تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
تتساقط أوراق الهيبة الأميركية تباعاً في البحر الأحمر، حيث تخوض الولايات المتحدة حرباً غير معلنة ضد قوات صنعاء، انتهت ـ حتى اللحظة ـ باستنزاف سياسي وعسكري، وضع واشنطن أمام تحدّ غير مسبوق في واحدة من أهم الممرات المائية الاستراتيجية في العالم.
الولايات المتحدة وجدت نفسها أمام مأزق عسكري واستراتيجي حاد في البحر الأحمر، بعد أشهر من العمليات العسكرية المكثفة التي لم تنجح في كسر إرادة اليمنيين أو تأمين الملاحة البحرية لصالح السفن “الإسرائيلية”.
المجلة الأميركية الرصينة “فورين أفيرز” كانت الأحدث في سلسلة الاعترافات، مؤكدة أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من ملياري دولار لحماية السفن “الإسرائيلية”، كانت الوقائع الميدانية تُظهر أن هذا الإنفاق لم يحقق أمن الملاحة حتى للسفن الأميركية نفسها، ناهيك عن فشله في وقف الهجمات اليمنية المتصاعدة ضد السفن “الإسرائيلية”.
انكشاف المنظومة العسكرية الأميركية
العمليات التي وصفت بـ”المكلفة والاستنزافية”، أدت إلى تآكل مخزونات السلاح الأميركية، وتعرض المعدات المتطورة – ومنها أنظمة دفاعية وطائرات مسيرة – للتدمير أو الإخفاق، ما كشف عن هشاشة المنظومة العسكرية الأميركية أمام تكتيكات قوات صنعاء المعتمدة على الصواريخ المطورة والطائرات المسيرة الدقيقة.
ولم تكن الخسارة مادية فحسب، بل تجاوزتها إلى اهتزاز صورة الردع الأميركي التي بُنيت على عقود من التفوق التكنولوجي والتفوق الجوي والبحري.. فقد تمكّنت قوات صنعاء، وفق مراقبين، من فرض قواعد اشتباك جديدة وغير متوقعة، شملت وصول الضربات إلى أهداف بعيدة في العمق الصهيوني، من بينها مطار “بن غوريون”.
تلك الخسائر الميدانية لم تكن وحدها هي ما أقلق واشنطن، بل ما ترتب عليها من استنزاف لمخزونها العسكري، وسقوط أنظمة دفاعية متطورة، وارتباك في أداء الأسطول الأميركي الذي طالما قدّمت نفسها به كقوة بحرية لا تقهر.
الأزمة ـ وفق محللين ـ لم تكن عسكرية فحسب، بل لوجستية وأمنية أيضًا، وقد فرضت على واشنطن مراجعة خياراتها في المنطقة بعدما اتضح أن التفوق التقني لا يضمن بالضرورة التفوق الميداني، لا سيما أمام خصم يتحرك وفق تكتيك حرب استنزاف طويلة النفس.
وساطة عمانية تنقذ ماء وجه واشنطن
ومع تصاعد الضربات اليمنية، وتصاعد الأزمة الأميركية في البحر الأحمر دفعت واشنطن إلى التماس وساطة سلطنة عُمان لخفض التصعيد، في محاولة لحفظ ما تبقى من ماء وجهها في المنطقة، بينما بقيت السفن الإسرائيلية تحت مرمى النيران اليمنية، دون غطاء عملياتي حقيقي، وفق المجلة الأمريكية.
ووفقاً للمحللين، فأن هذا التطور يعكس، تغيراً جوهرياً في ميزان الردع لصالح قوى المقاومة الإقليمية.. ما أحرج واشنطن أمام كيان الاحتلال، وكشف هشاشة التحالف العملياتي بين الطرفين في الميدان.
الانسحاب التدريجي.. بداية نهاية المهمة؟
بالتوازي، ومع تسارع الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من خطوط الاشتباك، برزت مؤشرات على تخلي واشنطن – ولو جزئياً – عن حماية المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر، ما أضعف الموقف العسكري الإسرائيلي وجعله أكثر عرضة للضربات اليمنية الدقيقة.
وبحسب تقارير عسكرية ومراقبون، فأن المؤشرات القادمة من البحر الأحمر تؤكد فشل واشنطن في تحقيق الأهداف المعلنة لحملة العدوان على اليمن بذريعة “حماية الملاحة”.. كما عزز هشاشة الصهاينة في مواجهة ضربات يمنية وُصفت بالموجعة.
وبرغم محاولات الإدارة الأميركية التقليل من شأن الضربات اليمنية، وادعاءات الرئيس دونالد ترامب بأن أنصار الله طلبوا وقف الهجمات، فإن الوقائع الميدانية على الأرض، جاءت لتفنّد هذه المزاعم، وأكدت استمرار العمليات اليمنية بزخم متصاعد، في رسالة سياسية وعسكرية مفادها أن اليمن بات طرفاً إقليميًا يُحسب له حساب، وليس مجرد ساحة نفوذ هامشية.
واشنطن في مأزق استراتيجي