المصدر الأول لاخبار اليمن

“الأسطول العالمي” يضع الاحتلال في مواجهة دبلوماسية وقانونية غير مسبوقة

غزة | وكالة الصحافة اليمنية

 

يشهد البحر الأبيض المتوسط حالياً أكبر تحرك بحري لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، متمثلاً في انطلاق “أسطول الصمود العالمي” (الذي يضم أيضاً “أسطول الحرية”)، مؤلفاً من عشرات السفن التي تحمل مئات النشطاء والشخصيات العامة من أكثر من 44-60 دولة.

انطلق الأسطول الأضخم من نوعه من ميناء برشلونة الإسباني، وتوقفت بعض أجزائه في موانئ مثل كاتانيا الإيطالية، مؤكداً إصراره على الوصول المباشر إلى شواطئ غزة لفتح ممر إنساني وإدخال المساعدات الحيوية، متحدياً بذلك الرفض القاطع وتهديدات سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

 

الأبعاد والتحديات

يشكل هذا التجمع العالمي مصدر قلق عميق للاحتلال الإسرائيلي، حيث يضم الأسطول ما بين 42 و50 سفينة وأكثر من 500 ناشط، من بينهم نواب أوروبيون، وشخصيات عامة بارزة مثل الناشطة السويدية غريتا تونبيرغ ورئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو، إضافة إلى نخب برلمانية كالإيطالي أرتورو سكوتو والفرنسية ذات الأصول الفلسطينية ريما حسن.

هذا الحجم غير المسبوق من السفن والشخصيات الدولية، يضع سلطات الاحتلال أمام تحدٍ استراتيجي غير مسبوق، يتمثل في تخوف الاحتلال من فقدان القدرة على السيطرة على هذا العدد الضخم من السفن وما يرافقه من توثيق مرئي لأي عملية اعتراض أو اعتداء، يُشاهده الملايين حول العالم، مما قد يُعزز صورة الاحتلال الوحشية أمام الغرب والمجتمع الدولي، ويدفعهم إلى أزمة دبلوماسية واسعة النطاق مع دول النشطاء المشاركين.

يؤكد المنظمون أن هدف الأسطول الأساسي هو كسر الحصار، ويرفضون بشكل قاطع المقترح الذي تقدمت به “إسرائيل” للسفن بالرسو في ميناء عسقلان أو قبرص، معتبرين ذلك محاولة للالتفاف على الهدف الأساسي.

الحملة الإنسانية التي تحمل مواد طبية وغذائية، تسعى بشكل مباشر إلى دعم صمود الفلسطينيين في القطاع، وهو ما يتعارض مع إرادة الاحتلال الذي يسعى لدفع الأهالي نحو التهجير القسري.

 

توثيق الانتهاكات

تتجاوز دوافع القلق لدى سلطات الاحتلال البعد الأمني؛ فالأسطول يعمل على توثيق انتهاكات الاحتلال بشكل مباشر وتقديمها إلى محكمة الجنايات والعدل الدولية. هذا التوثيق يعتبر محاكمة شعبية عامة تُجرى في ظل ما يوصف بـ “صمت الحكومات الدولية واكتفائها بالاعتراض والاحتجاجات العقيمة”، مما يجعل من الاحتلال الخاسر الوحيد في هذه المواجهة الإعلامية والقانونية.

لقد تعرض الأسطول بالفعل لاعتداءات قبل وصوله، حيث أفاد المنظمون بتعرض السفن لاستهداف بـ الطائرات المُسيرة والقنابل الصوتية قبالة السواحل اليونانية ومالطا، ما أدى إلى احتراق إحدى السفن جزئياً، وهو ما أكدته النائبة الأوروبية آنا ميرندا باز التي أدانت الهجوم وطالبت بضرورة عدم إفلات “إسرائيل” من العقاب. كما تم احتجاز سفينة “مادلين”، في الـ9 من يونيو الماضي، واقتياد من عليها إلى ميناء إسرائيلي، ما يؤكد إصرار جيش الاحتلال الإسرائيلي على منع المهمة.

 

حماية أوروبية مفاجئة

في تطور لافت يزيد من حدة التوتر والأبعاد الاستراتيجية للرحلة، أعلنت كل من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا عن إرسال سفن حربية لمرافقة “أسطول الصمود” والدفاع عنه. هذا القرار يمثل رسالة دعم أوروبية واضحة للأسطول ويضع الكيان الإسرائيلي في موقف حرج غير مسبوق، حيث يرى المنظمون أن اعتراض أو احتجاز هذا العدد من السفن الذي يحمل مئات النشطاء والشخصيات العالمية، سيدفع سلطات الاحتلال إلى مأزق، إما أزمة دبلوماسية مع كل العالم، أو ترك الأسطول يصل إلى غزة.

إن وجود سفن عسكرية أوروبية ترافق الأسطول المدني يعني أن محاولة جيش الاحتلال الإسرائيلي لاعتراض السفن المدنية قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة غير متوقعة بين قوات تابعة لدول غربية وبين قوات الاحتلال، خاصة مع إصرار الدول الأوروبية على أن بحارتها سيتواجدون في الصفوف الأمامية للدفاع عن القافلة الإنسانية.

التحدي يكرس رمزية غزة باعتبارها قضية عدالة عالمية، ويسلط الضوء على تزايد الوعي الأوروبي بخطورة الانتهاكات واستمرار سياسة التجويع والحصار التي تهدف إلى التهجير القسري، بينما يسعى الأسطول لترسيخ الحق في تقرير المصير وحرية التنقل لأهالي القطاع.

 

قد يعجبك ايضا