكون آخر عهدها ولا ننسى أن اختياره ليس من فراغ فـ العليمي من تعز وهنا مربط الفرس.
أبان حكم فترة “علي عفاش” تُعد أهم الفترات التي استثمرتها “الرياض” في تمرير اجندتها ومصالحها المنبثقة أصلاً من الأجندة الأمريكية، وكانت “تعز” حجر زاوية للنظام السعودي لما تمثله من بُعد استراتيجي في الجانب المذهبي المعروف بالمذهب الشافعي واحتفاظها بطابعها بالرغم من مكوث الإمام أحمد فترة طويلة فيها إلا أنه لم يفرض المذهب الزيدي مع استطاعته في ذلك الوقت، وجعلها تتسم بهويتها الشافعية، بالرغم من المخاطر بسبب موقع تعز الجغرافي من عدن وتأثر البيئة بالفكر الاشتراكي الماركسي خصوصا أن تعز كانت ملاذ للثوار ومنصة انطلاق العمليات ضد جيش الاحتلال البريطاني.
لمحة تاريخية.. لماذا تعز؟
ما بعد العام 1962 توسع الفكر الاشتراكي بمحافظة تعز، في ظل التنافس مع الفكر القومي الذي كان في أوج مجده في تلك الفترة، وهو ما اقلق النظام السعودي الذي اعتمد على شراء الولاءات، وقد أدى تقلب الأحداث، إلى دفع النظام السعودي ليضع عينه على تعز، خصوصا بعد تصعيد “علي عفاش” من قبل السعودية للحكم ودفعه إلى تفجير حرب عسكرية مع الجبهة الوطنية في المناطق الوسطى وكانت تعز بالإضافة إلى محافظة إب اكثر المناطق التي عاشت دموية وجرائم تلك الحرب الأليمة خدمة للرياض وواشنطن، وكان من نتاج هذه الحرب زرع شرخ اجتماعي بين المذهب الزيدي والشافعي مع أن هناك كثير من أبناء تلك المناطق قاتلوا مع السلطة ومنهم كما يقال “عبدالسلام كرمان” والد “توكل” إلا أن الحقد توجه صوب صنعاء كمقر للسلطة ومعقل للزيدية وبصبغة مناطقية بإطلاق مصطلحات التعصب المناطقي مثل صاحب “مطلع” وصاحب “منزل” وهو ما اراداته السعودية وهيئة من خلاله بيئة تقبلت الفكر الوهابي وعملت به.
استمر النظام السعودي بدعم “علي عفاش” الذي يحقق لها كل رغباتها خلف الستار وإن كان أمام الإعلام يحاول إظهار قوته واستقلاله، ومن مكره سعى إلى ترسيخ الشرخ الاجتماعي بين أبناء البلد الواحد بصور مختلفة منها تعيينه معظم مدراء أمن تعز أو قادة المعسكرات فيها وحتى أقسام الشرطة من صنعاء ومباركته عمليات نهب الأراضي أو فرض الاتاوات ما ولد إحساس بالنقص والحقد بالإضافة إلى أخطر وامكر ما صنعه عبر استقطاب أبناء تعز والمحافظات الجنوبية للتجنيد والزج بهم في حروبه الظالمة واللاإنسانية المعروفة بحروب صعدة الـ6 بهدف تمزيق النسيج الاجتماعي وتهيئة البيئة للسعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، وليست أوضاع تعز والمحافظات الجنوبية الغارقة في الفوضى والاحتلال إلا صورة من ابعاد تلك الاستراتيجية.

 

 

في منتصف العام 2015م ومن على قناة الجزيرة وبكل وضوح قال القيادي الإخواني “حمود سعيد”: الحوثيين عرضوا علينا الانسحاب ولكننا رفضنا لأننا جزء من التحالف وبعد فترة قصيرة ترك تعز وحمل عشرات الملايين أو بالأصح وبحسب قول الكويتي “فهد الشليمي” 13 مليون ريال سعودي نهبها حمود سعيد وفر إلى تركيا يفتتح مطاعم ومشاريع خاصة به وارتداء البدلة والكرافت بدلاً عن “المعوز” اللباس الشعبي ومن اجل امتصاص السخط عمل على إنشاء مؤسسة حمود سعيد الخيرية تعمل على دعم من يصفهم بجرحى المقاومة من الأموال المنهوبة ولم يكتفي إلى هنا بل يعمل على المزايدة وينادي بفك ما يقول عنه حصار تعز بقوة السلاح من وسط انقرة بنظرة تاجر ترتفع قيمة أسهمه عند الزج بأبناء المواطنين في محارق الموت وخدمة لتحالف اعترف اكثر من مرة أن ما يهمه السطو على مقدرات اليمنيين.

 

حمود المخلافي زعيم مليشيا الإصلاح في تعز

بينما يمثل القيادي في حزب الإصلاح “شوقي القاضي” نموذج أخر للمتاجرة بدماء ومعاناة أبناء اليمن، الذي ينادي من شقق فارهة في أنقرة “بفك حصار تعز بقوة السلاح ويطالب التحالف بالإمداد” وكأنه منذ سبعة أعوام يمدهم بالحجارة ويحث المواطنين بزج أبنائهم في معارك “لا ناقة لهم فيها ولا جمل” سوى خدمة قيادات أحزاب الإصلاح التي تجني من ورائهم ملايين الريالات والدراهم، المفارقة أن نجل “القاضي” غارق بالملذات ومتهم بقضية أخلاقية في الهند ولو كان صاحب قضية لقام بالحاق نجله في الصفوف الأولى للقتال لكن هي التجارة بدماء الآخرين واستمرار السقوط الأخلاقي هذه هي نماذج قيادات من يصفون انفسهم بالمقاومة بهتانا وزورا فالتاريخ لن يرحم من يجلب الأجنبي إلى بلده.
في التاريخ القريب وليس البعيد عرض الشهيد الرئيس “صالح الصماد” على قيادات الارتزاق وهو الوصف الصحيح فتح طريق “صالة الزيلعي” من اجل تخفيف معاناة المواطنين وترجمة الإنسانية بدون مزايدات على الواقع قوبل العرض بالرفض من القيادي التكفيري “أبو العباس” في حينه قبل أن يتم طرده من قبل الإصلاح إلى خارج المدينة.

 

عجوز من تعز يرفع رسالته للعالم

 

بعيداً عن جولات المفاوضات برمتها الوقائع تكشف نفسها والحديث عن حصار تعز، يأتي من باب الابتزاز واستثارة العواطف، لأن الحقيقة لو تمت قرأتها بإنصاف فأن حصار مدينة تعز هو من الداخل من قبل المجموعات المتصارعة والتي غايتها خدمة السعودي والإماراتي، مقابل المال ولو كان لدى هذه القوى ذرة من إنسانية، لما بحثت عن اختلاق عراقيل طالما الملف إنساني بحت فالقبول بفتح بعض ممرات المدينة هي الغاية.
ما قدمه وفد حكومة الإنقاذ الوطني أسقط كل الدجل السياسي والمزايدة بالملف الإنساني من قبل قوى الإصلاح ووفدها الذي قدم يناقش فقط على منافذ تعز وليس باقي الطرقات في اليمن ومع ذلك قدم وفد القوى الوطنية الحل بفتح هذه المنافذ الستين، الخمسين، الدفاع الجوي (طريق مسفلتة والمسافة إلى مدينة تعز عشرة دقائق)، صالة، أبعر، الزيلعي (ربع ساعة إلى المدينة)، فتح خط الراهدة ـ كرش وهو طريق رئيسي رابط بين تعز ولحج.

إصرار قوى الإصلاح على فتح منفذ الحوبان، ليس منه غاية إنسانية بعكس ما هي مآرب خبيثة تجلت من قبل وتجلت اليوم اثناء المفاوضات الأخيرة في “عمان” عاصمة المملكة الأردنية بين القوى الوطنية وقوى العمالة التي عملت كل جهدها بوضع القوى الوطنية تحت الضغط من خلال التصريحات الإعلامية وشن حملة من الناشطين والناشطات وصرف انظار العالم عن إنسانية الموضوع وحصره في منفذ الحوبان فقط مع وجود المنافذ الأخرى.

 

الحوبان تعز

لماذا منفذ الحوبان؟ لأنه منفذ يكتظ بالسكان الهاربين من جحيم الإصلاح، وفيه مرتفعات جبلية مترامية والسيطرة عليه سيقلب موازين أي معركة قادمة وسيحقق لقوى الارتزاق دفعة معنوية
أهداف شعارات الإنسانية الزائفة
كبيرة واستنزاف لأبطال الجيش واللجان الشعبية لا سيما في حال تخندقهم وسط الأحياء السكنية بالإضافة إلى خلق ضغوطات دولية جديدة وحصولهم على قرارات من مجلس الأمن تبقيهم في الأماكن التي سيصلون إليها وفي حال اخطائنا باستنتاج مآرب العملاء هناك جانب آخر مهم وهو جر منطقة الحوبان إلى أتون مربع الاغتيالات والتصفيات وخلق فوضى أمنية إلى جانب انعكاسات اقتصادية سيئة فيما يخص العُملات.
إن كانت قوى الارتزاق لديها مسؤولية تجاه المواطنين في تعز من الأولويات أيضاً ضغطها على أحد قياداتها بفتح طريق المخاء، ولكن مشروع اجتزاء المخاء، عن محافظة تعز، وارد وفق التقارير الإعلامية وكشفها محاولة انتزاع باب المندب، والمخاء، والخوخة، وإعلان محافظة جديدة وإن حقق التحالف ما يصبو إليه سيمثل صفعة قوية لا مثيل لها في تاريخ العمالة والخيانة لهذه القوى الخائبة، القوى الغير قادرة على تقديم أي شيء سوى الموت والألم لأبناء تعز برداء إنساني زائف.

قد يعجبك ايضا