خاص | ظهرت تصريحات سياسية يمنية تشير إلى تحول المقرات الأممية في صنعاء، وغيرها من المناطق الحرة إلى أوكار للأنشطة الاستخباراتية الأجنبية، مما يثير تساؤلات جوهرية حول وحدود الحصانة الدبلوماسية واخلاقيات العمل الإنساني وحياديتها الممنوحة للأمم المتحدة.
وأكدت بكل وضوح وجود خطة ممنهجة لاستغلال العمل الإنساني للأمم المتحدة من قبل المخابرات الامريكية والإسرائيلية، عبر إرسال الجواسيس في مهمة لجمع المعلومات وتشكيل شبكات تجسس محلية من العملاء والخونة، لتنفيذ أعمال عدائية تستهدف اليمن أرضا وإنسانا، في انتهاكات خطيرة تمس الأمن القومي واستقلال واستقرار اليمن، بهدف النيل من التضحيات التي قدمها أبناء الشعب طيلة السنوات الماضية في مواجهة قوى التحالف، والعدوان الأمريكي البريطاني “الإسرائيلي”، للحد من العمليات العسكرية اليمنية المساندة لابناء الشعب الفلسطيني في غزة.
جريمة نكراء وصمت مشبوه
وجاءت تلك الاتهامات على خلفية جريمة استشهاد رئيس وأعضاء حكومة التغيير والبناء في صنعاء، أحمد غالب الرهوي، وعدد من الوزراء، إثر استهداف العدو الصهيوني، اجتماع لهم نهاية أغسطس الماضي، لزمت الجريمة الأمم المتحدة على إثر الجريمة النكراء الصمت المريب والمشبوه، دون استنكارها وإدانتها للحادثة التي هزت اليمن، التي اعتبرت الخارجية اليمنية بصنعاء وفق بيان لها مطلع سبتمبر الجاري، صمت الأمم المتحدة “سابقة خطيرة على مستوى المنطقة والعالم”، وأن صمت المجتمع الدولي عن الجرائم الصهيوني شجعه للتصعيد الخطير المهدد للأمن والاستقرار في المنطقة، ووصفت استهداف رئيس وأعضاء الحكومة بـ”السابقة الخطيرة في تاريخ العلاقات الدولية، وانتهاك للقوانين والاتفاقيات الدولية”.
لم تكن المهمة الحقيقية لمنظمات الأمم المتحدة إنسانية محايدة، كما يضن البعض، بل معظم العاملين فيها هم في الأصل “ضباط مخابرات وجواسيس يعملون لصالح الماسونية الصهيونية”، من مختلف الجنسيات، يتم تدريبهم مسبقا على جمع معلومات حول تحركات القوات المسلحة وقياداتها، ومعرفة المواقع الاستراتيجية التي يتم من خلالها إطلاق الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطيران المسير، باتجاه السفن في البحرين الأحمر والعربي، وفي العمق الصهيوني داخل الأراضي المحتلة، وكذلك الميول السياسية للمواطنين، الذي أكدت وزارة الخارجية في صنعاء، أن كل الحصانات للاتفاقيات الدولية لا تحمي الأنشطة التجسسية ومن يمارسونها ولا توفر لهم الغطاء القانوني”.
انحراف وانحدار لمهام الأمم المتحدة
مع الفشل الأمريكي والإسرائيلي البريطاني، ومن قبلها دول التحالف، في تحقيق انتصارات عسكرية أو اختراقات أمنية في صنعاء، يتم اللجوء إلى إرسال جواسيس إلى الداخل اليمني، التي تخوض الأجهزة الأمنية معركة رديفة للجبهات العسكرية في تحصين الجبهة الداخلية في إلقاء القبض على جواسيس يعملون تحت غطاء الأمم المتحدة لتنفيذ أعمال عدائية ضد اليمن، ينسجم تماما مع القوانين الوطنية وقواعد القانون الدولي لحقوق الانسان، دون السماح لأي كائن العبث بأمن واستقرار البلاد.
إن الانحراف والانحدار الصارخ للأمم المتحدة عن المبادئ والأخلاقيات والاتفاقيات والقوانين الدولية، عن مسار عملها الإنساني، وتحويل العاملين فيها إلى أدوات للقيام بأعمال تجسسية لصالح العدو الأمريكي والإسرائيلي، ليس خطأ إداريا عابرا، بل خيانة صريحة ممنهجة للثقة العامة، وتلاعب سافر بسمعة العمل الإنساني، الذي لم يعد مقبولا ولا يمكن التغاضي عن تلك التحولات الخطيرة في مبادئها لتنفيذ الأجندات الخفية بتوظيف مواردها وأصولها لصالح مهام استخباراتية بحتة، استغلالا لمعاناة الشعب اليمني التي ظلت تتاجر بها طيلة السنوات الماضية تمثل جريمة نكراء لمبادئ الحياد والاستقلالية للعمل الإنساني.
موقف صريح لقائد الثورة
حيث قال قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمة له عن استشهاد رئيس حكومة التغيير والبناء وعددٍ من رفاقه في 31 أغسطس الماضي، :”لا يمكن لأي خائن أن يحظى بأي شكل من أشكال الحماية، وشعبنا سيقف بالمرصاد لأي محاولات من هذا القبيل، ولكل من يعمل لخدمة العدو الإسرائيلي ومخططاته ويسعى لتمكينه من تنفيذ جرائم بحق هذا الشعب”.
أدلة واضحة تدين الأمم المتحدة
وعلى وقع جريمة الاغتيال لرئيس الحكومة ورفاقه الشهداء، أكد عضو المكتب السياسي لأنصار الله السيد محمد البخيتي في مداخلة له مع قناة “فرنس 24” مطلع سبتمبر الجاري، أن “الولايات المتحدة وحلفائها والكيان الصهيوني يلجؤون إلى تجنيد موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المحليين، وهي إساءة للأمم المتحدة التي يجب أن تدين تجنيد موظفيها كجواسيس لصدار الكيان بما يؤدي إلى القيام بعمليات عدائية يسقط فيها ضحايا من المدنيين”.
وأضاف البخيتي: “لا حصانة لأي جاسوس يعمل لصالح الكيان الصهيوني الذي يمارس جرائم الإبادة”، معتبرًا أن تجنيد موظفي الأمم المتحدة كجواسيس يمثل “انتهاكًا لكافة القوانين والأعراف الأخلاقية والدينية والإنسانية، ولقوانين وأنظمة اليمن”، وأشار إلى استعداد الجهات المعنية في صنعاء لتزويد الأمم المتحدة بالأدلة على تورطهم خلال محاكمتهم.
تحيز صارخ للعدو الصهيوني
بينما أتهم القائم بأعمال وزير الخارجية في صنعاء، عبد الواحد أبو راس، الأمم المتحدة بـ “التحيز الصارخ للكيان الصهيوني” جراء حادثة اغتيال رئيس الحكومة والوزراء خلال لقائه الأسبوع الماضي، رئيس مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، الذي طالب الأمم المتحدة وجميع المنظمات الإنسانية باحترام سيادة اليمن وقوانينه الوطنية ومبادئ العمل الإنساني.
معركة الاسناد والمواجهة مع العدو
قضية التجسس الذي ينفذها بعض موظفي المنظمات الدولية، تتطلب ردا قانونيا عمليا لا هوادة فيه، لقطع دابر تلك الممارسات لحماية سيادة الدولة وأمنها القومي، في معركة الاسناد والمواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني والأمريكي، وما قامت به الأجهزة الأمنية في صنعاء، ينبغي على الأمم المتحدة اثبات مصداقية نظامها التي تدعي مبدأ الحيادية بالممارسات الفعلية على أرض الواقع التي تتطلب مراجعة جذرية لآليات عمل المنظمات الدولية التي تحولت بعضها إلى أدوات قذرة في مختلف الصراعات، مع انها لم تقوم بمعالجة مشكلة أو بحل قضية نزاع واحدة في العالم، بدليل القضية الفلسطينية التي قاربت على 8 عقود دون حلول في تنفيذ القرارات الدولية، تم خلال تلك الفترة توسع المستوطنات الصهيونية وسط بيانات الشجب والتنديد والقلق المستمر للأمم المتحدة.
لم تكن أنشطة التجسس وليدة اليوم أو مقتصرة على صنعاء خلال هذه المرحلة، بل امتدت معظم المدن اليمنية الحرة، وارتبطت أنشطتها بشكل مباشر بوكالة الاستخبارات الأمريكية، التي تقوم هي بتزويد “الموساد الإسرائيلي”، بكافة المعلومات وفق تقنيات وأجهزة خاصة، سرعان ما انكشف أمر تلك العناصر لتقع في قبضة الأمن والمخابرات، كسابقيهم من شبكات التجسس المرتبطة بالسفارة الأمريكية في صنعاء لتنفيذ مهام مختلفة تستهدف اليمن الأرض والإنسان طيلة العقود الماضية.