تعتبر حرب الــ12 يوم التي اندلعت بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران، في يونيو الماضي، هي الحرب المباشرة بين الطرفين، حيث شنت “إسرائيل”، غارات جوية واسعة على منشآت نووية إيرانية، مدعومة بضربات أمريكية، بينما ردت إيران بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على الاحتلال.
وبغض النظر عن الخسائر التي تسببت بها ضربات الـ 12 يوم سواء في “تل أبيب” أو طهران، يتساءل الجميع: هل ستعود الحرب؟ الإجابة المبنية على التحليلات الحديثة تُشير إلى أن هناك احتمالية كبيرة لعودة الحرب؛ لكنها إن حصلت ستكون أكثر دموية وشدة من سابقتها.
عقب الحرب تمسكت إيران بموقفها من المفاوضات النووية مع أمريكا، (المفاوضات تحت الضغط والتهديد مرفوض)، وعملت على تعزيز قدراتها العسكرية بسرعة، وخاصة الدفاعات الجوية، حيث تدربت على سيناريوهات هجومية أقوى، مع التركيز على “التوازن الجديد” في القوة.
ترامب : دمرنا منشآت إيران النووية
مؤخرًا، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب أنه دمر البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل؛ لكن مصادر إقليمية صرحت لـ “نيويورك تايمز” أن “الضرر الذي لحق بطهران بعيد عن التدمير الكامل”.
ووفق مصادر إسرائيلية، فإن مخزون إيران من اليورانيوم، نُقل إلى مكان مخفي، وفي المقابل، تعمل مصانع الصواريخ في إيران طوال الوقت.
هذا ما يبعث الخشية في المنطقة من كون المواجهة بين الاحتلال وإيران أصبحت مسألة وقت، حيث أن الجمود الآن يسود الموقف الرسمي، فلا مفاوضات ، ولا يقين بشأن مخزون اليورانيوم، ولا رقابة مستقلة.
علي واز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية قال: “مصانع الصواريخ في إيران تعمل على مدار الساعة، في المرة المقبلة التي يقررون الرد فيها، سنطلق 2000 صاروخ دفعة واحدة لإغراق الدفاعات الإسرائيلية، وليس 500 صاروخ على مدى 12 يوماً كما حدث في يونيو”.
صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير لها قالت إن الحرب الباردة بين إيران والاحتلال على وشك أن تتحول إلى حرب عسكرية كما كانت في يونيو الماضي، مشيرة إلى أن رد إيران سيكون أقوى من المرة السابقة.
بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن إيران سترد بألفي صاروخ باليستي في الموجة الأولى من أي حرب جديدة مع الاحتلال.
بدورها، صحيفة “إسرائيل هيوم”، أشارت، إلى احتمال وقوع مواجهة عسكرية جديدة بين إيران و”إسرائيل”، مضيفة أن “الجهود الدبلوماسية وصلت إلى طريق مسدود، واحتمال نشوب حرب جديدة، أقسى وأكثر عنفًا من السابق، آخذ في الازدياد”.
وجاء في التقرير، الذي نُشرته “إسرائيل هيوم” في سبتمبر الماضي، بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، “يتحدث الطرفان عن “انتصار”، فـ “إسرائيل” تؤكد أنها أضعفت القدرات النووية الإيرانية، فيما ترى طهران أن بقاءها وقدرتها على تعويض القادة الذين قُتلوا خلال 24 ساعة يُعدّ إنجازًا ودليلاً على “المقاومة”.
وفي 17 أغسطس الماضي، تحدث أيضًا يحيى رحيم صفوي، مستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية للشؤون العسكرية، عن احتمالية اندلاع حرب جديدة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، مضيفًا: “لكن بعد تلك الحرب قد لا تقع حرب أخرى”.
إيران مستعدة لكل الاحتمالات
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مطلع نوفمبر الجاري، قال إن بلاده “مستعدة لكل الاحتمالات”، محذرا من أن إيران “تتوقع أي سلوك عدواني من الكيان الصهيوني”.
كما شدد على أن “إسرائيل ستتلقى هزيمة أخرى في أي حرب مقبلة”.
وأشار عراقجي إلى أن إيران “اكتسبت تجربة كبيرة من الحرب الأخيرة”، موضحا أن بلاده “اختبرت صواريخها في معركة حقيقية”، ما يعزز جاهزيتها الدفاعية. وأضاف: “إذا أقدم الكيان الصهيوني على أي عمل عدائي، فستكون نتائجه سيئة عليه”.
أما ما يتعلق بالمفاوضات النووية، فقد أكد وزير الخارجية على أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق عادل؛ لكنه لفت إلى أن “واشنطن وضعت شروطا تعجيزية وغير مقبولة”.
هزيمة للقوى العظمى
نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، العميد علي فدوي، خرج اليوم الخميس بتصريح قال فيه إن الحرب التي استمرت 12 يوماً على بلاده شهدت مشاركة كل القوى العظمى في الميدان ضد إيران، لكنها انتهت بهزيمتها بسبب التزام المخلصين للثورة الإسلامية بواجباتهم.
وقال العميد فدوي، خلال مراسم إحياء ذكرى شهداء الاقتدار في القوة الجوفضائية للحرس الثوري: “منذ انطلاق النهضة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، يزداد عدد الموالين لهذه النهضة يوماً بعد يوم، والمسار نحو تحقيق امتداد الحكومة الإسلامية في العالم يسير بثبات، ووعد الله بتحقق ذلك لن يضيع”.
وأشار إلى أن جميع القوى العظمى حاولت مواجهة إيران خلال حرب الـ12 يوماً، لكنها فشلت أمام عزيمة الرجال.
يعول الشرق الأوسط على حدوث مستجدات في المسار التفاوضي الدبلوماسي، بين إيران وأمريكا؛ لتجنب حرب شاملة مع الاحتلال، مع تصاعد لهجة التهديدات بين طهران و”تل ابيب”، وهذا ما قد لا يحدث؛ لتشهد المنطقة حربًا جديدة أطول وأشمل.