لم تكن شبوة، أمس الثلاثاء، على موعد مع حادثة قتل عابرة، بل مع فاجعة إنسانية صادمة كسرت كل ما تبقى من خطوط حمراء للدين والأخلاق والأعراف القبلية اليمنية، وأشعلت موجة غضب شعبية عارمة امتدت من شبوة إلى مختلف المحافظات اليمنية، بعد جريمة وُصفت بأنها إعدام ميداني وحشي لا يمت للإسلام والأعراف ولا لقيم القبيلة بصلة.
القصة بدأت بمقطع فيديو سرعان ما تحوّل إلى صدمة جماعية.. مشاهد قاسية وثّقت لحظات تسليم الشاب عامر باحاج من قبل أسرته وشيخ قبيلة باحاج بمديرية حبان، في مسعى يائس لاحتواء خلاف قبلي غامض مرتبط بمقتل شاب آخر، قبل أن تنقلب الوساطة إلى مجزرة علنية على أيدي مسلحين قبليين من آل سود، في مشهد هزّ الوجدان اليمني.
الفيديو أظهر الشاب مقيّدًا، يُسحل أمام والده والوساطة، يصرخ مؤكدًا براءته من التهمة ويناشد بفتح تحقيق عادل، إلا أنهم لم يمهلوه بينما يقف الأب عاجزًا، منكسرًا، يشاهد ابنه يُساق إلى الموت دون ذنب ثابت أو حكم أو قضاء.. لحظات صمت ثقيلة سبقت وابلًا من الرصاص، أُطلق بكثافة من أسلحة رشاشة، حتى بعد أن فارق الشاب الحياة، في مشهد وصفه يمنيون بأنه إعدام خارج الإنسانية قبل القانون.
والد الضحية، وفي إفادات لاحقة، قال إن تسليم ابنه كان محاولة أخيرة لمنع انفجار مواجهة قبلية واسعة، مؤكدًا أنه راهن على العفو أو التحكيم والتحقيق، لا على مشاهدة فلذة كبده يُعدم أمام عينيه.. وصفاً تلك اللحظات بأنها الأقسى في حياته، لحظات لا تُمحى من الذاكرة ولا يغفرها الزمن.
ورغم أن الشاب كان متهمًا في قضية قيل إنها وقعت “عن طريق الخطأ”، إلا أن الطريقة التي أُزهقت بها روحه فجّرت غضبًا شعبيًا غير مسبوق، واعتُبرت دليلًا صارخًا على انهيار منظومة الأمن والقانون في مناطق اليمن الخاضعة لسيطرة التحالف، حيث حلّ السلاح محل القضاء، والثأر محل العدالة.
مشاهد مزعجة للجريمة: تحذير لا ينصح بمشاهدتها من قبل الأطفال وأصحاب القلوب الضعيفة
#شاهد.. مشهد صـ ادم من محافظة شبوة يوثق حالة الفوضى والانهيار الكامل لدور الدولة والقضاء، حيث تقوم قبيلة آل باحاج في مديرية حبان بتسليم شاب من أبنائها إلى قبيلة آل لسود بعد اتهامه بقتـ،،ل شاب يُدعى “باسل”.
وظهر الشاب قبيل إعـ،،دامه بلحظات وهو يؤكد برائته من التهمة إلا أنهم لم… pic.twitter.com/fAAZyxI3wN
— أخبار اليمن (@yemnews_) December 15, 2025
مراقبون رأوا في الجريمة انعكاسًا مرعبًا لحالة الفوضى وغياب الدولة، وتحويل الخلافات القبلية إلى ساحات إعدام، في بيئة يغيب فيها الردع والمساءلة، ما ينذر بمزيد من الجرائم التي تمزق النسيج الاجتماعي وتشرعن ثقافة “أخذ الحق باليد”.
ولم تعد شبوة استثناءً.. فتمزيق النسيج الاجتماعي في المحافظات الجنوبية والشرقية الغنية بالثروات، بات بحسب مراقبين، نهجًا منظمًا يخدم مشاريع خارجية، عبر إذكاء الصراعات بين أبناء القبائل أنفسهم، وتمويل مشايخ ووجهاء بالسلاح والمال مقابل الولاءات، فيما تُترك المجتمعات المحلية تنزف دمًا وفقرًا وفوضى.