تحليل/عبدالكريم مطهر/مفضل وكالة الصحافة اليمنية//
جاء إعلان القوات المسلحة اليمنية في صنعاء، بفرض حصار جوي شامل على كيان الاحتلال الإسرائيلي، كصفعة غير مسبوقة للمنظومة الأمنية والعسكرية الصهيونية، ورسالة واضحة مفادها أن الجغرافيا لم تعد تحصّن كيان الاحتلال من الاستهداف، وأن دعم غزة لم يعد مقتصرًا على الخطاب السياسي، بل دخل مرحلة الفعل العسكري المؤثر.
ضرب العمق الإسرائيلي من مسافة بعيدة
الهجوم اليمني الذي استهدف مطار “بن غوريون” لم يكن مجرد فعل رمزي، بل هجوم دقيق ومباشر على الشريان الجوي لكيان الاحتلال، وجهته صنعاء من عمق جغرافي يبعد أكثر من 2000 كيلومتر.
المفارقة أن الصاروخ اليمني تجاوز أكثر من حاجز جوي ومنظومة دفاعية دون أن يُكتشف أو يُعترض، ما كشف هشاشة ما يسمى بـ”الدرع الدفاعي الأمريكي-الإسرائيلي”.
محلل عسكري في إذاعة قوات الاحتلال قال بصراحة لافتة لقناة أمريكية: “لقد كان الحوثيون دقيقين جدًا.. وأن تصل لهذه الدقة من هذه المسافة، فهذا أمر مثير للإعجاب ومقلق للغاية”.
شركات طيران تُغادر سماء “تل أبيب“
الصدمة لم تكن عسكرية فقط، بل امتدت لتطال قطاع الطيران العالمي، الذي أبدى استجابة فورية لتحذيرات صنعاء.. إلغاء 80 رحلة جوية وأكثر من خمس شركات طيران كبرى، بينها Air France وUnited Airlines وWizz Air وAir Europa، أعلنت إلغاء أو تعليق رحلاتها إلى كيان الاحتلال، مما أدى إلى شلل مؤقت في حركة الطيران وبقاء آلاف الصهاينة عالقين في الخارج.
هذا التطور يعني باختصار أن المجال الجوي الصهيوني لم يعد آمنًا في نظر المجتمع الدولي، وأن معادلة الردع انتقلت لأول مرة من غزة ولبنان إلى اليمن.
ذعر في المطارات وتراجع اقتصادي حاد
الضربة اليمنية، وإن كانت بصاروخ واحد، أحدثت أثرًا استراتيجيًا مضاعفًا.. فقد تسببت في خسائر فورية لقطاعات حيوية في بورصة “تل أبيب”، حسب موقع “Investing” الاقتصادي، حيث تراجعت مؤشرات البنوك والنفط والغاز والتمويل والعقارات والاستثمار والبناء بشكل ملحوظ.
هذا التراجع الاقتصادي السريع يعكس حالة الذعر وفقدان الثقة في الاستقرار الأمني “الإسرائيلي”، خاصة في ظل غياب الردع الجوي، والانكشاف أمام صواريخ لم تأتِ من حدود قريبة، بل من جنوب الجزيرة العربية.
سقوط هيبة المنظومة الدفاعية الأمريكية
أكثر ما يقلق المؤسسة الأمنية والعسكرية في كيان الاحتلال هو السقوط الصامت لهيبة الدفاعات الأمريكية، التي طالما رُوّج لها كحصن حصين لكيان الاحتلال.. أن يتمكن صاروخ يمني من الوصول إلى مطار “بن غوريون” دون اعتراض، يعني أن كل الأنظمة الاعتراضية – من “القبة الحديدية” إلى “باتريوت” و”أرو” – قد تم تجاوزها.
هذه السابقة تسقط نظريًا وعمليًا أهم نقاط القوة التي بنت عليها قوات كيان الاحتلال أمنها القومي لعقود، وتفتح المجال أمام تكرار الهجمات وربما توسيعها لتشمل تكثيف الهجمات اليمنية على منشآت عسكرية واقتصادية في قلب الكيان.
تغير قواعد الاشتباك
التحرك اليمني لا يبدو أنه سيكون معزولًا أو مؤقتًا.. البيان الصادر عن صنعاء كان واضحًا: “أي تصعيد سيُقابل بتصعيد أكبر”، وهو ما يعكس جاهزية لما هو أبعد من مجرد ضرب مطار.. كما أن الإعلان لم يُقدم كتهديد مستقبلي، بل كقرار دخل حيز التنفيذ الفوري، ما يشير إلى تخطيط دقيق وقرار استراتيجي مدروس.
حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تعاني أصلًا من ضغط داخلي جراء الفشل العسكري في غزة، وانقسامات سياسية متزايدة، وجدت نفسها فجأة في مواجهة جبهة جديدة تفتح من جنوب الجزيرة العربية، بطريقة لم تكن في حسبانها.
الاحتلال يواجه أزمة ردع