المصدر الأول لاخبار اليمن

ثمن باهض لرفع العقوبات.. كيف تحول سلطة الشرع الاقتصاد السوري إلى رهينة لدى واشنطن؟

خاص / وكالة الصحافة اليمنية //

 

في الـ 30 من يونيو الماضي، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقّع أمرًا تنفيذيًا بإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا، وهو ما أثار العديد من الأسئلة حول الثمن الذي دفعته حكومة الشرع مقابل هذا القرار، والذي لم يكن بدافع إنساني كما تم تصويره في الإعلام الأمريكي.

اليوم، وبعد مضي ما يقارب الشهرين على هذا القرار، بدأت الأمور تتكشف عن الثمن الذي دفعته حكومة الشرع مقابل هذا القرار، وهو تحويل الاقتصاد السوري إلى رهينة لدى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق تسليم أهم مورد استراتيجي في سوريا – قطاع النفط والغاز – لشركات أمريكية، وتحويل سوريا إلى تابع اقتصادي بالكامل للولايات المتحدة الأمريكية.

ووفق ما نشرته وكالة “رويترز” نقلاً عن الرئيس التنفيذي لشركة أرجنت الأمريكية للغاز الطبيعي المسال جوناثان باس، فإن شركات (بيكر هيوز) و(هانت إنرجي) و(أرجنت) ستعدّ خطة شاملة لقطاع النفط والغاز وتوليد الكهرباء في سوريا في ما أسماه شراكة تهدف لإعادة تأسيس البنية التحتية للطاقة في سوريا.

 

شراكة أم إستحواذ

 

بعكس ما صرح به جوناثان باس بأن عمل شركات الطاقة الأمريكية في سوريا سيكون في إطار الشراكة، أثبت التاريخ أن الشركات الأمريكية لا تدخل لاستثمار الثروات لصالح الشعوب، بل لتنفيذ أجندات استراتيجية تجعل من الطاقة أداة هيمنة طويلة الأمد من خلال شبكة مصالح عميقة لأمريكا في قلب البلدان، تجعل من قرار الدول الاقتصادي والسياسي رهينة للولايات المتحدة الأمريكية.

فبعد غزو العراق في العام 2003، أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الأمر التنفيذي 13303 الذي منح الحماية القانونية التامة لأموال النفط العراقية والممتلكات المرتبطة بها لصالح الشركات الأمريكية، حيث بدأت الشركات الأمريكية بالنفوذ إلى قطاع النفط بشكل غير مسبوق وحصلت على عقود ضخمة لتطوير الحقول النفطية، التي تورد عائداتها إلى حساب خاص في البنك الفيدرالي الأمريكي، وبذلك أصبح العراق اقتصاديًا رهينة للشركات الأجنبية، رغم امتلاكه لثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم.
ورغم مرور أكثر من عقدين على الغزو الأمريكي للعراق، إلا أن البلاد لم تتحرر من الهيمنة الأمريكية، بل انتقل الاحتلال من صورته العسكرية إلى استعمار اقتصادي ممنهج، جعل من العراق دولة مرهونة القرار والسيادة، حيث أحكمت الولايات المتحدة، عبر أدواتها الاقتصادية من شركات نفط عملاقة، ومؤسسات دولية كصندوق النقد والبنك الدولي، قبضتها على الاقتصاد العراقي، وفرضت عليه نموذجًا من التبعية المالية والسياسية، تحت عنوان “الإصلاح وإعادة الإعمار” ليصبح العراق رهينة للاستعمار الاقتصادي الجديد، الذي استبدل الدبابات بالعقود، والجيوش بالشركات.
والواقع يشير إلى أن العقوبات الأمريكية لم تُرفع بالكامل عن سوريا بل تم تجميدها مقابل تنازلات استراتيجية، أولها تسليم قطاع الطاقة، وهو ما يعني نية واشنطن لإبقاء سيف العقوبات مسلطاً على سوريا وإجبارها على تسليم قطاعات اقتصادية أخرى للشركات الأمريكية، بما يحقق تبعية سوريا الاقتصادية لأمريكا وضمان التحكم بقرارها السياسي، ما دام أن هناك حكومة في دمشق مستعدة لتمكينها من تحقيق ذلك.

 

من النهب إلى الاستحواذ

 

منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا عام 2014، تحت ذريعة “محاربة داعش”، حوّلت الولايات المتحدة شرق الفرات إلى مستعمرة اقتصادية وعسكرية، حيث تحتل أهم حقول النفط والغاز (مثل العمري والتنك ورميلان) التي تُشكل 90 في المئة من احتياطي سوريا النفطي.

والحقيقة أن  الوجود الأمريكي في سوريا لم يكن  يومًا لأهداف إنسانية أو مكافحة الإرهاب كما تدّعي واشنطن، بل ارتبط منذ الوهلة الأولى بالسيطرة على ثروات البلاد، خصوصًا في الشمال الشرقي الغني بالنفط، حيث كانت القوات الأمريكية، بالتعاون مع مسلحي “قسد”، تنهب بشكل يومي النفط السوري وتنقله إلى العراق عبر معابر غير شرعية، في واحدة من أكثر عمليات النهب العلني فجاجة في التاريخ الحديث.

 

تبعية طويلة الامد

 

تسوّق حكومة أحمد الشرع ( الجولاني) لقرار رفع العقوبات الأمريكية على أنه انتصار سياسي، وهذا ليس حقيقيًا؛ فحكومة الشرع بتسليمها قطاع النفط والغاز للشركات الأمريكية مقابل رفع العقوبات، تخلت عن أهم أداة للاستقلال الاقتصادي وإعادة إعمار عقد من الحرب والدمار، وجعلت من قرار سوريا الاقتصادي والسياسي رهن التوجهلت الأمريكية، تتحكم فيه كما تشاء، وبذلك أسهمت في تحقيق واشنطن لهدفها بتحويل سوريا إلى تابع إقتصادي وسياسي.

قد يعجبك ايضا