المصدر الأول لاخبار اليمن

ما وراء الوجود الإسرائيلي في جنوب اليمن؟

عدن | وكالة الصحافة اليمنية

لم يعد الحديث عن وجود الاحتلال الإسرائيلي في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الحكومة المشكلة من تحالف الحرب على اليمن، مجرد تخمينات، بل تحول إلى واقع تدعمه أدلة ميدانية وصور ولقاءات علنية، كانت وكالة الصحافة اليمنية قد كشفتها مبكّرًا.

وفي الوقت الذي تواصل فيه سلطات صنعاء دعمها للمقاومة الفلسطينية، تفتح محافظات مثل عدن والضالع وأبين وشبوة أبوابها أمام وفود من سلطات الاحتلال، في تطور يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية للعدوان.

من السرية إلى العلن

بالعودة إلى ما نشرته وكالة الصحافة اليمنية بتاريخ 27 يوليو الماضي، فقد استقبل عدد من المسؤولين البارزين في الحكومة التابعة للتحالف في اليمن وفدًا إسرائيليًا في محافظة عدن جنوبي اليمن في خطوة تكشف مستوى تباين مواقف هذه الحكومة مع موقف الشعب اليمني المناصر للقضية الفلسطينية والمناهض للاحتلال الإسرائيلي.

الوكالة استندت في ذلك إلى مقال للصحفي الصهيوني في جيروزاليم بوست، جوناثان سباير، الذي زار عدن والتقى بعدد من تلك القيادات وأخرى في ما يسمى بـ “المجلس الانتقالي الجنوبي”.

وبعد شهر ونصف من ذلك وثقت تقارير إعلامية، اجتماعات مباشرة بين قيادات من القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، وخبراء وضباط من الاحتلال الإسرائيلي.

لم تكن هذه اللقاءات سرية، فقد جرت في مواقع ميدانية مثل جبال الضالع، حيث استقبل صالح سلام، قائد ما يُسمى بالقوات المشتركة للمجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، ضيفه الإسرائيلي جوناثان سباير، وهو ما يشير إلى أن العلاقة بين الطرفين تجاوزت حدود التنسيق الخفي إلى التعاون العلني.

في هذا السياق، ذكرت مصادر أن أحد القادة الموالين للمجلس الانتقالي عبّر عن موقف ينسجم مع الأهداف المشتركة، قائلاً: “نحن والأميركيون في قارب واحد لكسر عدونا المشترك”، أي صنعاء. هذا التصريح تبعته قائمة مفصلة بطلبات عسكرية شملت أنظمة دفاع جوي، طائرات مسيرة، ومعدات رؤية ليلية، وهو ما يظهر أن التعاون لا يقتصر على الجانب الاستراتيجي بل يمتد إلى الدعم اللوجستي المباشر، بهدف تنفيذ عمليات ميدانية ضد قوات صنعاء.

 

الأبعاد الاستخبارية

تُعد زيارة الوفد الذي قاده الضابط الإسرائيلي “جوناثان سباير” إلى عدن وأبين وشبوة والضالع وباب المندب نقطة محورية في هذا السياق. ووفقًا للمصادر، فإن سباير مقرب من جهاز الموساد الإسرائيلي، مما يجعل من زيارته تعدو كونها جولة صحفية، إذ توضح هذه الزيارة أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتعزيز وجوده الاستخباري والعسكري في مناطق حيوية من اليمن، وخاصة تلك المطلة على الممرات المائية الاستراتيجية.

الاجتماعات التي عقدها سباير مع قادة المجلس الانتقالي، بما في ذلك ما يُسمى باللواء صالح سلام، تعكس استعدادًا لفتح الباب أمام تدخل إسرائيلي مباشر، حيث تم تداول مقترحات حول تشكيل قوات برية بدعم أمريكي وإسرائيلي؛ بهدف شن هجمات على مناطق مثل الحديدة وساحل البحر الأحمر. هذا التنسيق يندرج ضمن مشروع أوسع للسيطرة على البحر الأحمر وباب المندب، وتحقيق أهداف جيوسياسية تخدم الأجندة الإسرائيلية والأميركية والبريطانية.

وفي مقاله نقل سباير عن من أسماه باللواء محسن الداعري، الذي يحمل صفة “وزير الدفاع” في الحكومة التابعة للتحالف، استياءه الشديد من قرار الولايات المتحدة إبرام وقف إطلاق نار مع صنعاء في مايو الماضي.

وقال سباير أن الداعري، أعرب – خلال لقائه – عن أسفه لعدم واشنطن تنفيذ عملية برية مشتركة واسعة النطاق ضد صنعاء؛ للاستفادة من النشاط الجوي الأمريكي خلال فترة التصعيد، مشيرًا إلى أن أميركا تجاهلت حكومته ولم تنسق أو حتى تبلغها بالتصعيد على صنعاء ولا حتى بإعلان وقفه المفاجئ، وبحسب الصحفي فقد عبر له الداعري عن ارتياحه من ناحية أخرى لعدم تحركهم في عملية برية دون تنسيق، “لأن الولايات المتحدة كانت ستتخلى عنا وتتركنا نواجه الحوثيين كما فعلت بإسرائيل”، حد قوله.

 

التطبيع الميداني

لم يقتصر التواطؤ على الجانب العسكري، ليمتد كي يشمل المجال الإعلامي، حيث استضافت ما تُسمى بـ “الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي” في عدن الوفد الإسرائيلي، ونشرت الخبر بفخر، مما يعكس تحولًا في المواقف العلنية تجاه سلطات الاحتلال، وقد ظهر الضابط الإسرائيلي لاحقًا عبر قنوات المجلس الانتقالي بجنسيات مختلفة، في محاولة لإخفاء حقيقة الاختراق، وهو ما يكشف حجم التعاون.

هذه الوقائع تشير إلى أن المحافظات الخاضعة لحكومة التحالف أصبحت مسرحًا للتطبيع الميداني المباشر، في تناقض صارخ مع مواقف الشعب اليمني تجاه المقاومة الفلسطينية. ويرى المراقبون أن ما يحدث يثبت أن العدوان على اليمن لم يكن جزء من صراع إقليمي وحسب، بل حرب استعمارية تستخدم أدوات محلية لتحقيق أهداف أجنبية.

ويمثل هذا التواجد الإسرائيلي ناقوس خطر، ويفضح حقيقة تحول الأدوات المحلية إلى جسر عبور للاحتلال الإسرائيلي في اليمن، فبينما يقدم الشعب اليمني دماءه من أجل فلسطين، يفتح البعض الأبواب أمام من يعادون قضاياه.

 

قد يعجبك ايضا