المصدر الأول لاخبار اليمن

كيف ستنعكس نتائج الانتخابات البلدية اللبنانية على تعزيز موقف المقاومة

تحليل/د.إسماعيل النجار/وكالة الصحافة اليمنية//

 

ماذا ستُغَيِّر الإنتخابات البلدية اللبنانية في المجريات السياسية للطائفة الشيعية وماذا تريد أميركا ودُوَل الخليج منها؟

سؤال بديهي يطرح نفسه في ظل تزاحم التدخلات الخارجية في رسم خط سير الإنتخابات لحرفها عن طريقها القويم خدمةً للمشاريع الغربية والصهيونية،
“فَ” الانتخابات البلدية الأخيرة أظهرت تقدمًا واضحاً لحزب الله وحركة أمل في كافة المناطق الشيعية، ما يعكس استمرار قوة وتأثير هذين الحزبين داخل الطائفة، خاصة في محافظات مثل جبل لبنان والجنوب وبعلبك الهرمل والبقاع الغربي، حيث فازت لوائحهم بإكتساح المقاعد، مما يعزز موقعهما السياسي والاجتماعي فيها،

هذا الفَوز يعكس دعمًا شعبيًا محليًا لحزب الله وحلفائه، ويُعتبر اختباراً كبيراً لهم بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، مما يمنحهم قوة تفاوضية أكبر على المستوى الوطني.

أما بالنسبة لأهداف الولايات المتحدة ودول الخليج من هذه الانتخابات، فهي ترتبط بمحاولة تقليص النفوذ الإيراني في لبنان حسب تقديراتهم، الذي يُعتبر حزب الله أبرز ممثليه، لذلك تسعى واشنطن ودول الخليج إلى دعم شخصيات لبنانية تتصدى لهذا النفوذ،
كما أن الولايات المتحدة، تتبع سياسة تضييق الخناق على الحزب، وتسعى لاستغلال أي انتصار إسرائيلي محتمل عليه لترتيب المشهد اللبناني بما يتناسب مع مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة، وهو ما يثير مخاوف كبيرة من استبدال نفوذ الثنائي الشيعي الوطني بنفوذ إسرائيلي لا يخدم مصلحة لبنان ولا مستقبله. بَل إعادة ترتيب المشهد بما يخدم المصالح الغربية والإقليمية،

من جهة ثانية نستطيع أن نؤكد أن الإنتخابات البلدية الأخيرة عززت موقع الطائفة الشيعية سياسياً داخل لبنان، خصوصاً من خلال تقدم حِزبَي الطائفة الكبيرين في أهم إنتخابات، لكن هذا لم يغير بشكل جذري في توازن القوى بين الطوائف اللبنانية الأخرى، حيث بقيت المنافسات ضمن إطار الطائفية السياسية المعتادة، فالحزب اليوم بالتحالف مع حركة أمل بات اللاعب الأول على الساحة السياسية بعد الانتخابات، ما قد يسمح له إعادة صياغة علاقته ببعض القوى السياسية الداخلية،

هذه الإنتخابات أيضاً لم تؤدِ إلى إلغاء الطائفية السياسية في لبنان، بل أكدت استمرارها، حيث أن التعصب الطائفي لا يزال يلعب دوراً أساسياً في تشكيل المجالس البلدية، والانتخابات تعكس في كثير من الأحيان احتكار التمثيل الشيعي في مناطق معينة والسني والماروني في مناطق أخرىَ، مما يعزز الطابع الطائفي أكثر من الوطني.

وواحدة من أهم دلالات الإلتفاف الشيعي حول المقاومة سببه الهجوم الخارجي والداخلي الذي لا مثيل له منذ عقود طويلة، الأمر الذي خلقَ رد فعل كبير عند الولايات المتحدة ودول الخليج بسبب تعزيز الحزب والحركة لمواقعهم في هذه الانتخابات فقررت واشنطن أن تتجه نحو تصعيد الضغط السياسي والاقتصادي على المقاومة لمحاولة تقويض نفوذها، مع استمرار الدعوات لنزع سلاحها واعتباره تهديدًا لأمن لبنان والمنطقة، بالإضافة إلى دعم القوى السياسية الداخلية المعارضة لها، كما تسعى واشنطن إلى تقوية خصوم الحزب داخلياً، وستستمر بدعم الجيش اللبناني بشكلٍ محدود ضمن استراتيجية مواجهة حزب الله فقط،

واشنطن رغم كل محاولاتها لم تتمكن من إضعاف الحزب ورغم تكثيف الجهود.
ودول الخليج خاصة السعودية والإمارات، التي تساند السياسة الأميركية عبر دعم تحالفات داخلية لبنانية تعارض سلاح الحزب أيضاً من أجل تقليص نفوذه، ضمن إطار حرب سياسية واقتصادية مستمرة منذ سنوات،

في الوقت نفسه لم تخفي واشنطن قلقها من ردود فعل المقاومة على الضغوط عليها رغم ضبط النفس، وخاصة بعد إطلاق يد إسرائيل في العربدة داخل لبنان واستهدافاتها للمقاومين، حيث تتوقع تصعيدًا عسكريًا محدودًا منها ضد إسرائيل، لكنها تسعى وبكل قوة لتثبيت وقف التصعيد عبر دبلوماسيتها وبالضغوط السياسية.
لكن يبقى السؤال هل سيصبر حزب الله طويلاً أمام عربدة إسرائيل أَم أن المشهد سيتغير قريباً؟

 

*صحافي وباحث سياسي لبناني

قد يعجبك ايضا