خرجت المرأة في مدينة عدن الخاضعة لسيطرة التحالف عن صمت المعاناة المعيشية والخدمية، وذلك بعد استفحال أدوات القمع والتنكيل بحق الشباب من قبل فصائل الانتقالي التابعة للإمارات طيلة الأشهر والسنوات الماضية.
وعبرت ناشطات في حركة “ثورة النسوان” بعدن عن استيائهن الشديد جراء تجاهل المبعوث الأممي “هانس غروندبرغ” الذي وصل عدن، الاثنين الماضي، والتهميش المتعمد لأصوات النساء المتضررات من انهيار الوضع المعيشي والخدمي، بعد رفضه مقابلتهن في مقر اقامته بالمدينة.
وصفت الناشطات رفض “هاس” لمقابلتهن والاستماع إلى قضاياهن في عدن، إقصاء ممنهجا يعكس سياسة التمييز والتهميش بحقهن من قبل الأمم المتحدة، والانحياز لـ”حكومة التحالف”.
سفر النضال التاريخي
وخلال الأشهر الماضية أعادت المرأة العدنية إلى الاذهان سفر النضال التاريخي الذي سطرته نساء المدينة أثناء المراحل المختلفة من مواجهة الاحتلال البريطاني البغيض، لترى نساء عدن اليوم واقعا أكثر مأساوية جراء سياسة التجويع وحرب الخدمات المفروضة على أبناء المدينة وبقية المناطق الجنوبية من قبل دول التحالف “السعودية والامارات”، عن طريق الأدوات التي تتصدر المشهد السياسي والعسكري دون تحقيق أدنى مقومات الحياة، سوى استمرار نهب الإيرادات وتقاسمها فيما بينها.
وبرزت نساء عدن خلال الإعلان عن “ثورة النسوان” من أجل الحياة الكريمة في 10 مايو الماضي في ساحة العروض بمنطقة خور مكسر، رغم محاولة الانتقالي ركب الموجة، إلا أن ثورة النساء رفضت رفع أي شعارات لمن شارك في تدمير المدينة، ليكون خروجهن للمطالبة بالحقوق، ليؤكدن للجميع بأن النسوان هن صاحبة الحق وصانعة التغيير انطلاقا من الإرث النضالي للنساء الأوائل بالمدينة.
وجهت نسوان عدن رسائل حقوقية مشروعة وواضحة للحكومة ولـ “مجلس القيادة” ولمن يقف خلفه من دول التحالف خلال توافدهن إلى ساحات التظاهرات السلمية، بضرورة تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية في المدينة رفضا منهن للظلم وسياسة القمع التي تنتهجها فصائل الانتقالي بحق المحتجين، حين وصل بهم الحال تقييد الشباب بالحبال على أعمدة الشوارع، ووضعهم بين إطارات السيارات التالفة، واقتياد بعضهم إلى غياهب السجون واخضاعهم للتعذيب والوحشي والاخفاء القسري دون معرفة مصير البعض منهم إلى الآن.
قوة وصلابة أمام آلة القمع
لم تكن ثورة نسوان عدن بمعزل عن تلك الوحشية، حيث واجهت النساء القمع بواسطة الهراوات من قبل مجندات الانتقالي، والمضايقات في الشوارع من خلال المظاهر العسكرية الكثيفة لمنعهن من الوصول إلى ساحة التظاهرات الاحتجاجية سواء في ساحة العروض أوفي شارع الشهيد مدرم بمنطقة المعلا، وترهيب بعضهن كما حدث للمحامية والناشطة الحقوقية عفراء الحريري بهدف الحد من مشاركاتهن بالتظاهرات، التي لم تكن لتلك الإجراءات أي تأثير على اصرارهن، بل زادهن قوة وصلابة رغم التهديدات إيمانا منهن بأن الحقوق لا تمنح بل تنتزع.
تقدمت ماجدات عدن خلال ما يقارب 5 تظاهرات حاشدة بالعديد من المطالب الحقوقية المشروعة التي لا تقبل للمساومة عليها بهدف تحقيق العيش الكريم، بتوفير الكهرباء والمياه الصالحة للشرب بصورة مستمرة في قائمة الأولويات، والعمل على تحسين الخدمات الصحية والتعليمية وإعادة مكانة الأستاذ الجامعي، والعمل على هيكلة الأجور وضبط سعر العملة وتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة، بالإضافة إلى محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الأمنية والاعتقالات غير القانونية، والدعوة إلى الافراج عن النشطاء المختطفين.
لم يستجيب رئيسي “الحكومة ومجلس القيادة” وبقية المسؤولين الذين يتواجدون في قصر معاشيق بمنطقة كريتر لتلك الأصوات التي بحت بالمطالبة لتوفير الكهرباء دون أن تلمس نساء عدن أي تحسن ملحوظ في الخدمات بل تضاعفت معاناة الأهالي بارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء لقرابة 19 ساعة يوميا، بالإضافة إلى فرض الحكومة 4 جرعات سعرية في بيع البنزين والديزل منذ مطلع يونيو الماضي، مع استمرار تدهور العملة التي فقدت قيمتها الشرائية بالسوق.
صبر النساء لا ينفد
واسقطت نسوان عدن خلال التظاهرات منذ مطلع مايو الماضي، حقيقة الادعاءات التي يسوق لها الانتقالي الذي لم يحرك ساكنا للحد من معاناة المواطنين بعدن وبقية المحافظات الجنوبية، ليتضح بأن فصائله المسلحة لم تكن سوى مجرد “كلب حراسة” في بوابة قصر معاشيق، بفرض حصار على تظاهرة نسائية نهاية الأسبوع الماضي في ساحة البنوك على مقربة من القصر للحيلولة دون وصولهن إلى بوابة القصر.
أمام ذلك أثبتت المرأة العدنية بأنها عاصفة الحرية والكرامة أرعبت التحالف وأدواته القابعة في معاشيق بل والمقيمة في الخارج، لأن ثورة النسوان لن تساوم على الحياة الكريمة مهما كان الثمن، لأنها تختلف عن المكونات والقوى الجنوبية التي تستثمر الازمات ومعاناة المواطنين لتحقيق مصالحها الشخصية خدمة للأجندات الخارجية.
ستبقى المرأة العدنية حارسة للشرف والكرامة لا يهمها سوى مستقبل أبنائها، لأنها بكل بساطة قادرة على قهر المستحيل مهما حاول البعض اقصائها وركوب الموجة حين سقطت اقنعتهم المزيفة تحت اقدام النساء في ساحة العروض والمعلا، فصبر نسوان عدن لا ينفد ابدا حتى استعادة الحياة الكريمة للمدينة.