المصدر الأول لاخبار اليمن

صفارة المقاطعة تدوي.. الرياضة العالمية تُدير ظهرها لـ “إسرائيل”

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

 

 

يشهد عام 2025 تصاعدًا ملحوظًا في حملات مقاطعة الرياضة والرياضيين الإسرائيليين على الصعيد الدولي، تأتي هذه الحملات في سياق أوسع من الضغوط الدولية المتزايدة على “إسرائيل” بسبب ممارساتها تجاه الفلسطينيين، لا سيما في ظل الصراع المستمر والاتهامات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.

تستند دعوات مقاطعة الرياضة الإسرائيلية إلى عدة أسباب رئيسية، أبرزها الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان وتدمير البنية التحتية الرياضية الفلسطينية، حيث  يرى الداعمون للمقاطعة أن الاحتلال الإسرائيلي   يمارس سياسات فصل عنصري واضطهاد ممنهج ضد الفلسطينيين منذ عام 1948، إضافة إلى ارتكاب جرائم وحشية متزايدة منذ اكتوبر 2023، مما يحرمهم من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في ممارسة الرياضة بحرية.

تعمد الاحتلال الإسرائيلي هدم المنشآت والملاعب الرياضية الفلسطينية، واستهداف الرياضيين وقتلهم، وتدمير كل ما يتعلق بالحياة في غزة، وغيرها من المدن، إضافة إلى فرص حصار حاد على استيراد المعدات الرياضية ومستلزمات مختلف الألعاب، كي تظل فلسطين غائبة عن المشاركات الخارجية، ومتدهورة داخليًا، بالإضافة إلى ذلك، تسمح إسرائيل لأندية كرة القدم وكرة السلة المقامة في المستعمرات غير القانونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة بالمشاركة في دورياتها الرسمية، مما يعتبر انتهاكًا للقانون الدولي وتواطؤًا من قبل الهيئات الرياضية الدولية مثل الفيفا واليويفا.

هذا الإجرام الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، كان له صدى كبير في الشارع الرياضي العربي والعالمي، وانضمت مقاطعة الرياضة الإسرائيلية ومنتسبوها، إلى جانب مقاطعة منتجات المستوطنات، أو بضائع الدول الداعمة للاحتلال.

حملات المقاطعة تشارك فيها مجموعة واسعة من الجهات، تشمل منظمات حقوق الإنسان، ورياضيين، وشخصيات عامة، وسياسيين، واتحادات رياضية وطنية ووسائل إعلام. وتعتبر حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) القوة الدافعة الرئيسية وراء العديد من هذه الحملات.

 

مقاطعة رياضية واسعة

هذه الحركة دعت إلى طرد “إسرائيل” من المحافل الرياضية الدولية، لتنظم منظمة العفو الدولية إلى ذات المسار، حيث طالب “الفيفا” و”اليويفا” بتعليق عضوية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم.

وبالمثل فعلت الشركات العالمية الشهيرة المتخصصة في الأدوات الرياضية، حيث تعرضت معظم هذه الشركات لضغط شعبي عام، إضافة إلى تضامنها الذاتي مع غزة،  ففي 30 سبتمبر 2025، طلبت شركة ريبوك (Reebok) إزالة شعارها من قمصان الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، كما أعلنت قبل ذلك شركة بوما (Puma) في ديسمبر 2023 إنهاء رعايتها للاتحاد الإسرائيلي اعتبارًا من 2024، وبررت ذلك بأسباب تجارية، لكنها جاءت بعد حملات مقاطعة واسعة.

كما ألغيت صفقة رعاية مع شركة الملابس الإيطالية إريا (Erreà) في فبراير 2025 بسبب مخاوف من حملات المقاطعة.

 

على صعيد المنافسات، شهدت ملاعب كرة القدم الأوروبية احتجاجات واسعة، رفعت خلالها لافتات كتب عليها “حرروا فلسطين”. المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحقوق الثقافية، ألكسندرا زانتاكي، قالت في هذا السياق إن الوقت قد حان لاستبعاد “إسرائيل” من المنافسات الرياضية الدولية، بمعزل عن أي “خطة سلام”، لاسيما بعد أن خلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة الأممية إلى أن “إسرائيل” ارتكبت جريمة “إبادة جماعية” في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما دعت زانتاكي، الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إلى استبعاد إسرائيل من المنافسات الدولية، دون انتظار نتائج خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب على غزة وتبادل أسرى.

وأجبرت الاحتجاجات فريق “إسرائيل بريمير تك” على الانسحاب من المرحلة النهائية لسباق الدراجات “لا فويلتا” في إسبانيا ، ثم تغيير هوية الفريق لاحقًا.

العديد من الدول الفاعلة مثل تركيا واسبانيا والبرازيل، طالبت باستبعاد الرياضة الإسرائيلية من جميع المسابقات الدولية، مستنكرين تفعيل هذه المقاطعة ضد روسيا، وغيابها عن “إسرائيل”.

تقف إسرائيل اليوم في ملعب مختلف كليا. قادت تركيا وإسبانيا دعوات لمعاملة إسرائيل مثلما عوملت روسيا، هذا الضغط دفع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لعرض مقترح خلال اجتماع لمناقشة إيقاف مشاركة “مكابي تل أبيب” والمنتخب الإسرائيلي في المسابقات، إلا أن هذا الاقتراح تأجل بعد الإعلان عن خطة ترمب لوقف إطلاق النار.

هذا الحراك الإيجابي ضد “إسرائيل” يتصاعد في مختلف الألعاب، فإندونيسيا منعت فريق الجمباز الإسرائيلي هذا الأسبوع من دخول البلاد للمشاركة في بطولة العالم للعبة، كما رفضت ماليزيا دخول فريق الاسكواش الإسرائيلي في العام 2021 إلى أراضيها للمشاركة في بطولة العالم.

مواقف أوروبية وآسيوية قوية

وفي هولندا وافق مجلس بلدية العاصمة الهولندية أمستردام، سبتمبر الماضي، على مشروع قرار ينص على أن الأندية الرياضية القادمة من دول تساهم في الاحتلال أو العنصرية غير مرغوب فيها بالمدينة، وخص منها بالذكر الأندية التي تشارك أو تدعم سياسات الضم غير القانونية والعنصرية لإسرائيل.مشروع القرار قدمه شيهر خان رئيس مجموعة حزب دينك في مجلس بلدية أمستردام، وتمت الموافقة عليه بأغلبية الأصوات.

وينص مشروع القرار على أن الأندية التي تشارك أو تدعم سياسات الضم غير القانونية والعنصرية لإسرائيل غير مرغوب بها في المدينة.

وتقف اسبانيا في صف القضية الفلسطينية على كل المستويات، فمن تنديد بجرائم الاحتلال إلى مظاهرات حاشدة إلى تهديد بعدم المشاركة في بطولة كأس العالم القادمة 2026.

ألمح مسؤولون إسبان إلى إمكانية انسحاب بلادهم من نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026 التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك الصيف القادم في حال مشاركة إسرائيل في البطولة.

وأشارت صحيفة “ماركا” الإسبانية، الأربعاء، إلى أن باتكسي لوبيز، متحدث “المجموعة الاشتراكية” في كونغرس البلاد، ترك الباب مفتوحا أمام احتمالية الانسحاب من بطولة كأس العالم لكرم القدم 2026 القادمة.

أطلقت مجموعة من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني حملة دولية تطالب اتحادات كرة القدم الأوروبية بمقاطعة المنتخب الإسرائيلي ومنع لاعبيه من المشاركة في البطولات المحلية والقارية.

وتم تتويج الحملة بإطلاق لوحة إعلانية ضخمة في ميدان “تايمز سكوير” الشهير في نيويورك، تحمل شعارًا صريحًا:

“إسرائيل ترتكب إبادة جماعية — اتحادات كرة القدم: قاطعوا إسرائيل”.

وبحسب وكالة “رويترز”، فقد وافقت الشركة المالكة للوحة على نشر الرسالة بعد استنادها إلى تقرير صادر عن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، خلص إلى أن “إسرائيل” ارتكبت جرائم قد ترقى إلى مستوى “الإبادة الجماعية” في غزة — وهو ما نفته إسرائيل بشدة ووصفت التقرير بـ”المزيف والمسيء”.

تتعدد التأثيرات المحتملة لحملات المقاطعة الرياضية على “إسرائيل”، منها العزلة الدولية المتزايدة، كما تواجه الشركات الراعية مخاطر على سمعتها وخسائر اقتصادية نتيجة لحملات المقاطعة، مما يدفعها لإعادة تقييم شراكاتها.

ويرى ناشطون أن الضغط على الشركات والرياضة والثقافة يمكن أن يغير الرأي العام ويدفع الحكومات لاتخاذ خطوات سياسية .

تُظهر أحداث عام 2025 أن حملات مقاطعة الرياضة والرياضيين الإسرائيليين تكتسب زخمًا متزايدًا على الصعيد العالمي، مدفوعة بالانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والاتهامات بالفصل العنصري.

ورغم مقاومة بعض الهيئات الرياضية الدولية، فإن هذه الحملات تفرض ضغوطًا متزايدة على “إسرائيل”، مما يؤدي إلى عزلة متنامية وتأثيرات اقتصادية وسياسية. من المتوقع أن تستمر هذه الحملات في التطور والنمو مع استمرار الصراع، مما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في المشهد الرياضي الدولي.

 

 

قد يعجبك ايضا