المصدر الأول لاخبار اليمن

المخيمات “عقب أخيل” الاستقرار فاحذروا دعسة ناقصة!

تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

قبل أن يغادر أبو مازن بيروت انبرت جهات ووسائل في تحديد مواعيد لتسليم السلاح في المخيمات الفلسطينية اللبنانية.

أبو مازن ضد السلاح، وضد المقاومة المسلحة، وقد حل تشكيلات فتح، وطارد المقاومين، ولزم دايتون هيكلة أجهزة السلطة، وأجهزته حاصرت المخيمات، واعتقلت واغتالت مقاومين في الضفة، وسلطته وأجهزته في أعلى درجات التنسيق مع الأجهزة والجهات الإسرائيلية، التي تعلن انتفاء حل الدولتين، وتجاهر بتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية، وتحجب الأموال عن السلطة. ونتنياهو أعلن؛ لا سلطة ولا فتح ولا حماس.

 

لأبو مازن مخططاته ولتحقيقها يستعجل سحب السلاح وتصفية فصائل المقاومة في الداخل والخارج ويرغب ذلك قبل أن ترسو حرب غزة على نتائج يحسب أنها لن تكون في صالحه

 

أبو مازن شغوف بتجريد الفلسطينيين من السلاح في فلسطين وغزة، ومنطقي أن يستعجل تسليم السلاح خارج فلسطين. وقد ترافق زيارته لدمشق مع قرار من الجولاني بمنع الفلسطينيين من ممارسة أية أنشطة في سورية، ومصادرة المكاتب والممتلكات والمعسكرات، واعتقال قادة الجهاد الإسلامي، وتوقيف أمين عام الجبهة الشعبية القيادة العامة. وأعلن الجولاني ووزير خارجيته سعيهم لعلاقات مع إسرائيل، ووهبوها الجولان وجبل الشيخ وثلاثة محافظات في الجنوب والغرب، والأخطر حولوا سورية إلى محمية إسرائيلية بالتفاهم والتقاسم مع أردوغان.

لأبو مازن مصالحه ومخططاته ومشاريعه. ولتحقيقها يستعجل سحب السلاح، وتصفية حماس والجهاد والفصائل المقاومة في الداخل والخارج، ويرغب ذلك قبل أن ترسو حرب غزة على نتائج يحسب أنها لن تكون في صالحه، وقبل أن تستقر الأمور والتطورات في سورية ولبنان، ويتقرر مستقبل سلاح حزب الله.

 

في لبنان جهات أكثر حماسةً لتصفية السلاح المقاوم عند اللبنانيين والفلسطينيين، وجهات ووسائل لا شغل لها إلا النفخ في الرماد، وإشعال الحرائق وتصعيد اللهجة والتصرفات العنصرية وتعتاش عليها، فليس لها من شغل أو استهدافات أو عناوين وشعارات سواها. وقد اختبرت ولم تنتصر في أي من حروبها وفتنها، ولا صدقت أي من شعاراتها وأهدافها.

لبنان والمخيمات هما المعنيان بالأمر، ويجب البحث عن حلول إبداعية لا تلحق بأي منهما الضرر، بعيداً عن حاجات أبو مازن أو أوهام تلك الجهات.

نعم؛ السلاح في المخيمات بعد هزيمة منظمة لتحرير ورحيلها من لبنان لم تعد له وظيفة، وكثيراً ما صار عبئاً على الفلسطينيين والمخيمات، وزاد في الأمر سوءً أن لا فصائل المقاومة الفلسطينية ولا حزب الله نجح بتوفير وظيفة وطنية لبنانية وقومية تحريرية للسلاح. وخاصة السلاح الفلسطيني في المخيمات ولم يسعى أحد لتأمين مكانة ودور للمخيمات ولفلسطيني لبنان والشتات، ليكونوا رصيداً وداعماً منخرطاً في إسناد الضفة وغزة. وما المشاركات المحدودة في حرب إسناد غزة التي خاضها حزب الله إلا محاولة استلحاق متأخر وبلا جدوى أو نتيجة يعتد بها.

اللاجئين الفلسطينيين تمسكوا بالسلاح خوفاً من المجازر بعد مجزرة صبرا وشاتيلا أثناء الاجتياح 1982 وحملات الاستهداف العنصرية تزيد من خوفهم

المخيمات واللاجئين الفلسطينيين تمسكوا بالسلاح خوفاً من المجازر والترحيل بعد مجزرة صبرا وشاتيلا أثناء الاجتياح الإسرائيلي ١٩٨٢ بعد رحيل مسلحي منظمة التحرير، ومقابر الآلاف من العزل شواهد حافزة.
وحملات الاستهداف العنصرية تزيد من خوفهم، والإجراءات التعسفية واللامنطقية التي يتعرض لها الفلسطينيون في المخيمات وخارجها، وعسف الإجراءات الرسمية وحرمانهم من أبسط الحقوق تزيد من المخاوف، ومن حالة الرهاب التي يعيشونها.

والدولة العاجزة والمنهارة مؤسساتها، والمنظومة التي أفقرت الجيش والمؤسسة العسكرية، وقد حولتها إلى متسول أُممي لتأمين الرواتب وأبسط الحاجات، وتراجع هيبة الدولة والثقة بها عند اللبنانيين، انعكس أيضاً بتمسك الفلسطينيين بالسلاح. وأَمنت الشروط لتحول بعض المخيمات إلى مرتع عصابات المتاجرة بالممنوعات، وترويج المخدرات، واحتضان الخارجين عن القانون، وملجأ للجماعات الإسلامية المطاردة والمتهمة.

 

العهد الجديد؛ وعقلانية فخامة الرئيس القادم من المؤسسة العسكرية، وقد أَمنَّها وحماها، وبالتفاهم مع المقاومة أَمنَّ السلم الأهلي ومرر أخطر مراحل الخطر على لبنان نظاماً وكياناً وسلماً أهلياً. وخطاب قائد الجيش وإشادة أمين عام حزب الله به، والأمل المرسوم على العهد، تشكل بارقة أمل وحوافز اطمئنان عند اللبنانيين ومنطقي عند الفلسطينيين.

يزيد في انتفاء الحاجة لسلاح المخيمات الجاري من تفاهمات ومناخات عن معالجة سلاح المقاومة اللبنانية والأحرى الفلسطينية وحماس والجهاد. الفصائل الأكثر فاعلية في المقاومة الفلسطينية على درجة عالية من التعقل والحرص على العلاقات اللبنانية الفلسطينية، ولم يسجل عليهما ارتكابات بالسلاح أو بالسياسة.

الظروف والمعطيات والبيئات تؤهل المسألة للحلول وتتوفر شروطها وأطرافها.
غير أنَّ الحلول الممكنة والمنطقية يجب أن تجد نفسها وطرائقها بإجراءات وعبر أدوات مختلفة.

 

الاستعجال والاستسهال والاستجابة لضغوط أبو مازن أو جماعات عنصرية لبنانية، وارتكاب دعسات ناقصة في قضية سلاح المخيمات، قد تصير شرارة تستعجل إلهاب الحقل اليابس وقد تؤدي إلى تفجير السلم الأهلي

ليست سلطة أبو مازن الجهة الصالحة، ولا تشكيلاتها التي فوضت في المخيمات وثبت عجزها بل تحولها إلى جزء من المشكلة، ولا مونة لها وعاجزة عن فرض اتفاقاتها مع الدولة، وإحداث توازنات، ونموذج مخيم عين الحلوة ماثلٌ أمام الجميع.

فحماس والجهاد مستعدون؛ لكنهم لا يتصرفون في مخيمات لبنان بأنهم مسيطرون أو قادرون، ولا الدولة تفاوضهم، إلا أنَّ قضية سلاحهم ممكن ببساطة معالجتها.

أين يكمن الخطر؟
بعجز أجهزة سلطة أبو مازن.
باختلال التوازنات في المخيمات لصالح الجماعات الإسلامية المطاردة، وغير القابلة للتفاوض والتسليم.
فالجماعات المتشددة في المخيمات باتت تستند إلى بيئة ربما تناصرها بالجماعات المتشددة والخلايا النائمة، وغالبها بايع أبو محمد الجولاني في سورية.
وكثيرا ما نسمع ونقرأ عن تصريحات لممثليها يطالبون بجعل لبنان محافظة سورية.
وبالأمس أُعلن عن منظمة متشددة تحمل اسم الشيخ “الأسير” السلفي، صاحب الباع الطويل بالتعدي على الجيش والدولة، والمحكوم في السجون اللبنانية. وقد انطلقت حركته من صيدا، وساندتها فصائل متشددة في عين الحلوة.

الاستعجال والاستسهال والاستجابة لضغوط أبو مازن، أو جماعات عنصرية لبنانية، وارتكاب دعسات ناقصة في قضية سلاح المخيمات، قد تصير شرارة تستعجل إلهاب الحقل اليابس، وقد تؤدي إلى تفجير السلم الأهلي وسوق البلاد إلى فوضى لا تحمد عقباها.
فالعهد مازال في أشهره الأولى والإصلاح متعثر، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية إلى تفاقم، ولا أموال من الخليج أو الخارج، ولا فرص للعلاج الاقتصادي، والتهويل والضغوط والعنصرية التي تستهدف الشيعة “زيت وبارود” إذا اقتربت منه نار قد يطيح بكل شيء ولو عن غير قصد أو مصلحة.
الحل قد يكون بتفويض الرئيس وقائد الجيش، وجعل سلاح المخيمات وسلاح حزب الله موضوع واحد ومتكامل.

المطلوب لتجنب الخطر

والمطلوب فوراً من الحكومة وأجهزة السلطة والبرلمان؛ استصدار قوانين وإجراءات لإنصاف الفلسطينيين وتأمينهم والتعامل معهم كبشر، وكجالية تؤَمَن حقوقها بالقدر الذي لا يوفر أية فرصة أو دلالة للتوطين أو التهجير القسري.
التفاعل الخلَّاق مع فاعليات المخيمات وسكانها، لتجفيف مستنقع الجماعات المتطرفة، ودفع المخيمات لرفضها وطردها.
تفاهمات وعمل مشترك بين ممثلي المقاومة اللبنانية والفصائل الفلسطينية المقاومة، والعمل الدؤوب لتوفير شروط سحب السلاح، مقترناً بتأمين الحاجات والاستجابة للمطالب.
سوى ذلك؛ يبقى الخطر قائماً، والعبث بالمخيمات كاللعب بالمتفجرات.

*كاتب ومحلل سياسي لبناني

قد يعجبك ايضا