معادلة الاستباحة الإسرائيلية تتسع من غزة إلى الدوحة.. ورؤية السيد الحوثي في قلب المواجهة
الدوحة | وكالة الصحافة اليمنية
هزّت سلسلة انفجارات عنيفة، اليوم الثلاثاء، العاصمة القطرية الدوحة، والتي استهدفت مقرات سكنية تُقيم فيها قيادات من المكتب السياسي لـ”حركة حماس” بتوقيع “إسرائيل”.
الغارات التي نفّذها جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الشاباك، أعلنت عنها سلطات الاحتلال على أنها عملية “قمة النار” التي تستهدف قادة مسؤولين عن أحداث السابع من أكتوبر، وإدارة العمليات العسكرية ضد الكيان الصهيوني.
تفاصيل الهجمات والادعاءات الإسرائيلية
أشار بيان لجيش الاحتلال إلى أن الغارة استهدفت قيادة الصف الأول في حركة حماس، وأنها نُفذت باستخدام ذخائر دقيقة ومعلومات استخبارية لتقليل الأضرار الجانبية للمدنيين.
وقد أكد موقع “أكسيوس” الأمريكي، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي، أن الهجوم استهدف الوفد المفاوض لحركة حماس في الدوحة، خلال اجتماع لمناقشة المقترح الأمريكي. فيما ذكرت مصادر أخرى استهداف قيادات من بينهم خليل الحية وزاهر جبارين وخالد مشعل.
يأتي هذا الهجوم بعد تهديدات علنية سابقة من وزير الدفاع في حكومة الاحتلال، يسرائيل كاتس، ورئيس الأركان، اللذين أكدا استهداف قيادات حماس في الخارج، مما يشير إلى أن العملية كانت مخططاً لها مسبقاً، وليست رد فعل فوري على الأحداث الجارية.
وفي المستجدات، كشف مصدر قيادي رفيع في حماس لقناة الميادين والجزيرة، نجاة الوفد القيادي المفاوض لحماس في الدوحة من محاولة الاغتيال الإسرائيلية.
إدانة قطر وتداعياتها المحتملة
أدانت دولة قطر “بأشد العبارات” الغارة، ووصفتها بـ “الاعتداء الإجرامي والجبان” الذي يعد انتهاكاً صارخاً لكافة القوانين والأعراف الدولية. وأكدت وزارة الخارجية القطرية في بيان أن الدوحة لن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهور، مشيرة إلى أن التحقيقات جارية على أعلى مستوى.
يُثير الهجوم تساؤلات حول التنسيق المحتمل مع الولايات المتحدة، خاصة وأن المسافة الجغرافية التي تبلغ نحو 1800 كيلومتر بين الكيان الإسرائيلي والدوحة، تتطلب لوجستيات معقدة وتزوّد بالوقود، مما يجعل التنسيق مع القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة أمراً ضرورياً وحاسماً. تشير التحليلات إلى أن التنسيق ربما تم بشكل مسبق، وأن الولايات المتحدة قد أُبلغت بطبيعة الضربة “الجراحية” لضمان عدم وجود تداعيات غير مرغوبة على مصالحها.
هذا الهجوم قد يؤثر بشكل كبير على الدور القطري كوسيط رئيسي في مفاوضات المقاومة، خاصة وأن وساطة الدوحة تعتمد على قدرتها على بناء الثقة مع جميع الأطراف. الغارة قد تُضعف من ثقة قوى المقاومة في حيادية قطر، مما قد يدفع هذه الأطراف للبحث عن بدائل أخرى للمفاوضات، أو نقلها إلى عواصم يُنظر إليها على أنها أكثر استقلالية وحيادية. كما أن الدوحة قد تضطر إلى اتخاذ مواقف أكثر وضوحاً وحزماً في المرحلة المقبلة لإثبات حياديتها واستعادة رصيدها كوسيط.
أبعاد “معادلة الاستباحة” في سياق الأحداث
في السياق، كان السيد عبد الملك الحوثي قد تحدث في حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة وإيران والتطورات الإقليمية والدولية 23 ذو الحجة 1446هـ 19 يونيو 2025م، أن استباحة الأمة لا تبدأ من نقطة واحدة فحسب، وإنما هي عملية متكاملة. فالعدوان على قطاع غزة، الذي وصفه بأنه إبادة جماعية يومية، ليس حدثاً معزولاً، بل هو حجر الزاوية في هذه المعادلة. فالقصف المتواصل، وارتفاع أعداد الشهداء والجرحى، واستخدام “مصائد الموت” في تجمعات المساعدات الإنسانية، كلها أشكال من أشكال الاستباحة التي تستهدف وجود الشعب الفلسطيني ذاته.
وبحسب الرؤية المطروحة، فإن هذه الاستباحة تتسع لتشمل المنطقة بأكملها. فالاعتداءات الإسرائيلية على قيادات حزب الله في لبنان، وحتى استهداف رئيس حكومة صنعاء وعدد من وزرائه، تندرج في الإطار نفسه، الذي يستهدف كسر إرادة المقاومة. كما أن العدوان الأخير على الجمهورية الإسلامية في إيران مثل تصعيداً خطيراً، حيث يرى فيه السيد الحوثي محاولة لإزاحة أكبر عائق أمام المخطط الصهيوني.
التنسيق الغربي ودوره في تثبيت المعادلة
تؤكد الرؤية أن القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ليست فقط داعم للكيان الإسرائيلي، بل هي شريك أصيل في “معادلة الاستباحة”. فالدعم العسكري والسياسي، ورفض إدانة جرائم الاحتلال، والمشاركة في اعتراض الصواريخ اليمنية والايرانية، كلها تخدم هدفاً واحداً: تمكين الكيان الإسرائيلي من فرض سيطرته الكاملة على المنطقة.
ويوضح السيد الحوثي أن هذا الدعم يتجاوز الجانب العسكري إلى الدبلوماسي والإعلامي، لاسيما وأن الاعتداءات الإسرائيلية تُقدم على أنها “دفاع عن النفس”، في محاولة لقلب الحقائق وتبرير الجرائم المرتكبة. كما يشير إلى أن استباحة الأجواء لدول عربية مثل العراق والأردن وسوريا، وعدم وجود رد فعل حازم، يعزز من هذه المعادلة، ويُظهر أن السيادة باتت منقوصة. وها هي اليوم تدرج،
المواجهة كخيار وحيد
في خضم هذه “المعادلة”، يرى السيد الحوثي أن الخيار الوحيد أمام الأمة هو المواجهة. فالصمود في غزة، وعمليات المقاومة في الضفة الغربية، والرد الإيراني الفعال، كلها نماذج تؤكد أن الأمة ليست مستسلمة. ويشدد على أن الهدف من الهجمات على إيران هو إضعافها، لكن النتيجة كانت عكسية، حيث زادت من تماسكها وقوتها، وكشفت حقيقة العدو.
ويخلص السيد الحوثي إلى أن الأحداث الجارية يجب أن تكون دافعاً لرفع مستوى الوعي لدى الشعوب، وأن هذه المواجهات تكشف حقيقة الأعداء وتُظهر حجم العدوان الذي يرمي إلى استباحة الأمة في دمها، وعرضها، وأرضها، ومقدساتها. وأن السبيل الوحيد للتصدي لهذه المعادلة هو بناء القدرات الذاتية، والتحرر من التبعية، والالتزام بمبدأ المواجهة الشاملة.