المصدر الأول لاخبار اليمن

صنعاء تفرض معادلة ردع جديدة.. حصار مزدوج على “إسرائيل” وتفكيك الهيمنة الأميركية في البحر

تحليل/ وكالة الصحافة اليمنية//

رسخت قوات صنعاء، موقعها كفاعل عسكري إقليمي قادر على التأثير المباشر في المعادلات الأمنية والاقتصادية لكيان الاحتلال الإسرائيلي، وكسر الهيمنة الأميركية في البحر الأحمر.

فمنذ أكتوبر 2023، لم تعد العمليات العسكرية اليمنية مجرّد رسائل تضامنية مع سكان قطاع غزة وإسناد فصائل المقاومة الفلسطينية، بل تحوّلت إلى أدوات ضغط فعّالة ألحقت أضرارًا ملموسة بالاقتصاد “الإسرائيلي”، وضربت العمق البحري والجوي للمصالح الأمريكية في المنطقة.

وفي تحوّل استراتيجي لافت من الحرب غير المتكافئة، استطاعت قوات صنعاء أن تفرض حصارًا جويًا على كيان الاحتلال الإسرائيلي وتشلّ أحد أبرز مطاراته الدولية، فيما امتدت عملياتها إلى البحر الأحمر لتطال ميناء إيلات الاستراتيجي، وكذا هزيمة القوات البحرية الأمريكية والغربية في معركة البحر الأحمر، وذلك في تصعيد عسكري قلب موازين الردع وأربك الحسابات الغربية و”الإسرائيلية”.

 

غارات أميركية بلا جدوى

 

ووفقًا لتقرير حديث لمنظمة رصد النزاعات المسلحة الغربية (مقرها أوكرانيا)، فإن الضغوط العسكرية والسياسية التي مارستها الولايات المتحدة عبر أكثر من 774 غارة جوية على اليمن منذ يناير 2024 فشلت في كبح قدرات صنعاء العسكرية، أو منعها من تنفيذ أكثر من 520 عملية هجومية طالت 176 سفينة تجارية و155 موقعًا عسكريًا “إسرائيليًا”.. بل جاءت بنتائج عكسية، إذ أكسبت قوات صنعاء مزيدًا من الزخم الشعبي والشرعية الإقليمية.

لكن الإنجاز الأبرز تمثل في نجاح صنعاء في فرض حصار جوي على مطار بن غوريون الدولي – بوابة الاحتلال الإسرائيلي إلى العالم – منذ 4 مايو 2025، حيث أعلن المتحدث باسم قواتها العميد يحيى سريع، أن المنطقة الجوية المحيطة بالمطار منطقة عسكرية غير آمنة، ما دفع عددًا من كبريات شركات الطيران الدولية إلى تعليق رحلاتها، وتسبب في شلل شبه تام لحركة الطيران “الإسرائيلي”.

 

تكاليف باهظة

 

ذلك القرار وحده كبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر مباشرة تُقدّر بمليارات الدولارات، فضلًا عن الآثار النفسية والسياسية المترتبة على حالة العزل الجوي المفروضة.. كما ألقى بظلاله على قطاع السياحة، وعمّق الخسائر الاقتصادية في وقت يشهد فيه الاحتلال الإسرائيلي أزمة مالية خانقة نتيجة عدوانها المستمرة على قطاع غزة وعدوانها على لبنان وسوريا والعدوان الأخير على إيران.

في المقابل، عمّق الحصار البحري على ميناء إيلات الخنق الاقتصادي للاحتلال الإسرائيلي، حيث استهدفت قوات صنعاء الميناء الاستراتيجي على البحر الأحمر بعمليات دقيقة أسفرت عن تعطيل شبه كامل لحركة التصدير والاستيراد عبره، وتكدّس الشحنات في المرافئ المجاورة، ما زاد من كلفة النقل وأضعف سلسلة التوريد الإسرائيلية في الأسواق الآسيوية والإفريقية.

 

وفي موازاة ذلك، نجحت الضربات البحرية التي نفذتها قوات صنعاء في استهداف ميناء إيلات، أحد أهم الموانئ “الإسرائيلية” على البحر الأحمر، في الخنق الاقتصادي للاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى تعطيل حركة الاستيراد والتصدير عبره، وتسبّب في تكدّس البضائع وارتفاع التكاليف اللوجستية. وشكلت ضربة قاصمة لسلاسل التوريد “الإسرائيلية”.

 

فشل الردع

 

وفي بعد استراتيجي يتجاوز كيان الاحتلال الإسرائيلي، كشفت العمليات اليمنية عن تحوّل في ميزان القوى في البحر الأحمر، حيث نجحت صنعاء – بحسب التقرير – في كسر الهيمنة البحرية الأمريكية عبر استهداف مدمرات وبوارج عسكرية، وفرض تهديد دائم على الخطوط البحرية المرتبطة بالمصالح الأميركية والبريطانية.

وقد أثبتت هذه العمليات قدرة صنعاء على خوض معركة بحرية طويلة النفس بأسلحة محلية الصنع، وبتكتيكات أربكت المنظومات الدفاعية الأمريكية والغربية المتقدمة.

 

التقرير فنّد أيضًا السردية الأميركية والغربية بشأن استهداف قوات صنعاء للملاحة الدولية “بشكل عشوائي”، حيث أشار إلى أن فقط 17 في المئة من السفن المستهدفة كانت على صلة مباشرة بالاحتلال الإسرائيلي أو أميركا أو بريطانيا، ما يؤكد الطابع الانتقائي والدقيق للهجمات، ويمنحها غطاءً قانونيًا في سياق الرد على العدوان الإسرائيلي على غزة.

في المحصلة، تؤكد التقارير الغربية ذاتها أن حكومة صنعاء نجحت في إعادة رسم خريطة الردع الإقليمي، وأعادت تعريف الحرب غير المتكافئة في المنطقة، لا من حيث السلاح فقط، بل من خلال براعتها الاستراتيجية وقدرتها الإعلامية على صناعة خطاب مقاوم دائم التأثير، يخلق شعورًا مستمرًا بالخطر داخل الكيان الإسرائيلي، ويؤسس لمرحلة جديدة من الردع الشعبي والميداني، خارج الحسابات العسكرية التقليدية.

كما تمكنت قوات صنعاء من فرض حضورها في معادلات القرار الإقليمي والدولي، وزعزعة ثقة الاحتلال الإسرائيلي وواشنطن في أدواتهما التقليدية للردع والسيطرة.

قد يعجبك ايضا